إعلان لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة العصيان والاستنفار والتعبئة في جميع سجون الاحتلال جاء ردًّا أوليًّا على إدارة سجون الاحتلال، بعد أن سبق وهددتهم بفرض عقوبات جماعية عليهم، احتجاجاً على إجراءات وقرارات التضييق عليهم، التي اتخذها المتطرف "بن غفير" بهدف محاولة النيل من صمودهم في كثير من السجون والمعتقلات، كجلبوع، وريمون، ونفحة، وعوفر، والنقب، ومجدو.
تمثلت عقوبات سلطات الاحتلال الجديدة للأسرى، بمنع “خبز البيتا”، وإغلاق “الكنتين” وبعض المرافق، وتكبيل يدي كل أسير عند خروجه من القسم ولو إلى عيادة السجن، كما أعلنت حرمان الأسرى من الخروج لأداء الرياضة الصباحية، ووضع أقفال على الحمامات الخاصة بالاستحمام وقطع المياه الساخنة، وسحبت الإدارة بلاطات التسخين، وبعض الأدوات الأساسية التي يحتاجون إليها من أحد الأقسام في سجن (جلبوع) في خطوة تهديد للأسرى، ومنع الزيارات وتقسيم الفورة، ونظام خروج الأسرى إلى ساحة السجن، لتكون المدة المتاحة للأسير أقل مما هي عليه سابقاً.
إن ما تُقدم عليه سلطات الاحتلال بتأجيج الأوضاع داخل السجون والمعتقلات ضد الأسرى البالغ عددهم نحو 4780، بينهم 160 طفلا، و29 أسيرة، و914 معتقلاً إدارياً، يأتي في سياق سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها بالتنكيل بهم وإضعافهم، لإجبارهم على التراجع عن حقوقهم المشروعة التي كفلها القانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية جنيف والعهد الدولي للأسرى.
يبدو أن سلطات الاحتلال لا تتعلم من دروس صمود الأسرى وانتصاراتهم التي حققوها على مدار عمر الحركة الأسيرة، التي أذلت إدارتها وسجانيها، وقد خضعوا لمطالبهم وشروطهم. ففي كل التحديات السابقة ثبت أن سلطات الاحتلال لا تقوى على عناد الأسرى وصمودهم الأسطوري، والآن تعيد الكرة مرة أخرى، فترد لجنة الطوارئ العليا للأسرى في بيان سابق: “من قرر محاربتنا برغيف الخبز والماء، فسنرد عليه بمعركة الحرية أو الاستشهاد”.
لقد بدأ انهيار الاحتلال واضحاً أمام صمود الأسرى، فاليوم تطالبهم بالتراجع عن خطواتهم الاحتجاجية، خاصة بعد تأكيد هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير أن خطوات العصيان التي بدأ تنفيذها أسرى سجن نفحة يوم الثلاثاء الماضي، بإغلاق الأقسام وعرقلة “الفحص الأمني” وارتداء اللباس البني الذي تفرضه إدارة السجون، ليكون ذلك رسالة باستعداد الأسرى لتصعيد المواجهة، التي ستكون مفتوحة حتى التاريخ المحدد لخطوة الإضراب عن الطعام، المقررة في الأول من رمضان المقبل، والمعروف عن الحركة الأسيرة أنها لم تستسلم لتحديات الاحتلال، وربما لم يتوقف الأمر عند حد الاعتصام، فربما تمتد حالة العصيان إلى أبعد من ذلك، وقد تصل إلى الإضراب الشامل عن الطعام، وعندها ستحدث مأساة جماعية، في ظل صمت المجتمع الدولي عن جرائم الاحتلال.
لا شك أننا مقصرون بحق الأسرى، لذا يجب علينا مؤازرتهم والوقوف بجانبهم، بالرغم من تخاذل الموقف الرسمي الفلسطيني، ولكن الحركة الأسيرة تعول دائماً وأبداً على الشعب الفلسطيني بكل قواه الحية من فصائل ومنظمات وهيئات ومؤسسات حقوقية من أجل الدفاع عنها، ونصرة قضيتها، وهذا هو أقل واجب علينا فعله لمن يضحون بحريتهم من أجل حريتنا، وليكون هذا بمنزلة عقد وطني لدعمها في معركتها الحالية الذي ثبت جدواه في مراحل نضالية سابقة للحركة الأسيرة، فقد كان للدور الشعبي والرسمي الأثر الكبير في تحقيق انتصارها السابق.