أكد خبير عسكري إسرائيلي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ومعه جهاز الأمن، يواجهون انتفاضة فلسطينية من نوع جديد في الضفة الغربية المحتلة.
وذكر الخبير الإسرائيلي ألون بن دافيد، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، أن شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي "أمان"، أصدرت قبل بضع سنوات "إخطارا استراتيجيا" عن الاشتعال في الساحة الفلسطينية، وتكرر هذا في طل تقرير سنوي لشعبة الاستخبارات.
وقال: "تخيلنا أن هذا الاشتعال مثل انفجار شعبي كما حدث في الانتفاضة الأولى أو موجة عمليات كما جرى في الانتفاضة الثانية، ولكن ما نراه في الأسابيع الأخيرة كل ليلة في الضفة الغربية، هو انتفاضة من نوع جديد".
ونوه إلى أن "صور مئات الفلسطينيين وهم يهاجمون بالطوب وبالنار الحية قوات الجيش الإسرائيلي، لم تعد تأتي فقط من جنين أو نابلس، ففي الأسابيع الأخيرة نحن نرى هذه الصور تأتي من كل مدينة وقرية، حتى من القدس، وكل اقتحام ليلي للجيش لتنفيذ اعتقالات تصطدم اليوم بعنف (مقاومة) واسع وقاس".
وفي اعتراف صريح على فشل الاحتلال في التعامل مع الشعب الفلسطيني المحتل، لفت الخبير إلى أن "إسرائيل وعلى مدى السنين، ساد الافتراض لديها بأن هناك الكثير من العوامل التي تلجم نشوب مواجهات في الساحة الفلسطينية؛ الوضع الاقتصادي المحسن، والجيل الجديد الذي يهتم بتحقيق ذاته وتطلعاته الوطنية، ولكن ما نراه مؤخرا في الضفة الغربية يشير إلى تغيير دراماتيكي للمواجهة مع الفلسطينيين".
ورأى أن "جموع الشبان الذين يهاجمون الجيش الإسرائيلي في كل اقتحام، يختلفون في مزاياهم عن النشطاء التقليديين الذين نعرفهم؛ هم يعيشون في الشبكة ولا يتماثلون مع أي من الفصائل الفلسطينية، يتابعون باهتمام شديد ما يحصل في إسرائيل وفي التحقيقات يروون أن الانقسامات الداخلية في إسرائيل تبدو في نظرهم كتفكك للمشروع الصهيوني، هم يريدون ازدهارا ذاتيا لكنهم ملوا أيضا من متاعب الحياة تحت الاحتلال"، موضحا أن "سلسلة عمليات ناجحة من شأنها أن تثير فيهم إلهاما للخروج والتنفيذ بأنفسهم".
وأشار بن دافيد، إلى "معطى مثير للاهتمام، يتمثل في عدد الزجاجات الحارقة التي ألقيت؛ فإعداد زجاجة حارقة ليس كرشق حجر، الزجاجة الحارقة ليست نتيجة رد فعل عفوي بل نتيجة قرار مسبق لشخص قرر أن يعد الزجاجة في اللحظة التي يواجه فيها قوة إسرائيلية، ومنذ بداية السنة ألقي قرابة الـ 1000 زجاجة حارقة نحو قوات الجيش الإسرائيلي ومستوطنين، وهذا المعطى بحد ذاته يفيد بتغير المجتمع الفلسطيني وطبيعة المواجهة".
وأشار إلى أن "إسرائيل ساهمت بنصيبها في هذا التغيير؛ فكل صباح بدأ بجنازة فلسطيني قتل في احتكاك مع الجيش الإسرائيلي، وفي الأشهر الثمانية الأولى من هذه السنة قتل (استشهد) 85 فلسطينيا بنيران قوات الجيش الإسرائيلي، علما بأن إجمالي من قتلهم جيش الاحتلال طوال عام 2021 ومن بينهم من قتلوا خلال العدوان الذي استمر 11 يوما في ذات العام، بلغ 79 فلسطينيا".
وأكد أن كل فلسطيني يرتقي شهيدا برصاص قوات جيش الاحتلال في الضفة الغربية أو القدس، "يفتح دائرة عداء ويشعل مشاعر ثأر جديدة".
وقدر أن منفذي العمليات الأخيرة ضد الجيش، "كانوا نتاج مبادرات محلية"، منوها إلى أن "ما يسمى حملة محطم الأمواج تستهدف تثبيت حرية عمل كاملة للجيش الإسرائيلي في كل مناطق الضفة الغربية".
وانتقد الخبير الهالة الدعائية و"الوصف البطولي" الذي يرافق حملات الاعتقال التي يقوم بها جيش الاحتلال في المناطق الفلسطينية، باعتبار أن كل شاب فلسطيني مهما صغر سنه يوصف بـ"المخرب (المقاوم) الكبير"، بحسب مزاعم الاحتلال الإسرائيلي.
وبين أن "حملات الاعتقال في المناطق، هي درة تاج النشاط العملياتي الذي يشهده عناصر الجيش"، منوها إلى أن "كل فلسطيني يعتقل، هو ليس قنبلة متكتكة، وحكم خلية خرجت لتنفيذ عملية إطلاق نار في مستوطنة ليس كحكم مسلح إطلاق النار على قوات الجيش عندما يقتحمون قريته؛ فهناك من ينبغي اعتقالهم على الفور وثمة من يمكن اعتقالهم بعد أسبوع".
وقال: "في كل حملة ينبغي وزن قيمة الاعتقال مقابل الثمن الذي يخلقه الاحتكاك مع الطرف الآخر"، مؤكدا أن "النشاط الإسرائيلي المعزز، يسحق أكثر فأكثر المكانة المهزوزة للسلطة الفلسطينية، التي تمتنع أجهزتها عن الدخول لمناطق عديدة في الضفة، وكل عملية إسرائيلية تنتهي بمصابين يقلص أكثر فأكثر نجاعتها".
وأشار بن دافيد، إلى أنهم "في إسرائيل وعلى مدى السنين، تحدثوا عن الحاجة إلى الاستعداد لليوم التالي لرئيس السلطة محمود عباس، ولكن "الطبيعة" لم تفعل فعلها بعد، ولكن عمليا هذا اليوم حل وهو هنا، وعباس يتصرف كشخصية رمزية، وصراعات الخلافة تجري علنا أمامه، وقوات أمنه تنجح حاليا في منع انتقال المواجهات لنقاط احتكاك خارج المدن الفلسطينية، لكن هذا أيضا من شأنه أن يتحقق في الانتفاضة الجديدة التي تنمو أمام عيوننا".