ركزت الصحف العبرية الصادرة الأربعاء، على عملية سلفيت التي وقعت صباح أمس وأدت لمقتل 3 مستوطنين واستشهاد منفذها الشاب محمد صوف من سكان قرية حارس القريبة من المنطقة.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن المؤسسة الأمنية تحاول أن تفهم كيف أن المنفذ وصل إلى مستوطنة "أرئيل" بدون سلاح، وبدون سيارة، ونفذ هذه الموجة المزدوجة من العملية في 3 مناطق متفرقة على مدار 20 دقيقة حتى تم تحييده، مبينةً أن القضية المركزية في التحقيق تدور حول أداء حراس الأمن في المكان الأول للهجوم خاصة بعد 6 أشهر من هجوم أدى لمقتل حارس أمن عند مدخل المستوطنة، إلى جانب أسئلة تتعلق بعدم اليقظة وتمكن المنفذ من الفرار سالمًا من أكثر من مكان قبل مهاجمته.
وتبين أن الحارس الأمني الذي كان يتواجد عند مدخل المنطقة الصناعية للمستوطنة أطلق النار في الهواء ولم يجرؤ على إطلاق النار تجاه المنفذ، وقال خلال التحقيق معه إنه اختار مساعدة صديقه المصاب وعدم ملاحقة المنفذ الذي تمكن حينها بالفعل من الفرار.
وبحسب نتائج التحقيق، فإن رد فعل حارس الأمن يعود فيما يبدو إلى حقيقة أنه لم يلاحظ كل ما جرى حينها من هجوم كان فقط لعدة ثوانٍ قبل أن يفر المنفذ من المكان، حيث وصل المنفذ كالمعتاد إلى المكان بهدف الدخول إلى عمله ودقق حارس الأمن في تصريحه خارج الكابينة، وحينها كان حارس الأمن الآخر داخل الكشك المجاور واستغل المنفذ تلك اللحظة التي استدار فيها حارس الأمن الأول وطعنه في ظهره، وفر من المكان، وحينها لاحظ حارس الأمن الآخر الحدث في وقت كان فيها يركض المنفذ باتجاه محطة الوقود القريبة بمسافة حوالي 70 مترًا، حيث طعن مستوطنين اثنين هناك، ثم هاجم ثالث على الطريق واستولى على سيارته بعد أن أصابه بجروح خطيرة، ودهس آخر، حيث تعطلت حينها المركبة فاستولى على سيارة مستوطن آخر نزل منها لمساعدة الجرحى، وتوجه باتجاه موقع عسكري، وحين لاحظ الجنود قام بالدوران عكس اتجاه السير ثم اصطدم بسيارات المستوطنين، وكان هناك ازدحام مروري ثم غادر المركبة مشيًا على الأقدام وحاول الهرب، قبل أن يقتل برصاص جندي كان في إجازة ومستوطن آخر.
وتقول الصحيفة، إن "جيش الاحتلال أوضح لحارس الأمن خطأه، وأنه كان يجب عليه إزالة التهديد في مثل هذه الحالة على تقديم المساعدة الطبية للجريح"، فيما يقدر الجيش أن "هذه مشكلة محددة في عمل حراس الأمن الذين يتم توظيفهم من المجالس المحلية للمستوطنات عبر شركات خاصة رغم أنهم يتبعون تشغيليًا للقيادة العسكرية في المناطق لتحديد مواقعهم وأماكن انتشارهم فقط".
وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون، إنه لم يتم العثور على فجوة في طريقة انتشار حراس الأمن، وأن حراس مثلهم تعاملوا بشكل جيد مع فلسطيني مسلح آخر أطلق النار عليهم عند مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم" قبل شهر ونصف، في إشارة للشهيد عدي التميمي.
وتتوقع الصحيفة أن "يكثف جيش الاحتلال في الأيام المقبلة جهوده في الإجراءات المضادة في منطقة الهجوم، خاصة خوفًا من هجمات مقلدة".
وزار بالأمس رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي مكان الهجوم، ووصف ما جرى بأنه هجوم خطير كان من الممكن أن ينتهي بشكل آخر، في إشارة إلى "إمكانية قتل المنفذ من قبل حارس الأمن".
وقال مسؤول أمني إسرائيلي كبير: "لو كان وصلت معلومات حول الهجوم في حينه وبالوقت المناسب لكان تم اعتقال أو القضاء على المنفذ عند مخرج محطة الوقود .. العملية استمرت 20 دقيقة وهذا كثير جدًا حين يتعلق بمنفذ وصل بسكين فقط، ولا يمكن سيارة ولا سلاح ناري، ومثل هذه الهجمات مع توفير عامل النجاح ستحفز المزيد لتنفيذ هجمات فردية، ومثل هذه الهجمات يجب أن تنتهي في غضون ثوانٍ".
من جهتها، قالت صحيفة هآرتس العبرية، إن عملية أمس هي الأسوأ منذ عملية "إلعاد" التي وقعت في آذار/ مارس الماضي، في الداخل المحتل، معتبرةً ما يجري نوع من الواقع الجديد الذي قد يطول أمده وليس مرتبطا بموجة متسارعة من الهجمات التي لم توصل إلى أبعاد انتفاضة ثالثة، وفي ظل عدم الصمت المطلق، والاحتكاك المستمر في ظل النشاطات العسكرية بالضفة، والمواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين.
وترى الصحيفة أن الهجمات الفلسطينية ستشكل مشكلة للحكومة اليمينية الجديدة التي سيتم تشكيلها، وأن الخطاب العدواني الذي حمله العديد من أعضاء الحكومة المستقبلية خلال فترة وجودهم، لن يساعد بعد الآن على خفض التوتر، ولكن يتوقع منهم تغيير نهجهم بعد الحديث الفارغ عن إعادة الردع وعقوبة الإعدام والدعم الكامل للجنود.
وتقول الصحيفة "إن انخفاض الهجمات في الأسابيع الأخيرة يعود لنجاح الجيش الإسرائيلي والشاباك في تصفية قادة مجموعة "عرين الأسود"، وتسليم بعض عناصرها أنفسهم للسلطة الفلسطينية، ولكن حين تكون معظم الهجمات فردية، فإن نجاحًا واحدًا كما جرى أمس يكفي لتغيير الجو، وربما يولد موجة جديدة من محاولات التقليد".
وأشارت إلى أن رد فعل حارس الأمن الإسرائيلي أمس بالاكتفاء بإطلاق النار في الهواء، يعيد إلى الأذهان التراخي في الرد على منفذ عملية حاجز شعفاط الشهيد عدي التميمي، مشيرةً إلى أن نتائج التحقيق الجديد ستتجه إلى الحاجة لاستجابة سريعة وحاسمة ستزداد حدة مرة أخرى.
وتساءلت الصحيفة عما في إذا كانت الحكومة الجديدة خاصة في ظل وجود اليمين المتطرف فيها، سيقبل باستمرار منح الفلسطينيين تصاريح عمل خاصة وأن منفذ عملية أمس كان يحمل تصريحًا، بما يذكر بعملية وقعت في منطقة بركان الصناعية قبل 4 سنوات وأدت لمقتل مستوطنين، في إشارة لعملية الشهيد أشرف نعالوة.
من ناحيتها، قالت صحيفة معاريف العبرية، إنه التحدي الأكبر لا زال بالنسبة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي العمليات الفردية التي لا يتوفر حولها معلومات استخباراتية مسبقة، ولذلك لا زالت الأكثر تعقيدًا في التعامل مع موجة الهجمات التي تقع من حين لآخر.
وتشير الصحيفة إلى أن "سلسلة العمليات بدأت بعد أن قام 3 فلسطينيين من سكان الداخل ويحملون الهوية الإسرائيلية، بتنفيذ هجمات في السبع والخضيرة على خلفية دعم تنظيم "داعش"، ثم نفذ 4 فلسطينيين من جنين على خلفية قومية عمليات في بني براك وتل أبيب وإلعاد، وهذه الهجمات الخمس أدت لمقتل 17 إسرائيليًا، وفي النظام الأمني لم يتعرفوا في الوقت المناسب على خلايا "داعش"، ولم تكن هناك علامات أولية حول نواياهم".
وأشارت إلى أن "الإجراءات التي اتخذها الشاباك فيما بعد ذلك إلى جانب تنصل فلسطينيي الخط الأخضر من تلك الهجمات، نجحت في إيقاف استمرار هذا الاتجاه، إلا أن الشرارة التي أشعلها "الإرهابيون الداعمون لداعش في مدن إسرائيل، استغلت من أجل التحريض على الإرهاب وتشجيعه خاصة من منطقة جنين وشمال الضفة الغربية". وفق قولها.
ولفتت الصحيفة، إلى أنه في الأشهر الأخيرة عمد الجيش الإسرائيلي لتعميق نشاطاته في جنين وشمال الضفة، وتعزيز قواته على خط التماس لمنع عمليات التسلل بشكل كامل، وهو ما أدى لانخفاض الهجمات في الداخل المحتل، وتحولت العمليات إلى قلب الضفة مع ظهور مجموعات مسلحة في جنين ونابلس، ورغم تلك العمليات وتصفية قادة "عرين الأسود" إلا أنه هذا لا يكفي، لأن خصائص الهجمات الفلسطينية في الشهرين الماضيين تعبر بالفعل عن اتجاه مختلف تمامًا ومرحلة أخرى من تصعيد أمني أكثر خطورة، رغم أن هذه ليست انتفاضة شعبية في هذه المرحلة.
واعتبرت أن توسع الهجمات من غور الأردن إلى القدس والخليل وسلفيت تعبر بالفعل عن اتجاه واضح في توسع موجة الهجمات كما كان في عام 2015، مع اختلاف أن غالبية العمليات تنفذ بأسلحة نارية.
وأشارت إلى أن "الفلسطينيين الذين نفذوا الهجمات الأخيرة لم يكونوا من قبل متورطين في "الإرهاب"، وغير معروفين لأجهزة الأمن الإسرائيلية، ويتوقع خلال الأشهر المقبلة أن تزداد الهجمات الفردية بهذا الشكل".
وحول الوضع السياسي المرتبط بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، تقول صحيفة معاريف، إنه لا يخفى على أحد مخاوف الإدارة الأميركية من تعيين بتسلئيل سموتريتش وزيرًا للجيش، ولذلك من الواضح في حال تعيينه أن السياسة الإسرائيلية في الضفة ليس لها فقط عواقب أمنية، بل أيضًا على النظام السياسي والعلاقات مع المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة.
وبينت أنه لا يعرف كيف سيتعامل بنيامين نتنياهو هذه المرة مع الوضع المعقد، في ظل مطالبات قادة المستوطنات بتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية عن الوضع الحالي بحجة وقوفها خلفها، وفي حال كان سموتريتش وزيرًا للجيش فقد تكون هذه أول علامة على استعداد نتنياهو لاتخاذ موقف أكثر تشددًا ضد السلطة بعد أن فضل في سنوات سابقة خلال حكمه الفصل بينها وبين المدنيين الفلسطينيين وبين منفذي الهجمات.
من جهتها، قالت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، إنه كان يمكن بالأمس تجنب الهجوم، متساءلةً عن سبب عدم ملاحقة الحارس الأمني لمنفذ العملية وتحييده، لافتةً إلى قضية حصوله على تصريح عمل، وعدم خضوع الفلسطينيين الذين يعملون في المستوطنات على نفس الفحص الأمني المعمق الذي يخضع له أولئك الذين يعلمون في الداخل المحتل.
واعتبرت الصحيفة أن الهجوم أمس يجب أن يشعل الضوء الأحمر بالنسبة للجهات الأمنية الإسرائيلية التي كانت تتفاخر في كل مرة أن عدد الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح عمل ويمكن أن ينفذون هجمات هو صفر.
ولفتت إلى أن المخاوف الحقيقية حاليًا من هجمات تقليدية وزيادة عددها بعد أن كانت في حالة انخفاض في الأسابيع الأخيرة، معتبرةً أن عملية أمس أثبتت أن إحصائيات انخفاض الهجمات منفصل عن الواقع المختلف.
ورجحت الصحيفة أن حكومة نتنياهو الجديدة لن تغير بشكل جذري من سياسة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، خاصة وأن ما كان أعضائها يرونه من مكانهم في المعارضة ليس كما هم في الحكومة، ولذلك يتوقع الاعتماد على استمرار نفس السياسة على أمل أن تقف الهجمات لوحدها.
وفي تقرير آخر بالصحيفة، تحدثت عن العملية، وحول استغراقها نحو 20 دقيقة دون تحييد المنفذ، معتبرةً ذلك فشلًا كبيرًا خاصة وأن المنطقة يعتبر فيها كمية أسلحة كبيرة في كل متر مربع منها ويتواجد جنود وحراس أمن باستمرار، إلى جانب فشل حارس الأمن في تحييد المنفذ ما كان سيمنع هذا الهجوم الخطير.
وقالت الصحيفة، إنه يجب على القوى الأمنية الإسرائيلية أن تقدم إجابة وحل لهذه المشكلة المتعلقة بالاحتكاك اليومي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما أنه يجب على الجيش والشرطة أن يسألوا أنفسهم فيما إذا كانت هناك مشكلة منهجية تتعلق بجودة حراس الأمن، وهي قضية يجب معالجتها بعد تكرارها في عملية شعفاط.