20.28°القدس
20.04°رام الله
22.67°الخليل
22.61°غزة
20.28° القدس
رام الله20.04°
الخليل22.67°
غزة22.61°
الجمعة 26 ابريل 2024
4.76جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.08يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.76
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.08
دولار أمريكي3.8
د. أيمن أبو ناهية

د. أيمن أبو ناهية

جرائم المستوطنين وتواطؤ الاحتلال

جريمة قتل المواطنين الأخوين محمد ومهند مطير دهسًا عمدًا من قبل المستوطنين المتطرفين بالقرب من محافظة نابلس ليلة أول من أمس، عملًا يندى له الجبين، وهي ليست المرة الأولى التي يرتكب قطعان المستوطنين مثل هكذا جرائم بحق الشعب الفلسطيني، بهدف الضغط عليهم لتهجيرهم من أراضيهم وممتلكاتهم على طريقة الترانسفير المعهودة لدى الصهاينة منذ النكبة 1948.

واليوم تمارس قطعان المستوطنين الدور نفسه وإن اختلفت الطرق والأساليب بعض الشيء لكن الهدف واحد من المستوطنين وحكومة الاحتلال الحالية التي تعمل جاهدة على تعزيز الاستيطان وزيادة أعداد المستوطنين لمعادلة الميزان الديموغرافي في الضفة الغربية والمناطق الفلسطينية في الداخل المحتل.

إن تكرار اعتداءات المستوطنين لم يأتِ من فراغ، نظرًا لصمت حكومة الاحتلال عليها، وتستر قضائها، وحماية جيشها لقطاعات المستوطنين الفالتين دون حساب ولا عقاب، فلم نسمع ولم نرَ يومًا أن الاحتلال قد اتخذ أي إجراء فعلي وحقيقي لملاحقة المستوطنين الذين نفذوا اعتداءاتهم على مرأى من قواته.

فبحسب تقارير إسرائيلية فإنها رصدت ارتفاعًا حادًّا رُصِد في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين، على اختلاف أشكالها، بما في ذلك إلقاء الحجارة وإتلاف ممتلكات فلسطينية خاصة، إلى ما يقرب ضعف اعتداءات المستوطنين المسجلة عام 2021 التي وصلت إلى 446 اعتداءً، وكذلك في عام 2020 بنحو 353 اعتداءً، و339 في عام 2019.

وهناك تقارير أخرى تتحدث عن بدء المستوطنين منذ بضعة أشهر بتشكيل مليشيا مسلحة تحت مسمى "الحرس المدني" للقيام بما سموه عمليات تمشيط ليلية لمساعدة جيش الاحتلال على التصدي للفلسطينيين وذلك على الطريق الذي يمر ببلدة حوارة إلى الجنوب من محافظة نابلس، الذي يعمل تحت سمع وبصر جيش الاحتلال وبرعايته الكاملة من الحكومة هو في واقع الأمر ميليشيا مسلحة دموية مجرمة نواتها الأولى انطلقت من مستوطنة يتسهار إلى الجنوب من نابلس وبدأت تتمدد مستخدمة أسلحة المستوطنين الشخصية المرخصة مما تسمى "الإدارة المدنية" وبموافقة أمانة من الحكومة، وهي لا تدعي أنها بديل للجيش بل إحدى أذرعه ولكن في زي مدني وتتولى تسيير دوريات ليلية على الطرق لمساعدة الجيش على مهامه.

هذه الميليشيا المجرمة لا يقتصر دورها على توفير الحماية لحركة المستوطنين على الطرق، كما تدعي، بل إنهم يمارسون "إرهابًا منظمًا" ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك القتل، والاعتداءات الجسدية، وتخريب وحرق الممتلكات والمزارع، وإطلاق المواشي والدواب تهلك الحرث والنسل.

إن ظاهرة انتشار السلاح بين أيدي المستوطنين ليست ظاهرة عابرة، فما شجع قطعان المستوطنين على الاستمرار في الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، تواطؤ الحكومة الحالية التي اعتمد سياسة زيادة تسليحهم، وأصبح السلاح في كل بيت، وأكثر من ذلك أن تغطية جيش الاحتلال لممارسات هؤلاء المستوطنين لا تخطئها العين، بل إن استخدام مستوطنين سلاح الجنود أمر مباح من الحكومة، فذلك توثقه التقارير المصورة، تمامًا كما كان الحال بعد قيام مستوطن بإطلاق النار من سلاح عسكري على مواطنين فلسطينيين، في جنوب الخليل قرب قرية التواني، في السادس والعشرين من حزيران الماضي، بعد أن وصل المستوطن إلى المكان في جيب عسكري برفقة قوة من جيش الاحتلال ووُثِّقت جريمته بشريط فيديو يظهر المستوطن وهو بملابس مدنية، ويطلق النار على الفلسطينيين من سلاح عسكري. وفي مشهد آخر أظهر مقطع فيديو مسجل في أكتوبر الماضي مساعدة جندي إسرائيلي لمستوطن وإرشاده إلى كيفية استعمال قنبلة غاز ضد الفلسطينيين في بلدة بورين جنوب نابلس، إذ يَظهر مستوطنون وهم يلقون الحجارة والقنابل اليدوية على عائلة فلسطينية في أثناء قطفهم الزيتون، ويسرقونه، على حين يُظهر مقطع فيديو آخر جنديًّا إسرائيليًّا يسلِّم مستوطنًا قنبلة غاز ويوجهه إلى مكان رميها.

فالأمر لم يعد سرًّا، فإعلان الاحتلال نهاية تموز الماضي دعمه لمشروع "ماجن" الذي يستهدف تجنيد المستوطنين في القدس المحتلة وتدريبهم على حمل السلاح، إذ يقوم هذا المشروع على تشكيل مجموعات مسلحة من المستوطنين، كفرق احتياط من عناصر يجري تدريبها لمساعدة الجيش أو الشرطة، وكجزء من هذا المشروع سيحصل المستوطنون الذين سيتطوعون ضمن هذه الميليشيا على موافقة سريعة للحصول على الأسلحة وتلقّي برامج تدريب، واللافت أن هذا المشروع لم يأتِ عملًا تطوعيًّا، بل تشرف عليه بلدية القدس التابعة للاحتلال ووزارة الأمن الداخلي وشرطة الاحتلال، من أجل إنشاء فصول احتياطية مجتمعية في القدس المحتلة، وهو ما سيعمل على تنفيذه المتطرف بن غفير عند تولى وزارة الأمن الصهيوني في حكومة نتنياهو المقبلة.

أن تستر قوات الاحتلال على جرائم المستوطنين، بل ومساندتهم وتوفير الحماية الدائمة لهم، وعدم إخضاعهم للقانون ومحاسبته على جرائمهم يعد تواطؤًا واضحًا، ويشكل عوامل تشجيع لهم على مواصلة اقتراف جرائمهم المنظمة ضد المدنيين الفلسطينيين، بصمت وتخاذل يندى له الجبين من المجتمع الدولي.

 

المصدر / المصدر: فلسطين الآن