كشفت صحيفة عبرية، عن وجود مخاوف كبيرة لدى المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية من حرب دينية، مؤكدة أن قائد حماس في غزة يحيى السنوار، قام بخطوة ذكية في القدس والضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت "يديعوت أحرنوت" في خبرها الرئيس الذي أعده يوسي يهوشع، أن موجة العمليات الحالية، هي "جزء من جولات القتال في العقود الأخيرة في عموم الساحات، والعامل الخارجي القوي ما بين 2021 و2022 هو الدين، والتخوف المركزي في جهاز الأمن هو من مثل هذا الاشتعال".
عيون مفتوحة
وذكرت أن أحد منفذي عملية "إلعاد" وهو من سكان جنين، "ترك وصية يُفهم منها، أن السبب الذي جعله هو ورفيقه يخرجان لتنفيذ العملية، هو المس بالمسجد الأقصى".
وبحسب الصحيفة، أظهرت التحقيقات مع منفذي عملية "أرئيل" أيضا "صورة مشابهة جدا، وكان دافعهما الأساس، ما يحدث في القدس (انتهاكات الاحتلال)"، منوها إلى أن "التحريض الذي أشعلته حماس نجح وهو أخطر بكثير، وفي الجيش يخشون أن هذا من شأنه أن يشعل حريقا إقليميا، ولهذه الحرب تحاول حماس أن تضم العرب بالداخل".
ولفتت إلى أن من بين الاستنتاجات التي خرج بها المسؤولين في جيش الاحتلال عقب العدوان الأخير على غزة العام الماضي، أن "السنوار يستعد لليوم التالي لرئيس السلطة محمود عباس، ويود أن يتحكم في الضفة الغربية عن بعد، كما أن السنوار يريد أن يسخن القدس، فالوضع الذي يوجد فيه مريح له جدا؛ بأن يقود التصعيد مع بوليصة تأمين".
ورأت أن "الانشغال التكتيكي في عملية "إلعاد" هام وصحيح، لكن مطلوب نظرة أوسع، بعيون مفتوحة إلى السياسة الإسرائيلية تجاه عموم الأعداء من الخارج ومن الداخل، وعلينا أن نفهم أنه إذا لم تتغير السياسة، فإن الثمن الذي سندفعه سيكون باهظا وأليما. ما حصل منذ عدوان 2021 على غزة، هو تنفيذ السياسة الإسرائيلية التي يدفع بها الجيش و"الشاباك" إلى كل الحكومات الأخيرة، وكلها تبنتها؛ أي شراء الهدوء بكل ثمن تقريبا. وفي غزة استغل هذا السنوار لتعاظم القوى وتحسين الوضع الاقتصادي، لكنه نفذ خطوة ذكية أخرى؛ هي التحريض على تنفيذ العمليات في الضفة والقدس، ونجحت هذ الخطوة وبنته كزعيم إقليمي، بالتوازي مع الحصانة التي تلقاها من إسرائيل".
وأضافت: "لأجل الحفاظ على الحصانة، سيحافظ على الهدوء من غزة، وألا يعطي شرعية لإسرائيل لجباية ثمن في الساحة المريحة لها نسبيا".
عزل الساحات
وأفادت "يديعوت"، بأن "تقويمات الوضع التي جرت في "الكريا" (مقر وزارة جيش الاحتلال) لا تزال لا تبشر بسياسة إسرائيلية مختلفة تجاه موجة العمليات هذه، فالجيش و"الشاباك" لم يوصيا بجباية ثمن آخر من حماس غزة، ووزير الأمن بيني غانتس، مثل رئيس الوزراء نفتالي بينيت، يواصلان تأييد سياسة عزل الساحات، كما أن الساحة الإسرائيلية الأمنية والسياسية، فقد تحدثت بصوت واحد وبموجبه يجب الحفاظ على الهدوء حتى بثمن احتواء الأحداث منعا لحدث متعدد الساحات".
وأكدت أن "السنوار الذي يعرف جيدا السلوك الإسرائيلي، ناور على نحو صحيح وحشر إسرائيل في فخ"، مضيفة أن "بينيت يعرف أن فتح جولة قتال من خلال تصفية السنوار، معناه إسقاط فوري لحكومته، وبالمقابل، يعرف بينيت أيضا أن سجل نهاية كهذا كفيل بأن يساوي بضعة مقاعد".
ونبهت إلى أن "قرارات كهذه لضربات بدء وتصفيات في غزة، تتخذ في خداع تام، وليس كما يجري الآن"، منوهة إلى أنه "حينما سمع أحد أصحاب القرار الأكبر المداولات حول تصفية السنوار تساءل: لماذا ليس محمد الضيف (قائد كتائب القسام)؟؛ هو رمز أكبر، وهو الرجل الذي أشعل "حارس الأسوار" (معركة سيف القدس كما أطلقت عليها المقاومة) بمكالمة واحدة مسجلة، وبالتالي فإنه إذا كان لا بد من إخراج أحد ما من المعادلة، فهو قبل الكل".
وزعمت أن "قيادة الجيش ترفض كل تصفية تولد عملا فلسطينيا أكبر، ويذكرون تصفيات ناجحة، ولكنهم لا يؤيدون الخطوة في هذه المرحلة، وللدقة، فإنه في بداية اليوم الخامس للعدوان على غزة، قال مسؤولون في الجيش لرئيس الوزراء في حينه بنيامين نتنياهو، إنهم من ناحيتهم يمكن التوقف، لكن نتنياهو ضغط للمواصلة وطالب بجلب واحد من أحد الرأسين، إما السنوار أو الضيف، الجيش و"الشاباك" حاولا إحباطهما مرات عديدة مع التركيز على الضيف، ولكن بلا نجاح".
وتساءلت: "ما هو الرد الذي يقترحه الجيش؟ الأول إلقاء "بطانية تبريد" على شعلة الحرب الدينية، والقيادة السياسية يجب عليها أن تعمل في هذا الموضوع حتى بثمن دور أردني في ترتيبات اقتحامات الحرم، والخطوة الثانية مواصلة عزل الساحات بين غزة والضفة الغربية، لقد دخلنا إلى عصر جديد، حرب دينية تتفاعل فيها كل الساحات، وهذا يتطلب التفكير في الطريق الصواب الذي ينبغي أن نعالجها به".
سياسية الاحتواء
ولفتت إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، اعترف علنا بعد عملية "إلعاد" بفشل الجيش، منوهة إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ستمارس المزيد من الضغط على الضفة الغربية المحتلة، وتزيد من الاعتقالات، في محاولة لمواجهة العمليات.
وأوضحت "يديعوت"، أنه "بعد البحث في موقف الجيش، فإن هناك حاجة لنظرة عليا على المستوى الاستراتيجي في مفهوم الاحتواء المطلق، والذي لا ينجح حتى عندما تنتهي هذه الموجة، وفي الجيش لا يقدرون أن هذا سيحصل قريبا، ينبغي البحث في الموضوع بعناية والاستعداد بما يتناسب مع ذلك، ومن يحاول شراء الهدوء بكل ثمن، سيحصد عاصفة في المدى البعيد، وهذا صحيح لحماس، لحزب الله ولنضال العرب في الداخل الذي رفع رأسه. عندما يفهم الأعداء أن إسرائيل تريد الهدوء بكل ثمن، فإن دوافعهم للتعاظم وللمواجهة تزداد".
وقالت: "من يعتقد أن الهدوء هو فقط بسبب الردع الاسرائيلي يخطئ خطأ جسيما، فحزب الله مثلا، تعاظم بضعة أضعاف منذئذ وتوقيت الحرب هو حاليا له ولسيده، وإذا ما سرنا إلى الخلف قليلا إلى عام 2000، حين هربت إسرائيل من هناك، واتخذت سياسة احتواء مطلق حتى 2006، سيئة لدرجة أنها وضعت الجمهور أمام الجنود ووصلت مع جيش غير مستعد وغير مدرب للمواجهة، وهربنا من الحرب في لبنان، احتوينا بلا نهاية، لم نستعد ولم نتدرب، فتلقينا حرب لبنان الثانية ونحن غير جاهزين".
وشددت الصحيفة على وجوب أن تكون "المبادرة بيد إسرائيل، وألا ندخل لحرب زائدة، وألا نهرب منها بكل ثمن، لأنك حين تبث للأعداء أنك لا تريد مواجهة بأي شكل، حينما تتلقى عمليات وبناء قوة أكثر للمواجهة التالية تمسك بك في الوقت الأقل راحة بالنسبة لك".
وأشارت إلى أنه "كان ينبغي على الجيش والشرطة أن يستكملا بناء قوة جديدة تتناسب والتهديدات بعد عدوان 2021 على غزة، وليس فقط بناء الخطط، فجهاز الشرطة أصغر من المهمة التي يقف أمامها، عناصرها متوترون، وقادتها منشغلون باستنتاجات لجنة التحقيق الحكومية للمصيبة التي وقعت قبل سنة".