بعد أسابيع من إعلان يارون بلوم، منسق شؤون الأسرى والمفقودين في حكومة الاحتلال، عن استقالته لإخفاقه في إعادة الجنود الإسرائيليين إلى عائلاتهم، من قبضة حركة حماس التي تأسرهم منذ أكثر من ثماني سنوات، فقد اتخذ مراقب عام دولة الاحتلال ماتنياهو إنغلمان قرارا بفتح تحقيق في هذا الإخفاق، بعد أن التقى بعائلات الأسرى الإسرائيليين الذين اتهموه بالتقصير في عمله الذي استمر خمس سنوات، دون جدوى.
ليلاخ شوفال المراسلة العسكرية لصحيفة "إسرائيل اليوم"، كشفت أن "إنغلمان ينوي نشر تفاصيل تحقيقاته الأسبوع المقبل، بزعم أن المسألة تتعلق بجنود الدولة الذين أرسلتهم للقتال، ولذلك فقد اتخذت قرارًا بفتح تحقيق في الأمر بعد اجتماعي مع عائلة الضابط الأسير هدار غولدين، حيث سنقوم بالتحقق من وظيفة المنسق المستقيل، لأنه كان على اتصال مع عائلات الأسرى".
وأضافت: "منذ شهر أرسلنا مسودة التقرير لديوان رئاسة الوزراء قبل استكماله، والشهر القادم ننوي نشره، وأطلب قراءة محتوياته، من أجل عمل الحكومة المستقبلية، وضرورة أن تضع بعين الاعتبار هذه القضية الحساسة، لأنها ليست مطروحة عمليا في النقاش السياسي السائد، رغم أنه يتطلب من الدولة أن تعمل على استعادة الأسرى من أيدي العدو، وأن يتصرف بأكثر الطرق حساسية تجاه عائلاتهم".
يكشف هذا التطور أن قضية الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة حماس ما زالت تتفاعل داخل دولة الاحتلال، وتتباين التقديرات بينهما حول إبرام صفقة تبادل، أو تأجيلها، رغم أن المنسق المستقيل لا يملك القرار الحقيقي والفعلي لإبرام الصفقة، لأن المسألة تتعلق بآليات اتخاذ القرار في الذهاب إلى هذه المفاوضات، والتعرف على كيفية تفكير الإسرائيليين بذلك، وهل يكررون الصفقة السابقة مجددا، ويخضعون للمقاومة، أم يذهبون لوسائل أمنية وأدوات عسكرية، رغم فشلها خلال ثماني سنوات متواصلة.
صحيح أن عائلات الإسرائيليين الأسرى وأجزاء واسعة من الرأي العام في دولة الاحتلال تطالب باستعادتهم بأي ثمن، بما في ذلك صفقة تبادل جديدة، لكنها من جهة أخرى تكشف حجم الثمن الباهظ الذي سيدفعه الاحتلال، ما قد يعرض أهدافها الاستراتيجية للخطر، لأن النتيجة الطبيعية من تكرار هذه الصفقات مع المنظمات المسلحة، هي تقوية مواقعها، في الداخل والخارج، وتنامي شعبيتها وجماهيريتها، وفي المقابل فإن عدم إبرام هذه الصفقات سيظهر الاحتلال كمن يقلل من أهمية جنوده في الأسر.
ولئن كانت صفقات من هذا القبيل من شأنها أن تظهر الاحتلال مستعدا للقبول بالتنازل عن كل شروطه، والخضوع لكل المطالب التي تعلنها المقاومة الفلسطينية، فإن هذه الصفقات، في المقابل، تمس بقوة الاحتلال الردعية، وتعمل على تشجيع المنظمات للقيام بعمليات اختطاف أخرى، وتخاطر بحياة جنودها الذين يمكن أن يقعوا في أسرها، صحيح أن استعادة الاحتلال لجنوده يعتبر قيمة أمنية وعسكرية كبيرة، لكنها قد تترجم سياسياً على أنها خضوع لمطالب المقاومة، التي قد ترفع الثمن المطلوب لتبادل الأسرى.