قالت صحيفة "الغارديان"، في تقرير لها، إن إعدام الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة كشف عن تحيز في التحقيقات التي يجريها جيش الاحتلال الإسرائيلي حول الحالات التي يقتل فيها جنوده المواطنين الفلسطينيين.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن داليا السمودي قتلت في آب/ أغسطس 2020، عبر اختراق رصاصة لنافذة بيتها في مخيم جنين، بالضفة الغربية المحتلة، في أثناء عملية مداهمة لجيش الاحتلال لبيت قريب.
ونشرت الجزيرة في حينه تقريرا عن الحادث، وقال فيه شهود عيان إن داليا قتلت برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي أطلق النار على فلسطينيين كانوا يطلقون الحجارة.
وبعد عامين، أعلنت القناة عن مقتل الصحافية المخضرمة شيرين أبو عاقلة في مكان قريب من الحادث الأول، وفقا للصحيفة.
وذكرت الغارديان أنه رغم الأدلة غير المباشرة الجلية التي تشير إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول عن مقتل المرأتين، إلا أنه قام في البداية بتحميل المسلحين الفلسطينيين.
وقال زوج داليا، بسام السمودي: "كنت أقف بجانبها عندما حدث الأمر.. كانت داليا ترضع ابننا، وذهبت لكي تغلق النافذة لمنع تسرب الغاز المسيل للدموع.. والفلسطينيون في الشوارع لم يكن بيدهم أسلحة، وكان من الواضح ما حدث، وبعد عامين لا يزال التحقيق قائما، ولا أعرف ماذا يفعلون (الإسرائيليين)".
وحسب بيانات جيش الاحتلال، التي حصلت عليها منظمة حقوق الإنسان "ييش دين" بموجب حرية المعلومات، فإن القوات الاحتلال الإسرائيلية تحظى بحصانة شبه كاملة من المحاكمة في القضايا التي يتضرر بها الفلسطينيون على يد الجنود.
ومن بين القضايا التي أجري تحقيق داخلي فيها، في الفترة ما بين 2019-2020، لم تصدر إدانات إلا بنسبة 7.2% ونسبة 2% أدت إلى محاكمات المتهم، بينما كانت فرصة المحاكمة في الفترة ما بين 2017- 2018؛ 1.7%.
ورغم مقتل 47 فلسطينيا في الربع الأول من عام 2022، أي خمسة أضعاف الرقم في عام 2021، إلا أن عدد التحقيقات التي فتحها جيش الاحتلال الإسرائيلي تتراجع كل عام.
وقال الباحث في مركز ييش دين ، دان اوين، إن الأرقام تظهر أن آلية التحقيق التي يقوم بها الجيش ليست مناسبة، ولا يستطيع الجيش القيام بمهمة جيدة؛ لأنه يحقق في نفسه.
وأضاف: "عادة ما تكون الأحكام تتعلق بأمور مثل استخدام القوة بطريقة غير قانونية، أو الاستخدام غير الصحيح للسلاح، وليس القتل أو القتل غير العمد، وعادة ما يقضي الجنود الأحكام عدة أشهر وهم يشتغلون في عمالة يدوية داخل القواعد العسكرية".
وتابع: "في كل عام يحصل الجيش على بيانات أحسن، وهناك فرصة أفضل لو تقدم الفلسطينيون بشكاوى تقود إلى إدانة ويتم تنفيذها بسرعة، لكن الهدف الإجمالي ليس تحقيق العدالة، بل منع النقد الداخلي والخارجي".
وقال جيش الاحتلال إنه فتح تحقيقات عملياتية أولية في كل الحالات التي قتل فيها فلسطينيون بالضفة الغربية، إلا حالة حدثت الوفاة في أثناء مواجهات مسلحة.
وبناء على النتائج الأولية، يقرر محامو الجيش فيما إن كانت هناك حاجة لفتح تحقيق جنائي.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز في النظام القانوني الإسرائيلي إن "موت فلسطيني في الضفة الغربية يثير بشكل عام الشكوك بنشاط إجرامي، وهو ما يؤدي إلى تحقيق جنائي مباشر، وفي حالة لم يكن هناك تحقيق جنائي مباشر، فإننا ننتظر نتائج الفحص العملياتي، ونجمع موادا إضافية، وبعدها نقيم إن كان هناك شك كاف بجريمة".
وفي حالة المواطنة الفلسطينية- الأمريكية أبو عاقلة، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي قال إن تحقيقا جنائيا مباشرا لن يتم فتحه؛ لأنها قتلت في "وضع قتالي نشط"، مع استمرار التحقيق العملياتي.
وانتقدت "إسرائيل" السلطة الفلسطينية بعدم التعاون في التحقيق أو تقديم أدلة مثل الرصاصة التي قتلتها، فيما طالبت إدارة بايدن ومجلس الأمن الدولي بتحقيق شفاف.
وفي أيار/ مايو، أضيف مقتل أبو عاقلة للشكوى القانونية التي قدمت للمحكمة الجنائية الدولية، لاتهام قوات الاحتلال الإسرائيلية باستهداف الصحافيين الفلسطينيين بشكل منظم، في خرق واضح للقانون الدولي.
وحسب المركز الفلسطيني للتنمية وحرية الإعلام، قتل 30 صحفيا في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 2000، من دون أي إدانة لجنود الاحتلال.
وقال أوين: "لا نواجه حالات مهمة مثل شيرين"، مضيفا أنه "لن يتم التحقيق إلا في حالة تم التقاط الجريمة على الكاميرا ودون أي ذرة شك، ورغم هذا، فإن البيانات المتوفرة لنا تشير مرة بعد الأخرى إلى أنه حتى عندما يتم التحقيق، فلن يقود إلى العدالة".