رغم تجديد اتفاقية الشراكة الإسرائيلية الأوروبية في الآونة الأخيرة، لكن الاحتلال يواصل تحريضه على الدول الأوروبية بزعم أنها تلعب لعبة مزدوجة، فهي من ناحية تدعو للتعاون مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى تواصل تمويل الجمعيات الفلسطينية الحقوقية.
ويقول الاحتلال الإسرائيلي؛ إن الجمعيات الفلسطينية الحقوقية التي تتلقى دعما أوروبيا، "تنشر الكراهية" ضده، و"تحاول نزع الشرعية عن وجوده".
ويعود سبب الغضب الإسرائيلي إلى البيان الذي أصدرته قبل أيام تسع حكومات أوروبية بشأن ست جمعيات فلسطينية صنفها الاحتلال في عام 2021 بأنها منظمات "إرهابية"، في حين أكد الأوروبيون في وقتها أن الاحتلال لم يزودهم بمعلومات مادية حول صدقية اتهاماته لهذه الجمعيات الحقوقية القانونية، الأمر الذي جعل من الطبيعي استئناف الدعم والتمويل الأوروبي لهذه الجمعيات العاملة ضمن قطاعات المجتمع المدني الفلسطيني.
وزعمت ليورا هينيغ كوهين الكاتبة في صحيفة "إسرائيل اليوم"، في مقالها أن "التمويل الأوروبي يتم استئنافه، رغم أن عددا من هذه الجمعيات تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي نفذت عددا من العمليات الفدائية المسلحة".
وقالت: "رغم كل ذلك، فإن وزارات خارجية السويد وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإيرلندا وهولندا وإسبانيا، أكدت بما لا يدع مجالا للشك أنه لا يوجد عائق أمامهم في مواصلة تمويل هذه الجمعيات، مما فاقم الغضب الإسرائيلي على الأوروبيين".
وأضافت أن "هذه المنظمات الفلسطينية تعمل ضد وجود إسرائيل ذاته، وترى أنه ليس لها حق في الوجود من الأساس، وهي معادية للسامية، وتبذل جهودا حثيثة لنزع الشرعية عن دولة الاحتلال، ما يستدعي من الحكومات الأوروبية أن تتوقف عن تمويل هذه المنظمات منذ وقت طويل".
وزعمت توفر "عشرات الأدلة العلنية على علاقاتها (الجمعيات الفلسطينية) بالجبهة الشعبية، المصنفة في الاتحاد الأوروبي بأنها تنظيم "إرهابي"، ويوجد كبار قادتها في السجون الإسرائيلية، وهم في طليعة الحملة ضد وجود إسرائيل"، على حد قول الكاتبة.
وفي الوقت الذي يعبر فيه الاحتلال عن انزعاجه من استئناف الاتحاد الأوروبي تمويله للجمعيات الفلسطينية الحقوقية، فإن وقف التمويل لا سند له سوى حملات مضللة إسرائيلية، ومعلومات لا أساس لها من الصحة نشرتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وكشفت في النهاية التحقيقات الأوروبية عن عدم وجود أي أساس لهذه المزاعم، وعدم وجود أي شكوك متعلقة بمخالفات تؤثر على التمويل الأوروبي لهذه المؤسسات، خاصة بعد التدقيق المالي الذي تم تنفيذه.
والجدير ذكره، أن قرار التجميد كان عبارة عن سلوك سياسي هدف لتشجيع سلطات الاحتلال على تكثيف محاولاتها لعرقلة عمل المجتمع المدني الفلسطيني، والتضييق على مساحات عمله، وتشويه سمعته، وقمع الأصوات التي تصدح بها مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والمدافعين عن حقوق الإنسان في فلسطين.
ويشكل القرار الأوروبي باستئناف دعم الجمعيات الفلسطينية الست الحقوقية، انتصارا على التضليل الذي اعتمدته سلطات الاحتلال داخل أوساط الاتحاد الأوروبي، ودفعته لاتخاذ قرار بتجميد تمويل الجمعيات الحقوقية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي التي تعرضت على مدار سنين عدة لحملات تشويه السمعة، والملاحقة السياسية، والتهديد بالقتل من الاحتلال الإسرائيلي، بسبب عملها في مجال حقوق الإنسان، وسعيها لمحاسبته على جرائمه الممنهجة والجسيمة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
يشار إلى أن الجمعيات الفلسطينية الحقوقية الست هي، مؤسسة الضمير لدعم الأسير وحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، ومركز بيسان للبحوث والتنمية، والمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية.