وقع خمسة آلاف ضابط وجنرال احتياطي في جيش الاحتلال على رسالة حذروا فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن من تداعيات توقيع اتفاق نووي مع إيران.
ومع اقتراب إبرام الاتفاق النووي الإيراني، والضغوط التي تمارسها دولة الاحتلال على الولايات المتحدة لمنعها من ذلك، رفع الإسرائيليون من مستوى خطواتهم عبر تحرك غير معهود ضمن حملة موسعة تقودها حركة "الأمنيين" في الأسابيع المقبلة بين السفراء والدبلوماسيين والمسؤولين في المؤسسة الأمنية والعسكرية.
تمثلت الخطوة المذكورة بتوقيع قرابة خمسة آلاف ضابط وجنرال احتياطي في الجيش الإسرائيلي على رسالة تحذيرية موجهة لبايدن، مضمونها أن "الاتفاق النووي مع إيران كارثي على الأمن والسلام الأمريكي والإسرائيلي والعالمي"، وقد تم نقل هذا التحذير إلى الرئيس، كخطوة أولى في حملة توعية عامة ستقودها الحركة في الأسابيع المقبلة بين السفراء والدبلوماسيين والمسؤولين الأمنيين والعسكريين.
أريئيل كاهانا مراسل صحيفة "إسرائيل اليوم" كشف أن "عددا من الموقعين على الرسالة يعتبرون من كبار قادة الجيش والأمن في الدولة، ومنهم إليعازر ماروم، يتسحاق غيرشون، يوسي باخار، كميل أبو ركن، غيرشون هكوهين، مئير خاليفي، شالوم كتبي، يوسي كوبرفارسر، أمير أفيفي وآخرون".
وأضاف أن "الضباط الإسرائيليين كتبوا في تحذيرهم الموجه إلى بايدن أن الاتفاق النووي الإيراني سيؤدي إلى سباق تسلح نووي إقليمي، وستضطر فيه دول مثل مصر والسعودية وغيرهما للقيام بتطوير وشراء أسلحة نووية من أجل التعامل مع التهديد الإيراني، كما سيحرر الاتفاق المذكور الأموال الإيرانية المجمدة، وسوف تستخدم لتصدير العمليات المسلحة، والتسبب في عدم الاستقرار في المنطقة بأكملها، إضافة لمنح إيران مظلة نووية مستقبلية كمضاعف للقوة".
وأشارت الرسالة الموجهة إلى بايدن إلى أنه "خلافا لالتزامه بحرمان إيران من الأسلحة النووية، فإن الاتفاق سيخلق مسارا واضحا لامتلاكها أسلحة نووية في عام 2031، وبدلا من الاتفاق دعا المسؤولون العسكريون والأمنيون الإسرائيليون الرئيس بايدن لتهديد إيران باستخدام القوة، بزعم أن التهديد العسكري المعقول المقترن بالعقوبات الاقتصادية الشديدة والاستعداد السياسي لعمل عسكري إذا لزم الأمر، هي الطريقة الفعالة للتعامل مع التهديد النووي الإيراني".
وأوضحت الرسالة أن "الإسرائيليين يعتبرون بايدن صديقا حقيقيا للشعب اليهودي والدولة، وقد تعهد دائما بعدم تعريض أمنها للخطر، من خلال عدم السماح لإيران بالحصول على قدرات نووية عسكرية، وهم يتوقعون أنهم سيفعلون كل ما هو ضروري لمنع حصول ذلك، بدعم دولي أو بدونه، ولذلك فهم يطلبون من بايدن عدم التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران".
مع أننا أمام خطوة غريبة من نوعها في تعامل الدول بين بعضها، لكن توجيه خمسة آلاف من كبار الضباط والجنرالات في الجيش والمخابرات الإسرائيلية لرسالة تحذير إلى الرئيس الأمريكي يعيد إلى الأذهان ما قام به رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو حين حاول بكل قوته منع إبرام اتفاق 2015 الذي أقدمت عليه إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، في خطوة خالية من الحكمة السياسية، وقد وصل عشية التوقيع على الاتفاق لإلقاء خطاب ضده أمام الكونغرس خلف ظهر أوباما.
اللافت أن رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد يسير بالطريقة نفسها الخاصة بنتنياهو بالضبط، مع بعض التفاصيل المختلفة، فقد وصل مستشاره للأمن القومي آيال خولتا إلى واشنطن، لإجراء محادثات في البيت الأبيض، والاستماع لتفاصيل الاتفاق، والتعبير عن معارضته، ثم أصدر رئيس الموساد ديفيد بارنيع انتقادات حادة للاتفاق، فهمت على أنها موجهة للإدارة الأمريكية، وحاول لابيد مرات عديدة التواصل مع بايدن، فيما أخفق وزير الحرب بيني غانتس في لقاء نظيره لويد أوستين.
تتخوف الأوساط الإسرائيلية من إعادة استنساخ سياسة نتنياهو السابقة في معارضة الاتفاق النووي إلى حد الدخول في أزمة مع بايدن، وهذا محظور كبير قد يكلف دولة الاحتلال كثيرا، مع العلم أن الاتفاق الحالي، حتى لو وصفته الأخيرة بأنه "سيئ"، لكنه أفضل من عدم وجود اتفاق على الإطلاق، لأن السياسة الإسرائيلية الحالية تدفع إيران للحصول على السلاح النووي، ما يدفع للحاجة للتفكير بجدية في سياسة أخرى.