15.3°القدس
15.01°رام الله
14.42°الخليل
19.93°غزة
15.3° القدس
رام الله15.01°
الخليل14.42°
غزة19.93°
الخميس 21 نوفمبر 2024
4.75جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.97يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.75
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو3.97
دولار أمريكي3.74
د. يوسف رزقة

د. يوسف رزقة

بين السمنة والورم سبتمبر

تحدثت وسائل الإعلام الفلسطينية كثيرًا عن خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة في نهاية سبتمبر الجاري. بعض من تناولوا الحديث عن الخطاب وصفه بأنه خطاب تاريخي؟!, وبعضهم قال في نهايته سيفجر عباس قنبلة؟!, وبعضهم وصفه بالمفاجأة؟!, وجميعهم فشل في تحديد ماهية القرارات التي يتضمنها الخطاب، أو تحديد ماهية القنبلة، فبعضهم ذهب إلى أنها تعليق أو إلغاء لاتفاقية أوسلو لأن الطرف الآخر لم يلتزم بها؟!, وبعضهم قال إنه يتضمن فقط إلغاء التنسيق الأمني واتفاقية باريس الاقتصادية، وبعضهم قال إن الرئيس سيعلن استقالته واعتزاله السياسة من منبر الأمم المتحدة؟!, ومن ناحية أخرى تناول بعضهم الحديث عن الخطاب المرتقب بالسخرية، والرسوم الكاريكاتورية المعبرة عن الإحباط والفشل، وانطلقوا من ضعف عباس، وتردده الدائم، وتهديداته السابقة التي لم ينفذها، وخضوعه للتهديدات الأميركية، وهؤلاء يستبعدون كل ما قاله الطرف الأول عن القنبلة وعن الصفة التاريخية للخطاب.

واللافت للنظر أن هناك طرفًا ثالثًا اتجه نحو النقد الأكاديمي، قائلًا نحن الفلسطينيين لا نريد مفاجآت فردية لا نعرفها أو نتعرف عليها بعد وقوعها، نحن نريد سياسة مؤسسية تخطط وتنفذ بحسب المصالح الفلسطينية، وأن يكون الشعب شريكًا في هذه السياسة، وإن سياسة التهديد والتردد لا تبني دولة ولا تحقق مصالح الشعب الفلسطيني.

إنه وفي ضوء نقد ما يجري، والسخرية من القنبلة، نفى صائب عريقات التسريبات التي تحدثت عن القنبلة، وعن الخطاب التاريخي، على نحو نفهم منه أن الخطاب سيكون خطابًا معتادًا كغيره من الخطابات السابقة، بينما قال غيره من قادة فتح والمنظمة إن عباس سيعلن عن فلسطين دولة تحت الاحتلال، بما يترتب على هذا الإعلان من تداعيات سياسية. ولكن السؤال المباشر يقول: هل عباس جاهز لتحمل تبعات وتداعيات هذ الإعلان؟!.

واللافت للنظر أيضًا أن الصحف العبرية تنقل قلق الإدارة الأمريكية من خطاب عباس المزمع إلقاؤه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خشية أن يتضمن الاستقالة، أو حلّ السلطة؟!, وهنا نسأل عن حقيقة هذا القلق، وهل عدمت أمريكا الوسائل لمعرفة مضامين الخطاب؟!, وإذا كانت الإجابة بالنفي، فلماذا يضخم الإعلام الخطاب بشكل متعمد واستباقي، وكأن عباس زعيم دولة عظمى، تملك تهديد العالم وتهديد دولة الاحتلال والعدوان؟!.
إنه لا معنى عندي للتضخيم هذا غير السخرية (الإسرائيلية) من عباس، وغير رسالة الإحباط التي تريد (إسرائيل) أن ترسلها للفلسطينيين حين يأتي الخطاب عاديًا بلا قرارات جريئة تتعلق بحل السلطة أو الاستقالة أو وقف التنسيق الأمني.

إن غياب العمل المؤسسي في السلطة، وحرمان الشعب من حقه في المشاركة في صناعة القرار، هو المسئول الأول عن هذه الحالة المرتبكة، وأمثالها، مما يصعب حصر مظاهره في مقال صغير الحجم. وصدق من قال نحن في حاجة للمؤسسة، وفي حاجة إلى قرار مؤسسي، ولسنا في حاجة إلى تهديدات، كما لسنا في حاجة لأن يعيش الشعب في العتمة فريسة للتكهنات وتسريبات وسائل الإعلام. وقديمًا قالوا بعض السمنة ورم؟!.