قال خبراء إسرائيليون، إن سلوك "الجيش الإسرائيلي" في المناطق الفلسطينية، لا سيما الخليل، يشي بأنهم يعانون تشويشا، وأنهم تجاوزوا دورهم، وذلك على خلفية اعتداء من قبل جندي على ناشط يساري إسرائيلي، وطريقة تعاملهم مع الأحداث في مدينة الخليل.
وأوضح يوآف ليمور، في مقال له في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، أن الخليل، وباستثناء المسجد الأقصى المبارك هي "الأكثر تفجرا في المنطقة"، وتحتاج إلى قوات نوعية من الجيش، وقيادة مجربة ومتوازنة للتعامل بحذر مع الأحداث.
ولفت إلى أن تاريخ الخليل تلك المدينة الحماسية مفعم بالأحداث؛ فمن مذبحة الحرم الإبراهيمي التي ارتكبها اليهودي المتطرف باروخ غولدشتاين بحق المصلين المسلمين، إلى سلسلة عمليات أليمة ضد الجيش والمستوطنين، منوها إلى أن "كل هذه هي خلفية ضرورية لمعرفة المنطقة وإمكانيات التفجر فيها".
ورأى الخبير، أنه "من الواجب على كل من يريد أن يعمل في الخليل من عناصر الجيش، أن يجتاز سلسلة تعليمية من أجل إعداده لمهمة عملياتية، كي يفهم التعقيدات التي تنتظره، وأن يستخدم القوة بشكل متوازن".
وأكد أن اعتداء جنود لواء "جفعاتي" على ناشط يساري الجمعة الماضي، دليل على أن "شيئا ما تشوش في الكتيبة وفي قيمها الأساسية وفي الشكل الذي نفذ فيه التعليم والرقابة عليها"، مضيفا أنه "لا يفترض بالجندي أن يستخدم قبضته للكم إسرائيلي ولا يفترض بجندي آخر أن يطلق شعارات سياسية".
وشدد ليمور، على ضرورة أن "يعود الجيش إلى الأساسات؛ إلى الأسود والأبيض، المسموح والممنوع، وهذا هو المتوقع من رئيس الأركان أفيف كوخافي الآن، قبل شهرين من إنهاء مهام منصبه، وبالذات على خلفية المواجهة المتوقعة بين القيادة الأمنية ومحافل في الحكومة الجديدة، مطلوب منه أكثر من أي وقت مضى أن يتأكد من أن الجيش الإسرائيلي يفعل ما هو مطلوب منه وأن ينتصر".
أما الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية، آفي يسسخروف، فأكد في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن "اللكمة التي وجهها جندي جفعاتي لوجه ناشط اليسار في الخليل، ينبغي لكل يهودي صهيوني أن يشعر بها جيدا، ليس ألما جسديا بل ألم يترافق والفهم بأن شيئا ما غير صحيح تمر به إسرائيل".
ونبه إلى أن "إنجاز" الأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات الكنيست الأخيرة الـ25 "لا يبرر عنف الجنود تجاه مجموعة من الإسرائيليين"، مضيفا أن "هؤلاء الجنود سيعرفون بعد بضع سنوات، أنهم جزء من لعبة أكبر منهم بكثير".
وحذر يسسخروف الذي أمضى جزءا من خدمته العسكرية سابقا في مدينة الخليل، من الأخطار المترتبة على تولي إيتمار بن غفير حقيبة "الأمن القومي" وقال: "كان محظورا عليهم أن يضعوا ثقتهم في سياسي لم يسبق له أبدا أن ارتدى بزة الجيش الإسرائيلي، وهو متهم بدعم منظمة إرهابية"، مؤكدا أن "الخدمة العسكرية في الخليل صعبة ولها متطلبات عالية".
وشدد الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في مقال بصحيفة "هآرتس" بعنوان "مسموح احتقار الجنود"، أنه "حان الوقت لإجراء تغيير جذري في النظرة للجيش الإسرائيلي"، مؤكدا أن "من يحتقر اليساريين ويضرب الفلسطينيين، لا يستحق الاحترام، بل ومسموح احتقاره".
وقال: "لقد حان الوقت للفهم أن الجيش غير مقدس، وأن أجزاء منه، لا سيما التي تخدم في المناطق، تتعامل بتعال وزعرنة وقسوة وعنف جامح.. الجيش الإسرائيلي لم يعد يستحق أي إعفاءات، بل من الواجب الوقوف ضدهم وقول الحقيقة، أنهم بساطير".
ورأى الكاتب، أنه يمكن "كليا إعفاء الجنود من المسؤولية، وهؤلاء أنفسهم جزء منهم ليسوا أكثر من زعران يرتدون الزي العسكري، محظور مواصلة منحهم التقدير الأعمى والحصانة التي يحصلون عليها، إضافة إلى الحصانة القانونية والقيادية التي يعطيها الجيش لهم بسخاء. هل حقا نريدهم أن يضربوا نشطاء اليسار وينبحوا على الفلسطينيين، لقد حان الوقت لأن يخجلوا من هذا السلوك الحيواني، ومسموح احتقار الجنود الزعران".
وبين ليفي، أن رئيس الأركان ومعه قيادة الجيش العليا، ملوثون، وعاجزون عن أن يكونوا شركاء في نمو هذا الجيل من جنود الاحتلال. الكل مصاب بالتلوث، والاحتلال مفسد، وعلينا أن نوضح للجنود ممن يقومون بالضرب والدفع، أنه مسموح احتقارهم".