يتسبب الحصار الخانق والمستمر الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على محافظة نابلس منذ 12 يوما بخسائر اقتصادية فادحة، في محاولة منه لمعاقبة الأهالي على احتضانهم للمقاومة وتحديدا مجموعة عرين الأسود التي تتخذ من البلدة القديمة مقرا لها.
ووفق الأرقام والإحصاءات فقد تأثرت الأعمال التجارية بنسب تتراوح بين 40 – 70%، كما تأثرت الانتاجية في المصانع بنسبة 50%، وتأثرت عمليات التسويق والمبيعات ونقل البضائع والمنتجات بنسب مختلفة وفق كل قطاع، ما يدلل على التأثر المباشر للمنشآت الاقتصادية بهذا الاغلاق المشدد.
كما افتقدت المراكز التجارية في المدينة آلاف المتسوقين من المواطنين الذين يؤمّون أسواقها يومياً من محافظة نابلس، والمحافظات الفلسطينية الأخرى، ومن فلسطينيي 48، بسبب إغلاق الطرق والتشديد على الحواجز.
وأعلنت حكومة اشتية اليوم السبت أن وفدا وزاريا سيتوجه الاثنين المقبل إلى نابلس للاطلاع على احتياجات المواطنين والمدينة، كما أن وفدا من السفراء والقناصل وممثلي الدول المعتمدين لدى فلسطين سيتفقد نابلس الأربعاء.
وأوضحت الحكومة أن الوفد المكون من 5 وزراء سيطلع على أحوال المدينة والقرى والبلدات المحيطة بها، جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي عليها منذ نحو أسبوعين.
وسيضم الوفد، كل من وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي، ووزير المواصلات والنقل عاصم سالم، ووزيرة الصحة مي كيلة، ووزير الأشغال العامة والإسكان محمد زيارة، ووزير العمل نصري أبو جيش.
وسيعقد الوزراء عدة اجتماعات مع مؤسسات المحافظة وفعالياتها الوطنية، للاطلاع على احتياجات المواطنين في ظل الظروف الحالية، ورفع تقرير إلى مجلس الوزراء من أجل توفير متطلبات تعزيز صمود أهالي المحافظة وتلبية احتياجاتهم العاجلة.
في سياق قريب، تنظم وزارة الخارجية زيارة لوفد من السفراء والقناصل وممثلي الدول المعتمدين لدى فلسطين، يوم الأربعاء المقبل، إلى نابلس للاطلاع على وضع المدينة المحاصرة والتعبير عن التضامن.
أضرار كبيرة
ووفق بيان صادر عن وزارة الاقتصاد الوطني، فهناك تراجع ملحوظ في النشاط الاقتصادي في محافظة نابلس، بنسبة تزيد على 60% في الحركة التجارية وانخفاض الطاقة الإنتاجية للمنشآت الصناعية إلى النصف نتيجة إغلاق مداخل المحافظة، فضلا عن تقييد حرية حركة تنقل المواطنين والبضائع.
وأكدت الوزارة أن سياسة العقاب الجماعي والضغط الاقتصادي اللذين يمارسهما الاحتلال سيفشلان "أمام ارادة وصلابة وصمود أبناء شعبنا، الذي يضحي لانتزاع حقوقه الوطنية العادلة"، محذرة في الوقت ذاته من تداعياتهما الخطيرة.
ولفت بيان الوزارة إلى الجهود التي تبذلها بالتنسيق مع القطاع الخاص ومختلف مؤسسات المجتمع المدني لمواجهة تداعيات العدوان على اقتصاد المحافظة.
ضرب عصب الحياة
من جهته، ممثل التجار في نابلس أيمن المصري لـ"فلسطين الآن" إن الحصار الإسرائيلي ترك اثراً سلبياً كبيراً على قطاعات عديدة في الاقتصاد النابلسي ومنشآته، وهو بمثابة اعلان حرب اقتصادية على نابلس.
وأشار إلى أن اغلاق الطرق والمداخل الرئيسية للمدينة نتج عنه أضرار كبيرة كونها، فهي تعتبر الشريانات التي يدخل من خلالها الزوار والمتسوقين إلى المدينة، اضافةً إلى تأثير الاغلاق على الحياة اليومية للتجار والمواطنين، علاوة على إجراءات التضييق وعمليات التفتيش والتدقيق والانتظار التي تتم على الحواجز المنتشرة على مداخل المدينة عند الخروج منها والدخول اليها.
بدوره، دعت الغرفة التجارية والصناعية في نابلس كافة الجهات الرسمية الفلسطينية، وخاصة الحكومة الفلسطينية، والجهات الدولية الصديقة، وخاصة الممثليات والقنصليات والجهات الدولية والأجنبية، إلى التدخل من خلال زيارة نابلس وعقد اجتماع مع مؤسساتها وفعالياتها، وممارسة دورها المطلوب إزاء هذه الحالة الصعبة التي تعيشها المحافظة واقتصادها المحلي، وايجاد الحل المطلوب، والضغط الفوري على الاحتلال لإنهاء هذا الاغلاق.
ووجهت الغرفة شكرها لمواقف التجار التي صدرت خلال الأيام الأخيرة أمام هذا الواقع الجديد الذي فرضه الاغلاق على المدينة والتي تعبر عن القدرة على الصمود، مبينة "أننا سوق نجتاز هذه المرحلة الصعبة يدا بيد بتعاون الجميع".
دعم الحكومة
بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي ياسين دويكات في حديثه لـ"لفلسطين الآن" أن الحصار والاغلاق على مدينة نابلس هو عقاب جماعي، يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد النابلسي والفلسطيني بشكل عام، مؤكدا على أن الهدف هو سياسي لتركيع أبناء الشعب الفلسطيني.
وشدد على أن آثار الحصار نشاهدها في كافة مناحي الحياة اليومية والاقتصادية في المدينة وما حولها. داعيا الحكومة إلى أخذ هذه الظروف بعين الاعتبار عند رسم وتنفيذ وتطبيق السياسات والاجراءات والتعليمات المالية والضريبية على المكلفين من التجار ورجال الأعمال، وتعويض ما يمكن تعويضه، وأكد على أهمية التعاون بين الجميع، وممارسة الصبر والصمود والتحمل أمام هذه الهجمة على نابلس واقتصادها لنخرج منها قريبا.