ساعات عصيبة عاشتها عائلة الفتى بكر النجار، -18 عاما- الذي يعيش على أجهزة التنفس الصناعي لمرض ألم به وهو صغير، بعد أن تسببت العملية العسكرية الإسرائيلية في حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس إلى انقطاع التيار الكهربائي.
بكر الذي لا يقوى على الحراك مطلقا، ولا يغادر سريره منذ سنوات، لا يستطيع الكلام إلا بصعوبة بالغة، وهو مشبوك بجهاز التنفس، أكد أنه لم يخف، وعندما سألناه عن تلك اللحظات الصعبة، ردد "الحمد لله. الحمد لله".
ويروي والده اياد النجار لـ"فلسطين الآن" ما جرى، يقول: "بدأنا نسمع نحو الساعة الثانية فجر يوم الأحد الماضي اصوات القذائف وزخات الرصاص، الذي كان قريبا جدا من بيتنا، وتحديدا من الغرفة التي ينام فيها بكر مع جدته. لم نستطع أن ننظر من النافذة لشدة النيران. وفجأة انقطعت الكهرباء وبدأ جهاز التنفس يصدر إنذارات".
تملك العائلة محولا للطاقة يعمل بالبنزين، لكنه موضوع على الشرفة الخارجية، بمعنى أنه يستحيل عليهم الوصول إليه.
ويتابع الأب "حل الظلام الدامس. ولم يكن أمامنا إلا استخدام أنبوبة التنفس اليدوية، وبالفعل قمت بإخراجها من الدولاب وشبكها بالأنبوب الموصول برقبة بكر".
لكن المشكلة لم تنتهي، فإحراق الاحتلال للمركبات التي كانت تصطف أسفل البيت، وانتقال النيران إلى المحال التجارية المجاورة، وتصاعد الدخان وألسنة اللهب إلى ارتفاع يزيد عن خمسة أمتار، واقترابه من نافذة الغرفة ارعب الأسرة بأكملها، فرائحة الحريق تزيد من صعوبة التنفس لدى الشخص المعافى، فكيف بالذي يجد صعوبة بالغة في الأمر ويعيش على جهاز التنفس مثل بكر!.
ويشير الأب إلى أن بكر بحاجة إلى سحب "البلغم" الذي يتجمع في حلقه باستمرار عبر إدخال أنبوب من الفتحة التي في رقبته، لكن الجهاز لا يعمل إلا بالكهرباء ولا يوجد منه جهاز سحب يدوي، "هنا كان الخوف الأكبر".
وعادت الكهرباء بعد نحو ساعتين من انقطاعها، حينها تنفست العائلة الصعداء. يختم الأب قائلا "ما عشناه لا يقارن بما حل بعوائل الشهداء والجرحى. قلوبنا معهم، ولكن هذا الاحتلال الإسرائيلي المجرم لا يرحم، ولا يفرق بين الفلسطينيين، فهو يعتدي على الكبار والصغار، والمرضى والنساء".