مع التعثر الحاصل في مفاوضات فيينا حول اتفاق إيران النووي، تتزايد التحذيرات الإسرائيلية مما تسميه "المراوغة" الإيرانية، التي قد تسفر عن انهيار الاتفاق، مما يستدعي أن يبقى النوم بعيدًا عن أعين صناع القرار الإسرائيلي، وقد يتطلب استعدادًا مكثفًا لخيار عسكري يتم استدعاؤه في أي لحظة.
تتزامن هذه التحذيرات الإسرائيلية مع ما شهدته الأيام الأخيرة من نشر المزيد من التقارير عن مقتل عدد من المسئولين والضباط والعلماء النوويين الإيرانيين، بعضهم ارتبطت أسماؤهم بتصنيع الطائرات بدون طيار، ومشاريع الصواريخ الدقيقة، دون إعلان إسرائيلي رسمي عن مسئوليتها المباشرة عن هذه الاغتيالات، مما يعني استمرارا لسياسة الغموض التي تتبناها دولة الاحتلال منذ عقود، رغم "ثرثرات" بعض مسئوليها لحسابا مصلحية وحزبية، ومنهم رئيس الحكومة نفتالي بينيت ذاته.
الجنرال تامير هايمان، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، والرئيس الحالي لمعهد دراسات الأمن القومي (INSS) بجامعة تل أبيب، كشف أن "إيران تتحدى إسرائيل من خلال قناتين رئيسيتين: أولاهما طموحها لامتلاك أسلحة نووية، مما قد يتطور ليصبح أخطر تهديد استراتيجي لدولة الاحتلال، وثانيهما نشاطها المتزايد في المنطقة، وزيادة نفوذها الإقليمي، وتجهيز القوى المعادية في المنطقة بأسلحة متطورة كالصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "سلاح الجو الإسرائيلي يلاحق هذه المحاولات الإيرانية في القناتين معاً، صحيح أن الوجود الإيراني في سوريا لم يتم تهجيره بشكل كامل، لكن الرؤية الطموحة للجنرال الراحل قاسم سليماني انهارت، ورغم أن العودة للاتفاق النووي قد تزيد من تهديدات إيران وحلفائها في المنطقة، لكن المفاضلة بين الخيارات السيئة والأسوأ، تجعل إسرائيل لا تقبل وضعا تحوز فيه ايران سلاحا نوويا، لأنه سيحد من قدرتها على التصرف، ويضع الشرق الأوسط في سباق تسلح نووي، مما يتعين عليها استغلال الوقت لتعبئة شرعية دولية واسعة في حالة انتهاك إيران للاتفاق".
في ذات الوقت الذي تعبر فيه دولة الاحتلال عن مخاوفها المزعومة من القناتين التي تعمل إيران من خلالهما في المنطقة، فإنها لا تخفي توجهاتها عن الاستعداد لخيار عسكري قد يكون مطلوبا في أي لحظة، يفضل أن يكون بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تخوفا من احتمال الانزلاق إلى حرب إقليمية، تزامنا مع التصريحات الصادرة في الأيام الأخيرة من الإدارة الأمريكية التي تلقي باللائمة في فشل المحادثات على الإيرانيين.
يدرك الإيرانيون والإسرائيليون أن الأمريكيين ليسوا متحمسين لخوض حرب واسعة النطاق، في ذات الوقت الذي يبدون فيه منخرطون جدا بالحرب الأوكرانية، مما يستدعي منهم إطفاء أي حريق قد ينشب بين طهران وتل أبيب، دون أن يضمن ذلك أن الأخيرة لن تذهب الى خيار عسكري انفرادي تجاه الأولى، مع إحاطة مسبقة لواشنطن، في حال ضمنت أن هذه المواجهة الثنائية لن تنزلق الى حرب متعددة الجبهات، وفي هذه الحالة سيكون الجميع أمام واقع جديد مختلف كليا عن سابقه.