نشرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريرًا قالت فيه إنه من الناحية المالية؛ كان العام الماضي سيئًا للجميع تقريبًا، لكنه كان جيدا لبعض البلدان.
وقامت المجلة بتجميع بيانات عن خمسة مؤشرات اقتصادية ومالية، من أجل تقييم هذه الاختلافات، وهي: الناتج المحلي الإجمالي، والتضخم، واتساع التضخم، وأداء سوق الأسهم، والدين الحكومي، وذلك لـ 34 دولة غنية؛ حيث تصنيف كل اقتصاد وفقًا لمدى نجاحه في كل مقياس ما أدى إلى إنشاء درجة إجمالية.
وأوضحت أنه لأول مرة منذ فترة، يحدث التكتل الاقتصادي في البحر الأبيض المتوسط؛ فقد جاءت اليونان على رأس القائمة، فيما كانت البلدان الأخرى التي تراجعت في الأعماق الاقتصادية في أوائل عام 2010، مثل البرتغال وإسبانيا، قد سجلت أيضًا درجات عالية. وفي غضون ذلك وعلى الرغم من الاستقرار السياسي؛ فقد قدمت ألمانيا أداءً ضعيفًا، وجاءت دولتان من دول البلطيق، وهما إستونيا ولاتفيا، واللتان حازتا على الثناء في عام 2010 للإصلاحات السريعة، في أسفل الترتيب.
الناتج المحلي الإجمالي
وذكرت المجلة أن الناتج المحلي الإجمالي الذي يعتبر أفضل مقياس للصحة الاقتصادية، كان هو المؤشر الأول لديها؛ حيث كان أداء النرويج (بمساعدة أسعار النفط المرتفعة) وتركيا (من خلال التجارة المخالفة للعقوبات مع روسيا) أفضل من معظم الدول، وبفضل عمليات الإغلاق الصارمة للغاية وانهيار السياحة الوافدة، كان دول معظم جنوب أوروبا قبل عام في حالة يرثى لها.
وأشارت إلى أنه ربما شهدت إيرلندا عامًا قويًا، على الرغم من أنه ليس بنفس القوة التي توحي بها أرقام الناتج المحلي الإجمالي، كما أن أنشطة الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، التي تم تسجيل العديد منها هناك لأغراض ضريبية، تشوه الأرقام. وعلى النقيض من ذلك؛ فإن أرقام الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا ضعيفة بشكل مضلل: فقد كافح الإحصائيون لتفسير تأثير حزم التحفيز الهائلة.
التغير في مستوى الأسعار
وأفادت المجلة بأن المقياس الثاني هو التغيير في مستوى الأسعار منذ نهاية عام 2021؛ حيث شهدت بعض البلدان تضخمًا منخفضًا إلى حد ما، فقد ارتفعت أسعار المستهلك في سويسرا بنسبة 3 بالمئة فقط، واستجاب البنك المركزي مدعومًا بعملة قوية بسرعة لارتفاع الأسعار في وقت سابق من هذا العام، كما أن البلدان التي لديها مصادر طاقة غير روسية - مثل إسبانيا التي تحصل على غازها من الجزائر - كان أداؤها أفضل من المتوسط.
التضخم
ووفق المجلة؛ فإن المقياس الثالث يتعلق أيضًا بالتضخم، فهو يقوم بحساب حصة العناصر في سلة التضخم لكل بلد والتي ارتفعت بأكثر من 2 بالمئة في العام الماضي، وهو ما يوفر مؤشرًا على مدى ترسخ التضخم، وبالتالي فهو يلمح إلى السرعة التي سينخفض بها التضخم في عام 2023.
ورغم ذلك، فقد تمكنت بعض البلدان ذات التضخم الرئيسي المرتفع من الحد من اتساع نطاق التضخم. ففي إيطاليا على سبيل المثال؛ ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 11 بالمئة هذا العام، لكنّ ثلثي سلة التضخم "فقط" كان لديها معدل تضخم أعلى من الهدف، كما يبدو أيضًا أن التضخم الياباني قد يتلاشى قريبًا، وأن بريطانيا في مأزق أكبر نتيجة إرتفاع سعر كل فئة في سلتها بسرعة.
إحساس الناس بالرفاهية الاقتصادية
ولفتت المجلة إلى أن إحساس الناس بالرفاهية الاقتصادية لا يأتي فقط من الأسعار التي في المتاجر، فهم ينظرون إلى قيمة تضخم المعاشات التقاعدية ومحافظ الأوراق المالية الخاصة بهم؛ حيث كان هذا العام رهيباً في بعض البلدان بالنسبة لهذه الأنواع من الاستثمارات، فقد انخفضت أسعار الأسهم في كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية بما يقارب 20 بالمئة هذا العام، وهو ضعف الانخفاض في أمريكا، ومع ذلك لا زال هناك نقاط قوة؛ حيث إن سوق البورصة النرويجي يرتفع هذا العام، وكذلك الحال بالنسبة لبريطانيا.
صافي الدين الحكومي
ويتعلق المقياس النهائيا الذي ذكرته المجلة، بالتغير في صافي الدين الحكومي كحصة من الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث أوضحت المجلة أنه يمكن للحكومات على المدى القصير أن تتغلب على الصدوع الاقتصادية عن طريق زيادة الإنفاق أو خفض الضرائب، لكن هذا يمكن أن يخلق المزيد من الديون وبالتالي الحاجة إلى سياسة شد الحزام في المستقبل.
وأنفقت بعض الحكومات ببذخ للتعامل مع ضغوط تكلفة المعيشة؛ حيث خصصت ألمانيا أموالاً بقيمة 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للمساعدة في تكاليف الطاقة، مما يعني ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.
وتراجعت دول أخرى عن التفاخر المالي، ما ساعد على تصحيح مسار المالية العامة، كما يبدو أن الدين العام في بلدان جنوب أوروبا في طريقه إلى الانخفاض.
التضخم المرتفع قد يتراجع
وذكرت المجلة أن هناك دلائل على أن التضخم المرتفع في بلدان مثل أمريكا وبريطانيا قد يتراجع أخيرًا، ما يساعدهم في الارتقاء في التصنيف العالمي، وقد تستمر الاختلافات إلى جانب أبعاد أخرى، ليس أقلها عندما يتعلق الأمر بتلك البلدان التي تعتمد على بوتين في إمداداتها من الطاقة.
وتمكنت العديد من هذه البلدان من تجديد مخزونها من الغاز الطبيعي قبل الشتاء، ولكن فقط من خلال دفع أسعار باهظة.
وأضافت المجلة أنه مع انقطاع الإمدادات الآن إلى حد كبير؛ سيكون عام 2023 أكثر صعوبة. بالإشارة إلى ذلك سيكون مصدر قلق في دول البلطيق ولكن أقل من ذلك في الجانب الآخر من أوروبا.