اعتاد المصريون في المناسبات المختلفة تناول وجبة الفسيخ، وهو نوع من أنواع السمك المملح، والذي ينشط بيعه في فترات الأعياد، ومع اقتراب عيد الفطر المبارك يكثر الحديث عن الفسيخ وكيفية التناول الآمن له.
وبحسب المركز القومي للسموم فإن الدولة المصرية تتكبد ملايين الجنيهات كل عام لتوفير الحقن الخاصة بعلاج حالات التسمم الناجمة عن تناول الفسيخ.
من جانبها قالت الدكتورة شيرين زكي وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين ورئيس لجنة سلامة الغذاء بالنقابة، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن تناول الفسيخ من الممكن أن يؤدي للتسمم البولتيزمي، وهذا النوع من التسمم يسبب شللا في العضلات الرخوة ومنها عضلات التنفس وليس له ترياق، ويصعب جدا إنقاذ المصاب لو مر وقت على إصابته.
الفسيخ الصالح للأكل والفسيخ الضار
وأضافت الدكتورة زكي أن: "البعض يستغرب من حديثي عن وجود فسيخ صالح للأكل وفسيخ غير صالح، ويعتقدون أن الفسيخ هو سمك متحلل وبه نوع من التعفن، وهذا كلام يدل على جهل بهذا الموضوع، فالفسيخ يعتمد في تصنيعه على التخمر وليس على التعفن والتحلل، وهناك فارق كبير بينهما، فعملية التخمر هي قيام بكتيريا غير ضارة بالتكاثر وإطلاق أحماض تعمل على نضج الأنسجة، أما التحلل فهو أمر آخر تسببه بكتيريا ضارة تدخل في إطار التسمم الغذائي، وحتى البكتيريا النافعة في ظروف تخزين غير ملائمة أو تصنيع ملوث أو استخدام مادة غذائية غير صالحة للتصنيع، تنقلب إلى بكتيريا ضارة".
وبينت أن: "الفسيخ الذي نشتريه يتأثر بظروف التصنيع وظروف التخزين، وفي الماضي كان يتم تخزين الفسيخ في البراميل الخشب، وهي كانت أفضل الطرق لذلك، بسبب سماحها بدخول الهواء للفسيخ، فالتسمم البولتيزمي الغذائي يكون ببكتريا لا هوائية تُعرف باسم كولستريديم بوتيلينيم (Clostridium botulinum)، وهي تنمو في ظروف لا يتوفر فيها الهواء والأكسجين، وبالتالي تخليل الفسيخ في الصفائح المعدنية والأواني محكمة الغلق، مع وجود تلوث وعدم نظافة من الأساس في المنتج يؤدي للتسمم البولتيزمي، وهو من أنواع التسمم الخطيرة جدا، لأنه يؤثر على العضلات الرخوة والمراكز العصبية ويبدأ بدوار ودوخة وعدم اتضاح الرؤية مع ثقل اللسان وعضلات الأطراف وإذا لم يتم إجراء الإسعافات الأولية للمريض في المستشفى قد يؤدي إلى الوفاة".
كيفية تمييز الفسيخ الصالح للأكل
وحول كيفية معرفة الفسيخ الصالح للاستهلاك الآدمي قالت الدكتورة زكي: "في البداية يجب على الإنسان الشراء من الأماكن الموثوقة، وتجنب من يبيع في صفائح طالها الصدأ، أو من الباعة الجائلين، أو المحال التي لا تتوفر فيها الاشتراطات الصحية، ثم فحص السمكة نفسها فلون اللحم يجب أن يكون ورديا، مع ضرورة الابتعاد عن الأسماك ذات اللون البني أو الأسود أو الرصاصي، كما يفضل ألا يوجد في الأسماك المملحة أي تشققات، والابتعاد عن الأسماك المنتفخة، كذلك الملمس المهترئ فلا يجب أن يترك أصبعي مكانا غائرا في السمكة عند الضغط عليها، كما أن الرائحة المميزة لسمك الفسيخ تختلف تماما عن رائحة التعفن، وهو أمر يستطيع من يأكلون الفسيخ تمييزه".
تأثير مدة التمليح
وتابعت الطبيبة البيطرية بالقول: "مدة التمليح مهمة للغاية وتؤثر على حالة الفسيخ، فبعض النساء يحبون شراء فسيخ مدة تمليحه قليلة تكون عشرة أيام أو أسبوعين، وهذا في منتهى الخطورة، لأن التمليح الصحيح للفسيخ حوالي شهر أو أكثر من شهر في حالة الأسماك الكبيرة، لأن الكمية الكبيرة من الملح وطول فترة التمليح تقضي على أي ملوثات أو نمو بكتيري غير مرغوب به، حيث أن التمليح وسيلة لحفظ الطعام منذ قديم الأزل، لكن في المواسم نجد المحال فيها نوع من التسرع وتنتج فسيخا مدة تمليحه قليلة، مع أن الملوحة الزائدة هي أفضل صحيا، ويمكن التغلب على الطعم المالح بغسل السمك أو وضع قليل من الخل أو الليمون والطحينة والبصل لتخفيف الملوحة".
التجميد والتسخين
وتبين الدكتورة شيرين زكي أنه: "يفضل وضع الفسيخ المملح، أو السمك المدخن مثل الرنجة في الفريزر لمدة 48 ساعة قبل الاستهلاك، وذلك للقضاء على أي حويصلات قد تنتقل للإنسان ومنها الديدان الشريطية، أو تعريض هذه الأسماك للحرارة، فبعض الشعوب تقلي هذه الأسماك في زيت أو تضعها في الأفران أو يتم طهيها، وهذه وسائل لحماية الإنسان من الطفيليات التي قد توجد بها".
الفئة العمرية
وتشدد وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين في مصر على أن هناك فئات عمرية لا يفضل أن تتناول الفسيخ، وإن حدث يجب أن تكون بكميات قليلة للغاية، وهم الأطفال، وكبار السن، والحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة، وأصحاب أمراض الكلى والكبد، بسبب ضعف مناعتهم، كما يفضل تناول الخضروات الطازجة بكميات كبيرة وشرب كميات كبيرة مع تناول الفسيخ لتقليل أضراره.