13.64°القدس
13.51°رام الله
12.75°الخليل
19.41°غزة
13.64° القدس
رام الله13.51°
الخليل12.75°
غزة19.41°
الإثنين 06 مايو 2024
4.66جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.08جنيه مصري
4يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.66
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.08
يورو4
دولار أمريكي3.72
شرحبيل الغريب

شرحبيل الغريب

حماس وسوريا.. المتضررون من عودة العلاقات؟!

مرحلة جديدة من العلاقة ستعود من جديد بين حركة حماس وسوريا، بعد جهود بذلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله على مدار الفترة الماضية، تكلَّلت بالنجاح هذه المرة في طيّ صفحة الخلافات التي استمرت عشر سنوات، ستترجم إلى خطوات عملية عما قريب، وستكتب فصلاً جديداً من العلاقة بين الطرفين، على قاعدة أن تصويب العلاقة يعدّ مصلحة ضرورية ومصدر قوة للقضية الفلسطينية والمقاومة.

حماس تكمل طريق العودة إلى دمشق بقرار شورى اتخذ في مؤسساتها الرسمية، انطلاقاً من إيمانها بأهمية سوريا كدولة من خلال موقعها في المنطقة، ثم موقعها في قلب محور المقاومة التي هي جزء أساسي لا يتجزأ منه.

أكثر ما ساعد على الوصول إلى طي صفحة الماضي، هو قيادة حماس الحالية برئاسة السيد إسماعيل هنية، الذي انتخب رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس، ويحيى السنوار رئيس حركة حماس في قطاع غزة، وهي القيادة التي دعت مراراً وتكراراً إلى ضرورة تعزيز العلاقة مع أطراف محور المقاومة في المنطقة، بما يخدم المقاومة الفلسطينية القضية الفلسطينية ومشروع تحرير فلسطين.

كتبتُ مقالاً نشر في آب/أغسطس 2021، بعد إعادة انتخاب كل من السيد إسماعيل هنية ويحيى السنوار في دورة انتخابية ثانية في قيادة حركة حماس، ومواقفهما المعلنة تجاه إيران وحزب الله، وحالة التحالف التي وصل إليها شكل العلاقة بين حماس وأطراف محور المقاومة، وأهمية تصفير الخلافات بين حركة حماس وسوريا، انطلاقاً من قراءة استراتيجية للمشهد والتشكلات والاصطفافات التي تجري في المنطقة.

اتخاذ حركة حماس قرار العودة إلى دمشق وإعلانها ذلك ببيان رسمي يمثل حالة من النضوج الكبيرة في قراءة البيئة السياسية، نتيجة لعدة اعتبارات خارجية وداخلية، فخارجياً التحالفات الإقليمية وحالة الاستقطابات الدولية في المنطقة قائمة، أما داخلياً، فقيادة حركة حماس الجديدة منذ العام 2017 ساعدت وبشكل كبير على تحقيق هذا التقارب بما يخدم القضية الفلسطينية والمقاومة.

كنت قد كتبتُ في المقال نفسه أنَّ التحولات التي فرضتها المقاومة الفلسطينية خلال معركة "سيف القدس" في أيار/مايو 2021، مع الجهود المضنية التي بذلتها طهران وحزب الله في سبيل توظيف حالة التحالفات وتعزيزه وتمتين جبهة محور المقاومة، باتت تستلزم استكمال طريق المصالحة إلى النهاية بين سوريا وحماس، وأن تشكل داعماً أساسياً في اختصار ما تبقى من طريق وصولاً إلى نهايته.

نجح السيد إسماعيل هنية في تحدٍ ليس سهلاً، وعمل على فك عقدة طال عمرها عشر سنوات على صعيد ترميم علاقة حركة حماس بسوريا؛ الدولة المهمة في محور المقاومة، والتي تمثل قلب محورها النابض، ضمن ترتيب العلاقات مع الأطراف وطيّ صفحة الماضي إلى الأبد.

تشهد الدورة الثانية برئاسة إسماعيل هنية رئيساً لحركة حماس عودة للعلاقات مع دمشق، انطلاقاً من إدراك الأطراف كافة أنَّ حركة حماس تمثل رقماً صعباً سياسياً وعسكرياً لا يمكن تجاوزه في المقاومة الفلسطينية بعد أدائها المميز في معركة "سيف القدس"، واستشعاراً بالتهديدات الإسرائيلية المستمرة للمقدسات الإسلامية والمسجد الاقصى، إذ إنَّ مثل هذه العودة تشكل عاملاً مهماً في توحيد وتمتين جهود محور المقاومة وقدراته في المنطقة والتصدي للتغول الإسرائيلي غير المسبوق.

تصريحات حركة حماس وبياناتها الرسمية خلال المرحلة السابقة، ورفضها ضم "إسرائيل" الجولان السوري، وتكرار إدانة العدوان الإسرائيلي على سوريا، والذي كان آخره قصف "إسرائيل" مطاري دمشق وحلب، وتصريحات قيادتها، وخصوصاً السيد يحيى السنوار الذي أكد وجود تنسيق رفيع المستوى وعالٍ بين حماس والأطراف في محور المقاومة، متمثل بالتنسيق بين حزب الله وحرس الثورة الإيراني خلال معركة "سيف القدس" الأخيرة، كانت تصبّ كلّها في إطار الرسائل الإيجابية.

لا يلوم أحد حركة حماس، فهي حركة مشروعها المقاوم واضح ولا يمكن التشكيك فيه في أي حال من الأحوال، واستراتيجيتها الخارجية هي عدم التدخل في شؤون الدول، وبندقيتها نحو "إسرائيل" التي تحتل فلسطين وتدنّس مقدساتها، وهي بحاجة إلى كل دعم يساند مشروعها، ومن حقها التحالف مع كل الدول والقوى التي تنظر إلى "إسرائيل" النظرة ذاتها ككيان احتلالي يجب التخلص منه، وهي بذلك تتلاقى مع محور المقاومة في البرنامج ذاته، ومن حقها أن تعزز هذا التحالف في زمن الخذلان العربي والتطبيع مع "إسرائيل"، والحصار والقطيعة التي تمارسها بعض الدول العربية تجاه حركة حماس .

من حيث التوقيت والمضمون فصدور البيان الاستراتيجي الأخير في مضامينه يعكس صدق نوايا وتوجهات حركة حماس بأهمية العودة إلى سوريا، وإيمانها منها بضرورة تقوية وتعزيز تحالفاتها في المنطقة على قاعدة مواجهة إسرائيل كعدو مشترك، وبحثاً عن دعم للقضية الفلسطينية ومقاومة الشعب الفلسطيني.

لطالما شكلت سورياً ملاذاً آمناً لحركات المقاومة ككل، وفي تقديري، هذا ما تتطلع إليه حركة حماس، هو عودة تعزيز العلاقات المتينة معها ومع حلفائها في محور المقاومة، بما يسمح لها ولقيادتها توفير مساحة عمل مهمة تعزز موقعها أكثر في مواجهة دولة الاحتلال الإسرائيلي.

المتضرر الأكبر من وراء عودة حماس إلى سوريا هي إسرائيل التي ترتاح لموضع الفرقة والانقسام الذي كان قائماً، فمثل هذه الحالة لا تروق لها، وهي التي لا تريد لمحور المقاومة أن يكون متيناً قوياً متماسكاً من حيث الأهداف والاستراتيجيات قادر على لجم التغول الإسرائيلي غير المسبوق على الشعب الفلسطيني ودول المنطقة الأخرى.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن