بجانب العلاقات السياسية والمشاكل الاقتصادية التي ستواجه الحكومة الإسرائيلية المقبلة، تظهر المخاطر الأمنية والتهديدات العسكرية متصدّرة لأجندتها القادمة، لا سيما وأن الحكومة الجديدة ترث وضعا معقدا للغاية، حيث الجبهة المشتعلة هي الضفة الغربية، بالتزامن مع ظهور "عرين الأسود"، وتصاعد عمليات المقاومة، والمخاوف الإسرائيلية من انهيار السلطة الفلسطينية، واستمرار مصطلح الانتفاضة الثالثة يحوم في الأراضي المحتلة.
في المقابل تظهر الجبهة السورية في موقف مشابه جدا للوضع الذي تركه قبل قرابة عامين تقريبا، حيث تواصل الطائرات قصف المواقع والأهداف الإيرانية والسورية، فيما تبدو الصورة الاستخباراتية الإسرائيلية للجهود الإيرانية أكثر وضوحا، في حين لم يعد سرا أن علاقة بنيامين نتنياهو مع صديقه الحميم فلاديمير بوتين قد تتراجع بسبب حرب أوكرانيا، وسيبقى السؤال المثير للاهتمام: هل ستتحلى روسيا في عهد نتنياهو بالصبر أكثر تجاه الهجمات الإسرائيلية على سوريا؟
أمير بار شالوم الخبير العسكري بموقع "زمن إسرائيل"، ذكر أنه "سيكون لافتا رؤية علاقة نتنياهو مع بوتين في السياق الإيراني، لا سيما في ظل التقارب العسكري بين موسكو وطهران في كييف، وهو وضع جديد وخطير يجب على إسرائيل التعامل معه، خاصة في مسألة الاتفاق النووي، وبغض النظر عن وقت تأدية الحكومة الجديدة لليمين الدستورية، فإن نتنياهو سيلتقي في ولايته المقبلة، كرئيس للوزراء، وربما وزيرا للحرب، رئيس الأركان الجديد هآرتسي هاليفي، الذي سيتولى منصبه في يناير".
وأضاف أن "هذه المخاطر الأمنية والعسكرية تحتم بالضرورة التعرف على قائمة المرشحين لمنصب وزير الحرب، وتتراوح بين ثلاثة حتى الآن: المتطرف بيتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية، والجنرال يوآف غالانت قائد المنطقة الجنوبية الأسبق ووزير الداخلية السابق، وآفي ديختر رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، الأسبق، ووزير الأمن الداخلي، لكن المهام الموضوعة حاليًا أمام المنظومة الأمنية والعسكرية ستلزم نتنياهو بالحذر الشديد باختيار الوزير الأنسب".
وأشار إلى أن "الثلاثة يدركون أن نتنياهو سيكون في هذا المنصب أكثر حذرًا وأقل كرمًا، ومحسوبًا بشكل ملحوظ، رغم أن الاثنين الأخيرين يريان نفسيهما جديرين بسبب خبرتهما المهنية، وأقدميتهما العسكرية، أما نتنياهو فلديه خبرة غنية بهذه الأوضاع لتشكيل الحكومة، وتقسيم الحقائب والوزارات، وعندما يتعلق الأمر بالأمن، فإن المبدأ الذي رافقه خلال رئاساته التي تزيد عن ثلاثة عشر عاما، أنه يختار شخصية بارزة، ويمكن الوثوق بها، كما كان الحال مع إيهود باراك وموشيه يعلون وبيني غانتس".
ويقر نتنياهو في داخله أنه أخطأ بتعيين وزراء حرب آخرين من غير ذوي الخبرة مثل أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت، لكنه اضطر لذلك لأسباب حزبية وائتلافية، وربما أن هذه أخطاء لن تتكرر في الفترة الحالية، مع العلم أن علاقته مع ديختر ليست في أحسن أحوالها، فقد عاشا أزمة شديدة عميقة في السنوات الأخيرة، عقب حرمانه من التشكيل الوزاري الأخير في 2020، في حين توصف علاقاته مع غالانت بالممتازة.
مع أن نتنياهو يريد منح حقيبة الحرب لواحد من المرشحين، لسدّ أحد الشواغر، لكنه يريد أن يكون الوزير الفعلي، كما جرت العادة لديه، خاصة وأنه بعد نتائج الانتخابات الحالية، وقد فاز بنسبة كبيرة، سيبدو أكثر ثقة بنفسه، ويسوق شخصيته أمام الإسرائيليين بأنه "سيد الأمن"، وفي هذه الحالة سيحتفظ نتنياهو بخط رجعة مع الوزير الحالي غانتس، الذي قد يعرض المنصب عليه مجددا، كي يكون بديلا له في حال أراد الاستغناء عن أحد مكونات الائتلاف المتطرفة التي تسبب له صداعا دولياً.