لم يصدق الشاب الثلاثيني يوسف البحيصي نفسه عندما أبصر بعينه بعدما فقد بصره فيها منذ أعوام عديدة بعد إجراء الكشف المقرر له أمس بعد تركبيه لقرنية جديدة أبصر من خلالها النور والحياة.
بداية المشكلة
وفي مقابلة لـ "فلسطين الآن" مع والد الشاب يوسف، الذي لم يصدق نبأ إبصار نجله للحياة ونجاح العملية، قال: " إن سبب فقدان نجله للبصر كان، من خلال جسم غريب دخل لعين يوسف، وبدأت تعمل على طمس الرؤية في عين يوسف إلى أن فقدها بشكل تام بعد مدة من الزمن"
معاناة لسنوات
أما والدته التي تحدثت "لوكاتنا" وعيونها تفيض من الدمع فرحاً على ابنها، قالت:" إن معاناة يوسف استمرت لسنوات ولم نترك مكان إلا سعينا لمعالجته، فذهبت به إلى مصر ونابلس واستمرت رحلة علاجه قرابة الأربع سنوات".
ولكن لحسن الحظ ذات مرة سمعت عن طريق أحد الأقارب الذين يعملون داخل مستشفى العيون في قطاع غزة أنهم بصدد البدء في برنامج "زراعة القرنيات"، فقررت أن تذهب بيوسف إلى هناك لتتفاجئ بالاهتمام الذي لم تجده في أي مكان آخر، وأن علاجه يتواجد في هذه المستشفى، إذ وعدها الأطباء بتوفير قرنية في أقرب وقت ممكن حتى يتسنى ليوسف النظر من جديد.
وأوضحت الوالدة أنا هناك العديد من الصعوبات التي واجهتها خلال رحلة العلاج والتي تمثلت في التردد والانتظار بالإضافة إلى التكاليف الباهظة التي كلفتهم خلال رحلة العلاج رغم الإمكانيات المتواضعة التي تعيشها العائلة.
انتظار وترقب
وكان أول أمس موعد الكشف عن القرنية التي تم تركبيها ليوسف ومدى نجاحها فكانت القلوب تنبض بالدعاء وتلهج الألسن بالذكر بأن يعود البصر ليوسف وان تكون العملية مكللة بالنجاح، وما إن رفع يوسف الغطاء عن عينه حتى ارتسمت ابتسامة عريضة مؤكداً بها بأنه شاهد نفسه وكل شيء محيط به، وليرى أمه ويلتف عليها وسط اجواء من الفرحة العارمة وتوزيع الحلوى بأن تكللت عمليته بالنجاح.
نجاح وفرحة
وعن لحظة تلقيها خبر نجاح العملية عبرت "أم يوسف" عن فرحتها بالقول: "لم أكن متصورة أن أتلقى مثل هكذا خبر، وسجدت لله حمدا وشكراً على نجاح العملية" متوجهة بالدعاء لكل مريض بالشفاء التام والعاجل لهم.
وشكرت الوالدة أهالي المتبرعين ضمن حملة التبرع بـ"القرينات"، متمنية أن تتمكن من التعرف عليهم من أجل شكرهم على ما قدموه في سبيل رجوع نظر ابنها لها وابصاره بعد أن فقد الأمل في رؤية الحياة من جديد.
نور بعد ظلام
بعد عتامة شديدة في القرنية بالعين اليمنى ليوسف لمدة سنوات طويلة اليوم وبعد نجاح العملية يبصر النور من جديد، ويولد في حياة جديدة مليئة بالإشراق.
وعند مقابلتنا ليوسف ومعالم السعادة ترتسم على وجهه وصوته يشرق بالأمل قال:" لقد عانيت لسنوات طويلة من حرماني لنعمة البصر في عيني وقد من الله عليّ اليوم بعودة البصر لي مرة أخرى لأولد من جديد وأبدأ حياة جديدة.
وشكر يوسف وعائلته الطاقم الطبي المشرف على عمليته وعلى رأسهم استشاري جراحة العيون ورئيس قسم القرنية بمستشفى العيون الدكتور رشاد كساب، موضحاً أنهم يبذلون قصارى جهدهم ليتسنى له النظر ولغيره من الحالات الصعبة.
ليست الأولى من نوعها
وأوضح مدير مستشفى العيون د. ماجد حمادة في حديثنا معه أن هذه العملية هي العملية ال 62 من عمليات زراعة القرنيات في المستشفى، وتكللت جميعها بالنجاح، إذ أن هذا البرنامج بدأ منذ أغسطس الماضي في محاولة لإعادة البصر لأكبر قدر من فاقديه، وهو البرنامج الوطني لزراعة القرنيات والمتبرع بها من المتوفين.
وأضاف بأنه يوجد سبع قرنيات جاهزة للاستخدام لأشخاص آخرين غير يوسف.
إنجازات متكررة
وتعد هذه العمليات التي يتم إجرائها في مستشفى العيون بأيد أطباء من غزة إنجاز كبير للمستشفى ولوزارة الصحة بوجود أطباء أكفاء يسعون لوضع حد لمعاناة العديدين من الذين فقدوا بصرهم لسنوات طويلة، لتشكل بذلك نجاحاً مبهراً في القطاع الصحي في غزة.