21.12°القدس
21.01°رام الله
19.97°الخليل
23.52°غزة
21.12° القدس
رام الله21.01°
الخليل19.97°
غزة23.52°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71
وليد الهودلي

وليد الهودلي

مُدرِّس التربية الإسلامية في فلسطين.. محمد كامل الجعبري نموذج

يدرّس مدرّس التربية الإسلامية تعاليم دين الرحمة والمحبة والسلام، دين الأخوّة والعلاقة الطيبة بين الناس والاحترام والتفاهم والمودّة والحوار، وجادلهم بالتي هي أحسن، وتعالوا إلى كلمة سواء بيننا، وقولوا للناس حسنا، وإيصال رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، هذه القيم العالية والروح الجميلة لا بدّ من إرساء قواعدها، وإحسان زراعتها في قلوب التلاميذ.

 

ولكنّ هذا المدرّس ذاته يجد طلابه ومجتمع طلابه تحت سياط احتلال لا يعرف للرحمة سبيلا، ولا يقيم للقيم الإنسانية أيّ اعتبار، يتوحّش ويتغوّل ويقمع وينكّل ويقتل بدم بارد الأطفال والمسلمين دون أن يرف له جفن، يستوطن ويصادر ما وقعت عليه يده من أرض، وينتهك حرمة المقدّسات، ويعيث في الأرض كلّ أشكال الفساد، ويريد للفلسطيني أن يكون مسلوب الإرادة والحرية والكرامة والسيادة، مجرّد كائن حي من الكائنات التي سخّرها الله لخدمة شعب الله المختار.

 

وينحاز مدرّس التربية الإسلامية في فلسطين إلى حريّة شعبه من هذا الاحتلال البغيض، إذ كيف يدرّس عقيدة التوحيد التي تريد للإنسان ألّا يعبد أحدا إلا الله، فلا يخضع لسلطان أحد، ولا يذلّ ويتبع ويرضى لكائن من كان يريد أن يسلب كرامته ويمنعه من سيادته على نفسه ووطنه ومقدّساته، فتوحيد الله يعني التحرّر من سواه، فلا ترضى عقيدة الإيمان لشعب موحّد أن يرزح تحت حكم احتلال أو استعمار، بل هي سيادة كاملة لله وحده، وعليه فإن عقيدة التوحيد والحريّة صنوان لا يفترقان أبدا. 

 

ويرى مدرّس التربية الإسلامية أن العبادة ما كانت إلا لتنتج الإنسان الحرّ، فالذي ينحني في ركوعه وسجوده لله لا يمكن أن ينحني لغير الله أبدا، فالعبادة عملية تدريبية على الحريّة الكاملة غير المنقوصة وعلى التحرّر الدائم عبر محطات تعزيز هذا التحرّر من خلال الصلوات الخمس كلّ يوم، وشهر رمضان كلّ سنة، والحج حيث البراءة التامة من الشرك والظلم وقهر العباد، إلى حيث ممارسة الحرية الكاملة من أعماق القلوب والضمائر كي تكون شعوبًا حرّةً لا تتعايش بأي شكل من الأشكال مع طبائع الاستبداد والاحتلال وقبول العدوان كبيرة أو حقيرة وفي أيّ حال من الأحوال.

 

ويرى مدرس التربية الإسلامية في فلسطين أن عليه أن يكون قدوة أمام طلابه، فتراه لا يفوّت فرصة في التعبير عن حريّة شعبه إلا ويستغلها، فلا يعقل أن يلقي محاضراته الأكاديميّة والنظرية التي تربط العقيدة والعبادة بثمراتها العظيمة من حرية وسيادة وقوّة وعزّة وكرامة وبأس شديد على الأعداء، ثم لا تراه في مواطن النصرة في ميادين القضية الفلسطينية؛ نصرة الأسرى والمقدّسات ومكافحة الظلم والعدوان بكلّ أشكاله التي يمارسها الاحتلال على شعبه، فهو الإنسان الحيويّ الواعي والمعجون بقضايا شعبه وأمته، المتّقد حرقة وعزّة، والمحرّك لذاته ولغيره، والموجود في مقدمة الصفوف، حيث مراد شعبه والقوى الحيّة التي تُبقي القضية الفلسطينية على صفيح ساخن يغيظ الاحتلال والشيطان، فهو من المحرّكات القوية للقوى الكامنة في أعماق هذا الشعب الحرّ الأبيّ، وهو خميرة الثورة التي عليها ينهض الناس ويتحرّكون نحو النصر وصناعة جيل النصر والتحرير القادم لا محالة بإذن الله.

 

قد نكون بذلك قد عرفنا لماذا توّج مدرّس التربية الإسلامية محمد كامل الجعبري مسيرته في سلك التعليم بهذا العمل البطولي الفريد.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن