اعتبر مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي، في ظل تصاعد التوتر الأمني في الضفة الغربية في الأشهر الأخيرة وخاصة في منطقتي نابلس وجنين، أن أجهزة الأمن الفلسطينية تمتنع عن الدخول إلى هذه المناطق بموجب أوامر صادرة عن القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية، وأن ذلك تسبب بتراجع التنسيق الأمني مع الاحتلال.
ويتمثل التصعيد الحاصل باقتحام قوات الاحتلال للمدن الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، ليليا، بادعاء تنفيذ حملات اعتقال، لكن خلال ذلك تدور اشتباكات مسلحة بين قوات الاحتلال وناشطين في تنظيمات فلسطينية مسلحة، لا تنتمي بالضرورة للفصائل الفلسطينية الكبرى، ما أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة عدد كبير واعتقال آلاف آخرين.
وهاجم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، رونين بار، اللذان اعتادا على التنسيق الأمني، أجهزة الأمن الفلسطينية وأدائها. وفي هذه الأثناء، تروّج أجهزة الأمن الإسرائيلية أنها تتحسب من خطاب سيلقيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 23 أيلول/سبتمبر الجاري، وأنه يتوقع أن يكون هذا الخطاب شديد اللهجة ضد الاحتلال الإسرائيلي ويؤدي إلى تصاعد أكبر في التوتر الأمني في الضفة، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الثلاثاء.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية ادعائها أنه تزايد ضلوع أفراد في أجهزة الأمن الفلسطينية في الاشتباكات مع قوات جيش الاحتلال لدى اقتحامها جنين ونابلس ومخيمات لاجئين وقرى مجاورة من أجل تنفيذ حملات اعتقال في صفوف الفلسطينيين.
ولفتت الصحيفة إلى أنه يسود قلق في "إسرائيل" من الوضع في نابلس ومنطقتها بشكل خاص، بسبب وجود عدد كبير من المستوطنات بقربها. وتلوح أجهزة الأمن الإسرائيلية بأنه في حال حدوث تصعيد آخر، فإنها ستعمل بشكل أوسع في هذه المناطق.
وأضافت الصحيفة أن "مسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي يعترفون بأنه بالنسبة لإسرائيل لا يوجد بديل حقيقي لعمل أجهزة (أمن) السلطة في الضفة"، وأنه توجد إمكانيتين مركزيتين: "مساعدة الأجهزة الأمنية الفلسطينية على استعادة المسؤولية الأمنية في مدن شمال الضفة، أو الوقوف على الحياد ومشاهدة السلطة تنهار، وهذا يتطلب من إسرائيل الدخول إلى الفراغ الحاصل".
وبحسب المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، فإن "ضعف أجهزة الأمن الفلسطينية ليس نابعا من أداء التنظيمات المسلحة فقط، وإنما من تدهور زاحف في أداء السلطة الفلسطينية بتأثير من تعامل إسرائيل معها"، إذ تعمدت "إسرائيل"، منذ نهاية الانتفاضة الثانية، تجميد العملية السياسية مع السلطة.
وبحسب الصحيفة، فإن سجالا دائرا داخل جهاز الأمن الإسرائيلي حول ما إذا كان يجب الاستمرار بالحملات العسكرية في شمال الضفة. ويعتقد قسم من المسؤولين الأمنيين أنه "لا مفر من عملية عسكرية واسعة في منطقة جنين خصوصا، وعلى ما يبدو قبل انتخابات الكنيست، في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل".
ويعتقد قسم آخر من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين، وفقا للصحيفة، أن "إسرائيل تساهم في تصعيد التوتر بإصرارها على مواصلة حملات الاعتقال ليليا".
وتعالت خلال مداولات القيادة الأمنية الإسرائيلية توصيات تدعو إلى إفساح حيّز عمل لأجهزة الأمن الفلسطينية وتشجيعها على تنفيذ عمليات في شمال الضفة، لكن هذه التوصيات لم تتجاوز قوالب الممارسات الإسرائيلية والسعي إلى ترسيخ الانقسام الفلسطيني الداخلي.
ودعت هذه التوصيات إلى منح أجهزة الأمن الفلسطينية حيز عمل بادعاء أن "السلطة الفلسطينية أيضا تنظر إلى حماس والجهاد الإسلامي على أنهما عدوتين أساسيتين لها". أي أن "إسرائيل" تريد أن يكون تعامل السلطة الفلسطينية مع هاتين الحركتين مثل تعامل "إسرائيل" معهما.
وأوصى قسم من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بتعزيز التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الفلسطينية، وإخلاء الاحتلال بشكل تدريجي مناطق كيف تستأنف الأجهزة الأمنية العمل فيها، ودعوا إلى تقييد اقتحامات قوات الاحتلال إلى مناطق فلسطينية مكتظة فقط لمواجهة إنذارات بشأن تنفيذ عمليات، والامتناع عن احتكاك عنيف. واعتبروا أن هذه الخطوة الأهم من أجل تعزيز الأجهزة الفلسطينية وعملها.
غير أنه في ظل التوتر الأمني الحاصل، أضافت الصحيفة أن "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة بحثت مؤخرا في خطوات ترمي إلى تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وجرى مؤخرا تدريب عسكري للأجهزة الفلسطينية في الأردن بإرشاد أميركي، وأن إسرائيل لا ترفض المصادقة على نقل أسلحة وذخيرة أخرى إلى الأجهزة الفلسطينية، بهدف تعزيز قوتها ضد المجموعات المسلحة الفلسطينية. "كذلك تعالت فكرة تشكيل قوة فلسطينية خاصة، مدربة ومسلحة أكثر، ليتم إرسالها إلى مواجهة ناشطين مسلحين من حماس والجهاد".