لم يعد سراً أو من مظان نظرية المؤامرة ممارسة أمريكا و(إسرائيل) ضغوطاً هائلة على المجلس العسكري لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهذا لا علاقة له بمخاوف القوى "الليبرالية" المصرية من التيار الإسلامي، ولكن خشية على مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية واتفاقية "كامب ديفيد". الباحث والصحفي الفلسطيني "صالح النعامي" التقط ما يدور في العلن من هذه الضغوط موضحاً عبر موقعه الإلكتروني أن إجراء انتخابات في مصر وخروج حكومة منتخبة ورئيس منتخب بمثابة رعب يجتاح القيادات الإسرائيلية. وفي تقريره المثير والمليء بتفاصيل مهمة يؤكد النعامي بأنه ليس في نية النخبة الحاكمة في (تل أبيب) الاستسلام ورفع الراية البيضاء لما يعتريها من مخاوف بشأن مستقبل علاقتها مع مصر، لذا فإن "نتنياهو" وأركان حكومته يديرون دبلوماسية هادئة من وراء الكواليس للتأثير على الواقع السياسي المصري الداخلي والعمل على عدم السماح بتحقق سيناريو الرعب الذي تفزع منه (تل أبيب). ويقول"سيلفان شالوم"، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي:" إن آخر ما ترغب به(إسرائيل) حالياً هو أن تجرى الانتخابات التشريعية أو الرئاسية في مصر في ظل حالة الغليان الجماهيري ضد تواصل حالة السلام مع (إسرائيل). وينقل صالح النعامي عن مصادر "إسرائيلية" وجود تحرك يشرف عليه "نتنياهو" شخصياً ويهدف إلى إقناع الإدارة الأمريكية بمضاعفة الضغوط على المجلس العسكري في مصر لتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية في مصر لأجل غير مسمى. قال التلفزيون الإسرائيلي:" إن المقترح عرض على بعض المحافل في مجلسي الكونجرس، وتحديداً المعروفة بتأييدها الأعمى لـ(إسرائيل) وذلك ؛لإقناعها بتبني المقترح والعمل على أساسه. الرعب من الانتخابات في مصر مرتبط حسب تحليل النعامي بقلق النخبة الحاكمة في (إسرائيل) الشديد إزاء ردة الفعل الشعبية المصرية العارمة تجاه جريمة قتل الجنود المصريين قبل ثلاثة أسابيع، والتي بلغت ذروتها باقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة. فجميع مستويات القيادة السياسية والعسكرية في (إسرائيل) تكتم أنفاسها إزاء مستقبل سلوك الشارع المصري. والنخب اليمينية واليسارية في (تل أبيب) تجمع على أن تواصل مظاهر الاحتجاج الشعبي في مصر ضد العلاقات مع (إسرائيل) يمثل كارثة إستراتيجية لها وتحدياً هائلاً؛ لقدرتها على مواصلة البقاء في هذه المنطقة. ويشير النعامي إلى أن "عاموس جلبوع" الجنرال المتقاعد ورئيس لواء الأبحاث السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية - وهو ذو توجهات يمينية متطرفة – و"يوسي ساريد" وزير التعليم السابق وأحد أبرز منظري اليسار الإسرائيلي، مقتنعان بأن مواصلة مصر احترام اتفاقيات " كامب ديفيد " يمثل أحد أهم الضمانات الأساسية لبقاء (إسرائيل) في المنطقة. والوزير العمالي السابق الجنرال المتقاعد "إفرايم سنيه" يرى في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية بتاريخ 8-9 -2011 أن حاجة (إسرائيل) للسلام مع مصر أكبر بكثير من حاجة القاهرة له. ويشرح الجنرال المتقاعد "دورون ألموج"، الذي تولى في السابق قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، خارطة المخاطر الإستراتيجية الناجمة عن انهيار " السلام " مع مصر أو تضرره، معتبرا أن ذلك يعني بشكل عاجل مضاعفة الأعباء العسكرية على كاهل الجيش الإسرائيلي، بشكل سيكون من شبه المستحيل عليه الوفاء به. ويقول "ألموج":" إن خروج مصر من حالة السلام مع مصر يعني بشكل مباشر إعادة صياغة العقيدة الأمنية، وإحداث طفرة هائلة في سياسة التجنيد، وسيكون الجيش الإسرائيلي مطالباً بإدخال تعديلات تنظيمية وبنيوية ولوجستية هائلة على جسمه، مع كل ما يعنيه ذلك من مضاعفة الأعباء الاقتصادية على (إسرائيل). أيضا يتناول النعامي في تقريره مطالب عرضها يهشوع ساغي، الذي شغل سابقا منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتتمثل بشكل خاص في زيادة عدد القوات البرية، عبر توسيع ألوية المشاة القائمة حالياً واستحداث ألوية أخرى، هذه تكاد تكون مهمة مستحيلة. ويرى رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق دان حالوتس أن الرفض الجماهيري المصري المتعاظم لاتفاقية " كامب ديفيد " قد يعيد إسرائيل إلى المربع الأول، وينذر بضياع كل الانجازات التي حققتها على صعيد الإقليم على مدى عشرات السنين
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.