يتباهى السيد محمود عباس بفضائل التوجه إلى الأمم المتحدة، ويقول: بعد اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، سيصير الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية "أسرى حرب". ليصفق الحضور بحرارة، وهم يسمعون جملة "أسرى حرب" ولكن ما لا يعرفه المصفقون، أن هذا الكلام نفسه قد أرسلته القيادة الفلسطينية مكتوباً إلى السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية سنة 1988، عشية الإعلان عن استقلال الدولة الفلسطينية، وما لا يعرفه الجمهور الفلسطيني المؤيد لاستحقاق أيلول؛ أن السجناء الفلسطينيين قد طالبوا رسمياً من مدير مصلحة السجون الاعتراف بهم كأسرى حرب، ولكنه أجاب بلسان القوة الإسرائيلية: أعلنوا عن دولتكم أينما شئتم، وكيفما طاب لكم، ولكنكم سجناء، ولن تصيروا أسرى حرب!. ما سبق يؤكد أن السيد عباس نفسه غير مقتنع بما يقوم فيه، وإنما هو يخطو بهدف الإيحاء بالنجاح، وعدم الغياب عن مجريات الواقع الذي تجمد في ثلاجة التصلب الإسرائيلي، ولعل السيد عباس نفسه لا ينكر أن استحقاق أيلول لن يحرر التراب، ولن ينزع "الشرعية" عن (إسرائيل)، وإنما هو محاولة لكسر الجمود، والعودة للمفاوضات!. يقول بعض الفلسطينيين المتحمسين لاستحقاق أيلول: إنها المناورة السياسية، فإن لم نكسب منها دولة فلسطينية مستقلة بفعل الضغط الدولي، فلن نخسر منها شيئاً. هذا الكلام لا يشير إلى القراءة السياسية الخاطئة، وعدم الدراية بخطورة اختزال القضية الفلسطينية بدولة ضمن حدود سنة 1967، هذا الكلام يؤكد أن الفلسطينيين يلقون بقضية اللاجئين الفلسطينيين إلى الكوارث الوظيفية والاجتماعية والحياتية مع التصويت على القرار الذي ينهي قضية اللاجئين، ليصيروا مواطنين داخل حدود الدولة... وقد عبر عن ذلك بوضوح مستشار الرئيس الأمريكي السابق للرئيس بوش "اليوت ابرامز" والذي يعمل عضواً في قسم دراسات الشرق الأوسط التابع للجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس حين طالب بإعادة النظر في مساعدات واشنطن لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، محملاً "الأونروا" مسئولية الحفاظ على وجود قضية اللاجئين الفلسطينيين، وأشار إلى أن الأونروا قد بدأت بخدمة 750 ألف لاجئ، أما الآن فقد أصبح عددهم 5 ملايين، وقد انتهت كل قضايا اللاجئين في العالم إلا قضية اللاجئين الفلسطينيين، والسبب هو وجود الأونروا". هل قرأ أحدكم جملة: "السلام يبدأ من هنا"! هذه الجملة مكتوبة باللغة العربية واللغة الإنجليزية على كيس الطحين الذي يتسلمه اللاجئون الفلسطينيون، وللجملة دلالة العطاء المقرون بالتهدئة، فإذا تحقق للفلسطينيين الاعتراف بدولتهم، فمعنى ذلك البدء في إنهاء عمل الأونروا، وتسريح آلاف الموظفين، وتوقُّف خدمات التعليم، والصحة، والنظافة، والتغذية التي يتلقاها اللاجئون، والتي أشرفت عليها الأونروا بعد عام من النكبة، سنة 1949. ألم يكن حرياً بالسيد محمود عباس أن يشير إلى مشروع تصفية الأونروا، مثلما أشار متباهياً؛ "إلى أن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية سيصيرون أسرى حرب"؟.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.