نشرت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية تقريرًا سلّطت فيه الضوء على الأسباب التي دفعت روسيا لفرض سيطرتها على بلدة سوليدار التابعة لمدينة باخموت الأوكرانية الواقعة شرق أوكرانيا، والتي شهدت خلال الأيام الماضية، أحد أعنف المعارك منذ بداية الحرب.
وقالت الصحيفة، إن روسيا سيطرت بالكامل على سوليدار، منجم الملح الأوكراني، تمهيدًا لتطويق مدينة باخموت الواقعة في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. ورغم أهمية مدينة باخموت الاستراتيجية في الحرب، إلا أنها اكتسبت أهمية أكبر في الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى تحقيق نصر عسكري نادر مهما كانت الخسائر البشرية.
ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا برانيسلاف سلانتشيف أن روسيا تهدف إلى وضع يدها على المدينة تمهيدًا للزحف نحو المدن الكبرى في الشمال الغربي مثل سلوفيانسك وكراماتورسك. وأضاف أن الاستيلاء على مدينة باخموت سيكون بمثابة "دفعة معنوية" هائلة للجهود الحربية الروسية، فضلا عن عرقلة مسار القوات الأوكرانية في دونيتسك، واصفًا المدينة بأنها "مركز ثقل مهم، حيث تمر الكثير من خطوط الإمداد هناك ويمكن لروسيا استخدامها كقاعدة محصنة بشكل جيد إلى حد ما، لذلك سيكون من الصعب استعادتها".
وأوردت الصحيفة أن روسيا ولغاية قبل أيام، لم تتمكن من فرض كامل سيطرتها على سوليدار رغم ما أحرزته من مكاسب كبيرة هذا الأسبوع عبر تكتيكاتها الوحشية، التي شملت تدمير المدينة بقصف مدفعي ونشر حشد كبير من الجنود، كثيرٌ منهم أسروا من قِبل أوكرانيا.
وحسب جون هيربست، كبير مديري مركز أوراسيا للمجلس الأطلسي، فإن القتال في باخموت وسوليدار أدير بالكامل تقريبًا من قبل مجموعة فاغنر، وهي جماعة مرتزقة يقودها يفغيني بريغوجين، الحليف المقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وبينما تزعم موسكو تمكنها من السيطرة على معظم سوليدار، تقول أوكرانيا إن القتال لا زال مستمرًا واصفةً المزاعم الروسية بأنها دعاية للنصر.
يدعي بريغوجين، ممول مجموعة فاغنر، أن روسيا أحكمت سيطرتها على مدينة التعدين، وأن 500 جندي أوكراني لقوا حتفهم في هذه المعارك. في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف يوم الأربعاء إن القوات الروسية أغلقت المدينة من الشمال والجنوب وأن القتال لا زال مستمرًا داخل المدينة.
وذكرت الصحيفة أن بوتين عيّن يوم الأربعاء رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري جيراسيموف، خلفًا للقائد المشرف على الحرب في أوكرانيا مانحًا إياه المسؤولية الأعلى في الحرب. وأشار معهد دراسات الحرب إلى أن تعيين جيراسيموف على الأرجح جزء من جهود وزارة الدفاع الروسية لاختيار الأكفأ "في صراع داخلي".
في خطابه مساء يوم الأربعاء، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا تسعى للسيطرة على سوليدار لحشد الدعم الشعبي. وأضاف أن روسيا "تزعم أن أجزاء من مدينة سوليدار تابعة لها". ولكن حتى لو استولت روسيا على سوليدار، فهذا لا يعني أن باخموت ستسقط على الفور، ولا يشكل خطرًا وشيكًا على القوات الأوكرانية في المنطقة.
وقال المحللون في معهد دراسات الحرب إن السيطرة على سوليدار لن تنذر بتطويق باخموت على الفور. ومن جهته، شكّك سلانتشيف، أستاذ العلوم السياسية، في أن سيطرة القوات الروسية على باخموت ستشكل انتصارًا واضحًا إذا فشلت في إحراز المزيد من المكاسب في الشمال.