اعترف جهاز (الشاباك) بأنه تجسس على صحافيين من خلال معطيات الاتصالات التي تحتفظ بها شركات الهواتف الخليوية. كما استخدم هذه المعطيات في تحقيقات في أحداث جنائية، وليس في تحقيقات أمنية فقط. وجاء ذلك في رد النيابة العامة على التماس قدمته جمعية حقوق المواطن في "إسرائيل" إلى المحكمة العليا.
وتُحفظ معطيات أجهزة الهواتف المحمولة في مخزون، تطلق عليه تسمية "الأداة"، وتشمل المعلومات فيه الأماكن التي تواجد فيها صحافي والمحادثات التي أجراها ومدتها وغير ذلك من معلومات. وطالبت جمعية حقوق المواطن من خلال الالتماس بإلغاء بند في قانون الشاباك، يُلزم شركات الهواتف الخليوية الإسرائيلية بتسليم الشاباك معلومات حول أي محادثة أو رسالة جرت من خلال الهواتف.
وجرى سن قانون الشاباك في العام 2002، بادعاء أنه يُنظم أنشطته، لكن هذه الأنشطة سرية بمعظمها ولا تخضع لرقابة عامة، وفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة. وبحسب القانون، فإن استخدام الشاباك لهذه المعلومات مسموح بعد مصادقة رئيس الشاباك، الذي يتعين عليه إبلاغ رئيس الحكومة والمستشار القضائي للحكومة بعمليات التجسس من خلال معطيات الهواتف الخليوية، مرة كل ثلاثة أشهر، وإبلاغ لجنة الشاباك في الكنيست مرة كل سنة.
وجاء في التماس جمعية حقوق المواطن أنه توجد عيوب دستورية في البند المذكور، بسبب انعدام الوضوح فيه حيال استهداف الخصوصية، وأن الصلاحيات التي يخولها هذا البند للشاباك تتجاوز ما هو مطلوب لاحتياجات أمن الدولة.
وشدد الالتماس على أن قانون الشاباك يخلو من آلية واضحة لحماية الذين يتمتعون بسرية مهنية، وخاصة الصحافيين، لأن قرارات رئيس الشاباك ورئيس الحكومة بموجب هذا البند لا تخضع لرقابة قضائية، ولأنه لا توجد في قانون الشاباك أنظمة مراقبة كافية.
ونظرت المحكمة العليا في الالتماس بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة، في 25 تشرين الأول/أكتوبر الفائت، وتقرر في نهاية الجلسة أن تبلغ النيابة المحكمة، خلال 90 يوما، بشأن تقديم مذكرة لتعديل قانون الشاباك التي يتوقع نشرها قريبا، كي يقدم الجمهور ملاحظات عليها، وبعد ذلك ستقرر المحكمة بشأن استمرار النظر في الالتماس.
وكان الشاباك والحكومة قد طالبا المحكمة العليا بواسطة النيابة العامة، في 20 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، برفض الالتماس. وادعت النيابة في ردها أن معطيات الاتصالات الخليوية من أجل استخراج معلومات مخابراتية هي "وسيلة ضرورية لعمل الشاباك، واستخدامها عاد بفائدة كبيرة للغاية من أجل إنقاذ حياة أشخاص. والجهاز يحبط مئات الهجمات سنويا. وإسهام معطيات الاتصالات في إحباط هجمات كبير للغاية. ولذلك فإن تقليص صلاحيات الجهاز بموجب هذا البند، مثلما يطالب الالتماس، سيمس بشكل بالغ بقدرة الجهاز على استيفاء غايته والمصالح الأمنية والنظامية".
وأضافت النيابة أن الشاباك لا يستخدم معطيات الهواتف الخليوية ضد أشخاص يتمتعون بحصانة – أعضاء كنيست، وزراء، نواب وزراء، صحافيين، محامين، أطباء نفسيين ورجال دين – إلا في حالات تتطلب ذلك وبادعاء أنها تتعلق بأمن الدولة.
وأشارت النيابة إلى أنه تم استخدام معطيات "الأداة" في خمس أو ست حالات سنويا بالمتوسط خلال السنوات العشر الأخيرة، وأن الصحافيين كانوا أقلية في هذه الحالات.
وأشار مدير وحدة الحقوق المدنية في جمعية حقوق المواطن، المحامي غيل غان مور، إلى أن استخدام معطيات الهواتف الخليوية "يمكن أن يكشف بسهولة المصادر الصحافية لتقرير معين أحرج السلطات، حتى لو تم نشره في الماضي، وحتى لو أن الصحافي ومصدر معلوماته لم يتحدثا بالهاتف وإنما التقيا وحسب وفيما هاتفيهما في حقيبتهما"، وفق ما نقلت عنه الصحيفة. وأضاف أن التجسس على صحافيين سنويا، يعني أنه تم التجسس على عشرات الصحافيين خلال عشر سنوات، أو منذ سن قانون الشاباك قبل عشرين سنة.
وأضافت النيابة في ردها على الالتماس أن الشاباك يستخدم "الأداة" في تحقيقات تتعلق بحوادث جنائية، ليست ضمن صلاحياته، بادعاء أن هذه أحداث جنائية قد يتضح لاحقا أنها أحداث على خلفية قومية، أو أنها قد تلحق ضررا غير مباشر بمصالح تخضع لمسؤولية الشاباك.
وقالت النيابة إن الشاباك كان ضالعا في تحقيقات تتعلق بهبة الكرامة، في أيار/مايو العام الماضي، بادعاء أنها شكلت تهديدا على النظام العام.
وأشارت الصحيفة إلى أن تعديل قانون الشاباك، الذي جرى النظر فيه من خلال الالتماس، يهدف إلى تنظيم استخدام قدرات يستخدمها الشاباك حاليا من دون تخويله بذلك بشكل رسمي، مثل استخدام وسائل تجسس تكنولوجية متطورة، بينها برنامج "بيغاسوس" لاختراق الهواتف الذكية والذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO.