يواصل المستوطنون تنفيذ مشاريعهم الاستيطانية التهويدية في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلتين، على قدم وساق، سواء بموافقة حكومة الاحتلال، أو رغما عنها، وآخرها إقامة البؤرة الاستيطانية غير القانونية في رمات ماغرون قرب رام الله التي هدمتها ثلاث مرات في أب/ أغسطس وحده، بضغط من الولايات المتحدة، لكن المستوطنين، بدعم من عدد من أعضاء الكنيست والناشطين اليمينيين، عادوا بالفعل لإعادة بنائها مرة أخرى.
ورغم قرار حكومة الاحتلال مؤخرا بأنه لا يمكن إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية إلا بقرار حكومي وبموافقة وزير الحرب، لكن مستوطني هذه البؤرة يسعون لتوسيع وجودهم في الضفة الغربية ويقيمون بؤرا استيطانية، بما في ذلك على أراض مملوكة ملكية خاصة للفلسطينيين.
ووفقا للقانون الدولي فإن جميع مستوطنات الضفة الغربية غير قانونية، في حين أن المستوطنين يتجاوزون حدود هذا القانون.
جيريمي شارون مراسل موقع "زمن إسرائيل"، ذكر أن "المستوطنين قاموا بتأسيس بعض البؤر الاستيطانية بأثر رجعي، لجذب عشرات العائلات اليهودية للإقامة فيها، ففي 2002 نصبوا بعض المقطورات على تلّ قرب طريق رئيسي شرقي رام الله، وأطلقوا عليها اسم ماغرون، وبحلول 2012، كانت عدة مئات من العائلات تعيش بالفعل في هذه البؤرة الاستيطانية، وقامت الحكومة التي اضطرت لتدميرها بأمر من المحكمة بنقلهم إلى موقع جديد، يُدعى أيضًا ماغرون على مشارف مستوطنة كوخاف".
وأضاف أنه "في نيسان/ أبريل 2021 عاد المستوطنون إلى التلة الأصلية، وأقاموا عليها رمات ماغرون، ومنذ ذلك الحين تم تدمير البؤرة الاستيطانية خمس مرات، والسادسة قد تكون في الطريق، ومع ذلك يحصل المستوطنون على دعم من السياسيين اليمينيين الذين يشعرون بالمزيد والمزيد من الحرية لدعم إنشاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، بمن فيهم عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش رئيس الحزب الصهيوني الديني الذي قد يكون من أكبر الأحزاب القادمة في الكنيست".
سموتريتش ذاته وصف سكان هذه البؤرة بأنهم "الرواد الأبطال"، ودعا الجمهور اليهودي للتبرع لحملة التمويل الجماعي لإعادة إعمار البؤرة الاستيطانية، ولئن كان دعم هذه البؤر الاستيطانية من الأحزاب القومية ليس مفاجئا، لكن المفاجأة الحقيقية أن يأتي هذا الدعم من الأحزاب التقليدية، فعضو الكنيست ياريف ليفين من الليكود، رئيس الكنيست السابق، أدان مؤخرًا هدم البؤرة الاستيطانية غير القانونية، وكذلك وزير المخابرات السابق إيلي كوهين.
يتوقع الإسرائيليون أنه إذا وصلت حكومة يمينية بقيادة الليكود إلى السلطة بعد انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر، فمن المحتمل أنها لن تتصرف كما فعلت الحكومة الحالية في رمات ماغرون، بحيث أنها لن تدين مصادرة أراضي الفلسطينيين بشكل غير قانوني، وحتى عندما يتم إخلاء البؤر الاستيطانية في نهاية المطاف، سيحصل المستوطنون في المقابل على إذن لتوسيع البناء في مستوطنة أخرى، لأنه عندما أعلن وزير الحرب بيني غانتس إخلاء البؤر الاستيطانية في ناتشالا، أكد أنه سيتم استمرار البناء، وتعزيز الاستيطان.
يعتبر نشطاء رمات ماغرون من بين "فتيان التلال" الذين ينفذون الأعمال العدوانية ضد الفلسطينيين من المزارعين والفلاحين، زاعمين أنهم يعملون في "أرض الكتاب المقدس، الوطن الموعود للشعب اليهودي"، وهدفهم المعلن إحباط إقامة دولة فلسطينية من خلال الاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية، مع أن إنشاء هذه البؤر الاستيطانية غير القانونية جهد سياسي يجعل تنفيذ عملية الضم مسألة ممكنة، كما يقول دانا ميلز مدير حركة السلام الآن.
درور إتكس رئيس منظمة كرم ناؤوت العاملة ضد توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، أكد أن "رعي الأغنام باتت وسيلة شائعة للاستيلاء على الأراضي في المناطق "ج"، الخاضعة للسيطرة العسكرية والإدارية الإسرائيلية، حيث تقع المستوطنات على مساحة 60٪ من الضفة الغربية، كما ازداد عدد البؤر الاستيطانية الزراعية في العقد الماضي، بإنشاء 66 منها، 46 فقط منذ 2017، وإن الهدف النهائي من إنشائها هو السماح للمستوطنين بالسيطرة على مساحات شاسعة من الأرض".
في الوقت ذاته، يواصل المستوطنون من هذه البؤر مهاجمة الفلسطينيين الذين يأتون لرعي مواشيهم، استمرارا لمنهج العنف في آلية الاستيلاء على أراض فلسطينية خاصة، حيث غالبا ما يتعرض الفلسطينيون للضرب المبرح من قبل المستوطنين.
جمعية "ييش دين" سجلت 1256 حادثة عنف من المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم بين عامي 2012 و2021، منها 63٪ قرب البؤر الاستيطانية غير القانونية، وبين عامي 2012-2019 تم إقامة 32 بؤرة استيطانية غير شرعية، وظلت قائمة، وتأخذ أشكالا مختلفة مثل البؤر الزراعية والمؤسسات التعليمية والمواقع السياحية، ومجالس محلية، وقد تمكنت هذه المستوطنات من تثبيت الوقائع على الأرض.