ما زالت عملية شعفاط تترك تأثيراتها وتبعاتها الأمنية على دولة الاحتلال، وجاءت ردود الفعل الصحفية والإعلامية والحزبية على ما يعتبرونه فشلا ذريعا للجيش والحكومة.
ودفعت العملية خبراء عسكريين وأمنيين لصب جام غضبهم على ذات المستويات الأمنية والسياسية والعسكرية، بزعم أن استمرار تدهور الشعور بالأمن لدى الإسرائيليين عقب سلسلة العمليات الفلسطينية، لن يبقي لدى الاحتلال المزيد من الأجيال الشابة الجاهزة والمستعدة لخوض الحرب القادمة.
وتزامنت عملية شعفاط، وما واكبها من هجمات فلسطينية أخرى، مع الذكرى السنوية الـ49 لحرب أكتوبر 1973 التي مني بها الاحتلال بإخفاقات كارثية، زادت من الشعور بخيبة الأمل من الواقع الأمني المتدهور، وبسببه انخفضت الخدمة العسكرية بصورة قياسية، في حين أن من يذهبون للخدمة القتالية في الجيش، معظمهم ممن يسكنون في الأطراف، وذوي الوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ، فيما تتزايد ظاهرة التهرب من التجنيد العسكري.
الجنرال إسحاق بريك القائد السابق للكليات العسكرية، ذكر أن "التبعات الأمنية لعملية شعفاط، وحالة العجز التي أبداها الجنود على الحاجز العسكري أمام منفذ العملية، تعطي مزيدا من الإثباتات على نقص الانضباط لديهم، وفشلهم في تأكيد الأوامر، وشيوع ثقافة الكذب بينهم، والإخفاق في تعلم الدروس، وعدم القدرة على التعامل مع الأسلحة، والمستوى الضعيف للتنفيذ، والافتقار للقدرة على أداء مهامهم بشكل صحيح، فضلا عن انخفاض دوافع الكثيرين منهم للالتحاق بالجيش، وتراجع الروح القتالية".
وأضاف في مقال نشره موقع القناة 12، أن "السؤال الأهم الذي أبقت عليه عملية شعفاط مفتوحا، بتزامنها مع حرب أكتوبر: كيف يمكن للجيش الإسرائيلي أن ينتصر في حرب ثانية، خاصة وهو في حالته الكئيبة الحالية؟ هل سيحمي الدولة ومواطنيها من التهديد المتزايد باستمرار الذي يتحول إلى تهديد وجودي، لأنه بدلاً من أن يكون عمود النيران أمام المخيم، أصبح جيشًا أعرج وغير كفؤ، وثقافة التنظيم تنهار، وغير جاهز للحرب، لأن معاييره رديئة؟".
مائير أوحانا الكاتب في موقع ميدا، أشار إلى أن "عملية شعفاط نتيجة طبيعية متوقعة لسياسة الاحتواء التي تسعى الحكومة لتنفيذها أمام الفلسطينيين، لكننا اكتشفنا أنها سياسة تقتلنا، وبدلاً من إيجاد حلول للهجمات المتزايدة، فيبدو أن الحكومة تختار تحمل الوضع الذي يُقتل فيه مواطنوها وجنودها، رغم عشرات التحذيرات حول هجمات وشيكة، وحدوث القفزة الحادة في عددها، وكأننا أمام سياسة منحرفة تفضّل، بدلاً من تقديم الحلول، تحمّل الوضع، وشراء "الهدوء الصناعي"، حتى الهجوم القاتل التالي".
وأضاف في مقال أن "عملية شعفاط في قلب القدس نفسها أتت استمرارا لتصاعد العمليات منذ أسابيع، وعمليات إطلاق النار والحجارة على طرق الضفة الغربية لا تتوقف، ومدن الشمال حيث جنين ونابلس أصبحت منذ فترة طويلة أعشاشا خطيرة للمنظمات الفلسطينية المسلحة، حتى باتت إسرائيل تشعّ بضعف خطير، لأنها تواصل سياسة الاحتواء: احتواء الهجمات والتهديدات، بدلاً من شن هجوم مضاد حازم، لكنها أكثر انشغالاً بالحملة الانتخابية والهجمات ضد المعارضة".
صحيح أن العنف الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية لن يحقق الهدوء للاحتلال والمستوطنين، لكن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، ولذلك تتصاعد الاتهامات للحكومة عقب عملية شعفاط باتباع سياسة الاحتواء الفاشلة التي ستؤدي لزيادة الهجمات المسلحة، والمزيد من المشاهد التي أذهلت الإسرائيليين مثل تلك التي حدثت أمام حاجز شعفاط، ما يعني أن الأمن بات مفقودا لدى الإسرائيليين.
على المستوى السياسي، تتزايد الانتقادات الإسرائيلية الموجهة للحكومة بأنها لا تأمر المؤسسة الأمنية بوضوح بتصعيد عنفها ضد الفلسطينيين بدعوى وقف موجة العمليات، واستعادة الردع دون تحفظات، بدون تنازلات إضافية، مع العلم أن الاحتلال لا يتوقف عن اعتقالاته العشوائية، واغتيالاته وتصفياته التي لا تفرق بين مقاوم وطفل، بل يشنّ عملية شاملة وواسعة تحرق الأخضر واليابس في محاولة مستميتة فاشلة لكبح جماح المقاومة.