كشفت مصادر أمنيّة إسرائيليّة، وُصِفَت بأنّها واسعة الاطلاع، أنّ ما أسمتها بموجة المُقاومة الفلسطينيّة، التي بدأت في شهر آذار (مارس) من العام المُنصرم 2022، ستستمّر وبوتيرةٍ أعنف ممّا كانت عليه، مُشيرةً إلى أنّه من الصعب، إنْ لم يكُنْ مستحيلاً، استشراف نهاية العمليات الفدائيّة بالضفّة الغربيّة، على حدّ قولها.
وشدّدّت المصادر، على ما نقلته عنها "هآرتس" العبريّة، على أنّ ضعف السلطة الفلسطينيّة والنزاعات المُستعرّة على خلافة رئيسها محمود عبّاس، من شأنهما أنْ يدفعا إسرائيل في نهاية المطاف إلى القيام بعمليةٍ عسكريّةٍ واسعةٍ في شمال الضفّة الغربيّة، وعلى نحوٍ خاصٍّ في منطقة جنين، كما قالت.
وشدّدّت المصادر أيضًا على أنّ "الجهات المهنيّة بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة ترفض قبول الطلبات المُقدّمة من الأحزاب اليمينيّة للقيام بعمليةٍ عسكريّةٍ واسعة النطاق في الضفّة الغربيّة على غرار عملية (السور الواقي) في العام 2001، لعدم وجود حاجةٍ لذلك"، كما قالت. يُشار إلى أنّه في العملية المذكورة قام الاحتلال بإعادة احتلال الضفّة الغربيّة.
وفي السياق ذاته، ذكر مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة "هآرتس" أنّه في أعقاب المُصالحة مع إسرائيل، بدأت المخابرات التركيّة بتقييد تحركّات حركة حماس على أراضيها في مسعىً منها لمنع الحركة من إشعال الضفّة الغربيّة عن طريق التحكّم بها عن بعيد، أيْ من أنقرة، لافتةً في الوقت ذاته إلى أنّ تركيّا طلبت من قيادة حركة حماس الموجودة على أراضيها، تقليص نشاطاتها العسكريّة ضدّ "إسرائيل"، موضحة أنّ الطلب التركي نُقل إلى القيادي في الحركة صلاح العاروري، الذي كان قد ترك فلسطين في العام 2010.
وأضافت المصادر عينها، وفق "هآرتس" أنّ الحكومة التركية لوّحت مرارًا للعاروري طالبةً منه تخفيض وتيرة نشاطاته ضد إسرائيل، مشيرةً في الوقت ذاته إلى أنّ الرسالة وصلت إلى الأخير، عبر أجهزة الاستخبارات التركية التي تتهمها إسرائيل بغضّ النظر عن نشاطات حماس العسكرية في تركيّا.
أمّا عن أسباب الطلب التركي، فقد ذكرت الصحيفة العبرية أنّه أتى على خلفية القلق من التعرض لانتقاداتٍ أمريكيّةٍ واتهامات بدعم الإرهاب، كما أوضحت أن الأجهزة الأمنية الإسرائيليّة سبق أنْ احتجت على نشاطات حماس في تركيا، متهمةً أجهزة الأمن التركية بأنها تغض النظر عن نشاطات حماس في تركيا. وتابعت إنّ هذه التقارير أثارت ضجة في تركيا، فيما يبدو أنّ واشنطن قد طلبت توضيحًا من الحكومة التركية التي دعت بدورها حماس إلى تقليص نشاطاتها.
وبحسب "هآرتس"، يشغل العاروري منصب قائد منطقة الضفّة الغربيّة لحركة حماس من تركيا، بعدما أبعدته إسرائيل من منطقة رام الله، قبل أكثر من 10 أعوامٍ. وتابعت المصادر الإسرائيليّة قائلةً إن العاروري شخصية غامضة تقف وراء عمليات الخطف التي أشعلت الحرب الإسرائيليّة على قطاع غزة في صيف العام الفائت 2014.
وأضافت أنّه هو الذي أسس الجناح العسكريّ لحركة حماس، كتائب القسام، كان قد قال في العام 2007 إنّه لم يعد يجمع أموالاً أوْ يُخطط لهجمات أوْ يُجنّد مسلحين جدد، وخلص حينئذ إلى القول إنّ حماس ستُضر لو استهدفت المدنيين. ففي النهاية ثمرة العمل العسكري تكون عملاً سياسيًا، وكلّ الحروب تنتهي بالهدنة والمفاوضات، على حدّ تعبيره، لكن الآن فإنّ المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنّ العاروري قد عكس التسلسل، وأنهى المفاوضات بحرب.
ووفقًا لمحلل الشؤون العسكريّة والأمنيّة في الصحيفة، يوسي ميلمان، فقد كشفت المصادر في تل أبيب النقاب عن أنّ إحدى ذرى التعاون الاستخباري كان في الزيارات شبه الدائمة لقادة الموساد والاستخبارات العسكريّة بالجيش "أمان" لدى نظرائهم في تركيا، واستضافتهم في إسرائيل بين الحين والآخر، مُضيفًا أنّ كلّ رؤساء الموساد، من ايسار هرئيل في الخمسينيات والستينيات وحتى رئيس الموساد الحالي دافيد بارنيع، قاموا بزياراتٍ سريّةٍ إلى أنقرة للتنسيق مع نظرائهم في أنقرة.
وكشف أيضًا عن أنّ الموساد ونظيره التركيّ لم يتوقّفا عن التعاون بالمرّة، لافتًا إلى أنّ المخابرات التركيّة، التي يقودها هاكان فيدان، حافظت على علاقات عملٍ مع إسرائيل حتى عندما كان هناك قطيعة في العلاقات بين الدولتيْن.