عقد الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الجمعة الماضي، اجتماعًا مغلقًا بمستشفى أوغستا فيكتوريا – المُطلع - مع رئيس وأعضاء شبكة مستشفيات شرق القدس المحتلة، وذلك ضمن زيارته للأراضي الفلسطينية، في زيارة تعتبر الأولى من نوعها يقوم بها رئيس أميركي لإحدى المستشفيات القدس المحتلة، الأمر الذي أثار حفيظة الجانب الإسرائيلي وخاصة الاجتماع المغلق.
ونقل أعضاء الشبكة رسالة واضحة خلال الاجتماع بالرئيس الأميركي الذي دام نحو 25 دقيقة مفادها أن القدس مدينة محتلة وأن أهلها جزء من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة المحاصر يعيشون تحت الاحتلال، ويتوقون ليوم الخلاص منه والعيش بحرية وكرامة في الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
واستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن، كل من رئيس شبكة مستشفيات شرق القدس عبد القادر فيصل الحسيني، وسكرتير الشبكة المدير التنفيذي العام لمستشفى المُطّلع الدكتور فادي الأطرش، ومدراء مشافي القدس الشرقية كل من الدكتور عدنان فرهود، والدكتور عبد الله صبري، والدكتور أحمد معالي، وجميل كوسا والسيدة فيوليت مبارك.
وعن فحوى الاجتماع المغلق الذي سبق المؤتمر الصحفي للرئيس الأميركي، قال رئيس شبكة المستشفيات الحسيني لـ"صحيفة القدس"، "لقد تم التأكيد على البعد السياسي لهذه الزيارة وأهميتها، في ظل الشعور الفلسطيني أن قضيته قد همشت سياسيًا".
وأعرب عن أمله في أن تكون هذه الزيارة وتلك التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأميركي عن حل الدولتين باعثة للأمل وأفق جديد، وقال: "شعبنا يريد انهاء احتلال ولا يريد تحسين الحياة تحت الاحتلال، أكدنا له بأن القدس الشرقية مدينة محتلة، والاحتلال يمارس فيها كل أشكال الابرتهياد، على أبناء الشعب الفلسطيني الذي يتوق للحرية والاستقلال وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس".
وأضاف: "نأمل ان تكون هذه الزيارة بداية ومنطلق لمسار سياسي يفضي إلى إنهاء الاحتلال".
وفي رد على سؤال حول موقفه مما سمع، قال عبد القادر: "الرئيس الأميركي مستمع جيد وشعرنا أنه أنصت باهتمام، وكان دافئا في رده وشرح مواقف إدارته".
وعن الحديث المطول الذي أجراه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد اللقاء مع بايدن، أوضح عبد القادر: "لقد ركزت في الحديث مع الوزير بلينكن على أن القضية ليست مساعدات للمستشفيات ال 6 ودعم قطاعات معينة في القدس، بل ضرورة وقف الانتهاكات والاحتلال الإسرائيلي عن تهويد المدينة عن هدم المنازل واقتلاع المقدسيين والاستيطان وتهويد المدينة وضرورة وقف هذا النظام العنصري الذي يستهدف وجودنا كفلسطينيين نتوق للحرية والاستقلال وبناء دولتنا وعاصمتها القدس".
بدوره قال الدكتور أحمد معالي مدير مستشفى العيون، "كان اللقاء مهما، وكل مدير مستشفى عرف عن نفسه ومستشفاه، والخدمات التي يقدمها، مع البعد والأهمية لهذه الزيارة للمستشفيات في المدينة المحتلة التي تعيش ظروفًا قاسية ومعقدة وإجراءات غير موجودة في أي دولة أخرى".
وأضاف معالي: "الرئيس الأميركي وعد بتقديم الدعم المالي الدائم والمستمر لمستشفيات القدس الشرقية، وأنه مع تطوير هذه المستشفيات وإنشاء أقسام جديدة ومختلفة فيها".
وأكد معالي أهمية هذه الوعود بالدعم الأميركي للمستشفيات في هذا الوقت تحديدًا، وقال: "إن كل مستشفيات شرق القدس تعاني من أزمة مالية خانقة، وليس لديها القدرة على سداد الديون المترتبة عليها للموردين، وغير قادرة على دفع الرواتب الشهرية للعاملين فيها".
وأضاف: "إن التعهد الأميركي بدعم وتطوير المستشفيات في القدس المحتلة جاء في الوقت المناسب لاستمرار تقديم الخدمات بالإضافة إلى تطوير المنشأة القائمة وبناء المزيد من الأقسام المهمة".
وحول طريقة دعم المستشفيات مباشر أم من خلال وزارة المالية الفلسطينية، قال معالي: "لم يتم بحث الآلية، ولكني اعتقد أنه ستتم من خلال وكالة التنمية الأميركية (USAD)".
ورداً على سؤال حول ديون مستشفى العيون في الشيخ جراح، قال معالي: "ديون المستشفى تتعدى 15 مليون شيكل، وفي تقديري ديون مستشفيات القدس المحتلة تزيد عن 100 مليون دولار مجتمعة".
ولفت إلى أن الرئيس الأميركي وعد بدعم مستمر لمستشفيات القدس لتتمكن من تقديم الخدمات الصحية المناسبة لأبناء الشعب الفلسطيني في المدينة.
وقال معالي: "إن الرئيس بايدن ركز في الاجتماع المغلق على الأمور الطبية والصحية وأهميتها مع رسالة واضحة بأن الجميع يجب أن يعيشوا بحرية وكرامة وهو ما فهمنا وأدركناه أن الرئيس الأميركي مازال يؤمن ويؤيد حل الدولتين".
سكرتير الشبكة المدير التنفيذي العام لمستشفى المُطّلع الدكتور فادي الأطرش، الذي ألقى الكلمة الترحيبية أمام الرئيس الأمريكي وأعضاء الوفد المرافق له، شدد على أهمية هذه الزيارة التاريخية لقطاع الرعاية الصحية الفلسطيني في القدس الشرقية، مشيرًا إلى الدور الأساسي لجميع الأعضاء الستة في الشبكة التي تقدم رعاية مكثفة وشاملة للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة بما في ذلك القدس الشرقية، هذا بالإضافة إلى دورها المحوري في تطوير قطاع الرعاية الصحية بأعلى معايير الجودة العالمية، وبأفضل الممارسات المهنية والدولية.
وأكد الدكتور الأطرش على مدى أهمية وضرورة الحفاظ على مستوى عالي من الاستدامة المالية بأعلى مستوى لهذه المستشفيات كي تقوم بدورها على أكمل وجه.
وقال الأطرش "إن الرئيس الأميركي تحدث عن أهمية المستشفيات والقطاع الصحي الفلسطيني في القدس الشرقية وهي رسالة مهمة، كذلك الإعلان عن الدعم يأتي بعد فترة طويلة من معاناة الشبكة من الديون الخانقة، ونأمل أن يكون هذا الإعلان بداية الخروج من هذه الأزمة".
وأضاف: "لدي شعور وأمل أن يكون هناك دعم من دول عربية، والدعم الأميركي 100 مليون مبلغ جيد للخروج من الأزمة، ولكن تحتاج المستشفيات لتواصل عملها الدعم الدائم للتشغيل والتطوير المستمر".
ورداً على سؤال حول ما نوقش في اللقاء المغلق مع الرئيس الأميركي قال الأطرش: "شكر على الدعم المالي وأهميته للمستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة، في ظل الاحتلال والتضييق على الفلسطينيين، كذلك شرحنا حاجة الناس للرعاية الصحية، وأهمية بث الأمل بأفق سياسي ينهي معاناتهم تحت الاحتلال وبناء الكينونة والدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
وأضاف: "إن كل أعضاء شبكة مستشفيات القدس نقلوا رسالة موحدة ضرورة انهاء الاحتلال، فالرئيس الأميركي أعلن عن الدعم المالي عبر وكالة التنمية الامريكية (USAD)، ووعد بتشجيع الدول العربية ودول مانحة أخرى على دعم المستشفيات الفلسطينية، كما أشار بايدن إلى أن دولة الامارات وعدت بتقديم 25 مليون دولار لمستشفيات القدس المحتلة".
وكشف الأطرش عن أن ديون مستشفى المطلع وحدها تتجاوز 250 مليون شيكل خلال العامين الماضيين، وقال: "إن فاتورة تشغيل مستشفى المطلع عالية جدًا لأن المستشفى يضم قسم خاص لعلاج مرضى السرطان وهو قسم مكلف 40% من المصاريف لهذا القسم وحده".
وأضاف الأطرش: "إننا خلال العامين الماضيين عانينا من عدم القدرة على تحمل هذه التكاليف فالمرضى من الضفة وقطاع غزة المحاصر والقدس المحتلة، ضغط كبير وتكاليف عالية".
ولفت الأطرش إلى أن المساعدات ستكون من شقين الأول سداد الديون عبر وزارة المالية الفلسطينية والدعم الخاص للمشاريع التطويرية سيكون عبر وكالة التنمية الأميركية (USAD).
ورداً على سؤال حول مخطط تطوير المطلع قال الأطرش: "خطتنا المستقبلية تتلخص في تطوير القدرات والتخصصات المتميزة والمبدعة ذات الخبرة والقدرات العالية والعلاج وخاصة لقسم علاج مرضى السرطان، والعمل على جلب أفضل المعدات والعلاجات والطرق والخبرات في العالم لعلاج مرضى السرطان من أبناء شعبنا الفلسطيني".
وأضاف: "نحن اليوم في مستشفى المطلع نقدم العلاج الموازي للعلاج المقدم في المستشفيات الإسرائيلية نطمح ونعمل من أجل التفوق عليهم، بجلب الخبرات والمعدات الأفضل في كافة المجالات والخدمات الصحية لان أبناء شعبنا يستحقون الأفضل".
وكان الأطرش قد أبدع في كلمته الترحيبية بالرئيس الأميركي عندما ركز على القدس الشرقية المحتلة وأهمية المستشفيات فيها، وقال: إن "الشعب الفلسطيني شعب محب للسلام والحياة والابداع والتطور، يطمح إلى بناء دولته وعاصمتها القدس، يحب الحياة والاستقرار ويكره العنف ويريد أن يعيش كباقي شعوب العالم بحرية وكرامة وعدالة ويبني مستقبلة الواعد دون احتلال وقهر واستبداد".