يقولون إن قطر نجحت في تنظيم المونديال نجاحا كبيرا لأنها تملك المال الكثير، فقد أنفقت على المونديال (220) مليار دولار، وهي أموال لا تتوافر لكثير من الدول. قد يكون في هذا القول بعض الصحة على المستوى المادي، ولكنْ ثمة دول عربية وغير عربية تمتلك أموالا تفوق ما تملكه قطر، ولكنها لم تنجح في عمل عالمي كالذي نجحت فيه قطر.
ما أود قوله إن للمونديال أوجهًا متعددة، منها الوجه المادي، ومنها الوجه الثقافي، ومنها الوجه الرياضي، ومنها الوجه السياسي، وهذه الوجوه عدا الأول منها ليست في حاجة للمال، بل هي في حاجة للإرادة، وللرؤية، ومن لا يملك رؤية ولا إرادة لا يمكنه صناعة ما صنعته قطر حتى إذا توافر له المال الذي توافر لقطر.
من الممكن القول إن ما قدمته قطر كان للعرب، وكان للمسلمين، وكان تحديا للكبرياء الغربي الذي استصغر العرب، وأهان ثقافتهم، وتطاول على دينهم وقيمهم، وجاء بالمثليين، والشواذ، ليغزو بهم ملاعب المونديال بدعم من حكوماتهم في محاولة منهم لإفساد ما خططت له قطر، وفرض رؤية ألمانيا والغرب على الثقافة العربية الإسلامية، بكبرياء الاستعمار الذي يحلم بدوام السيطرة والاستعلاء.
قطر قدمت لكل دول العالم الثالث نموذجا يدعوها للتحرر من عقدة الأجنبي، وسيادة المستعمر، ومن ثمة الاعتماد على الذات، وحفظ الهوية، والاعتزاز بالقيم الوطنية، والتعاون معا لتكوين كتلة عالمية ذات جغرافيا واسعة تعمل لتحقيق العدالة للجميع، وتقاوم الاستكبار. قد يكون ذلك الأمر صعبا، ولكنه واجب وإن كان صعبا في عالم يعاد تشكيله بعد الحرب في أوكرانيا، التي توشك أن تنهي عامها الأول وتدخل في عامٍ ثانٍ.