تتصاعد حالة الغضب والرفض لتصريحات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" بتسلئيل سموتريتش، التي طالب فيها بإحراق ومحو بلدة حوارة الفلسطينية من الوجود، رغم تراجعه عن ذلك.
وفجر الاثنين الماضي، تعرضت البلدة لهجوم إسرائيلي قادته مجموعة من المستوطنين زاد عددهم على الـ400 وفق المصادر العبرية، وأسفر الهجوم الهمجي الذي يذكر بحملات الإبادة الجماعية، عن استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين وإحراق عشرات المنازل والسيارات والمحال التجارية.
وعقب حرق قرية حوارة التابعة لمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، خرج الوزير اليميني سموتريتش، بتصريح مثير للغضب، شدد فيه على ضرورة أن تعمل حكومته المتطرفة على "محو" القرية الفلسطينية.
وفي مقال للباحث الإسرائيلي مايكل ميلستين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في "مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا" بجامعة تل أبيب، نشر على موقع القناة "12" العبرية، تحدث فيه عن أهمية إقرار "استراتيجية سياسية متوازنة"، أكد أن تصريح سموتريتش الذي قال فيه "يجب محو قرية حوارة" من قبل إسرائيل، "ليس تصريحا كلاميا من سموتريتش، أو تصريحا لم يفهم أو يصاغ بشكل صحيح، بل هو جزء من تغيير منهجي مفصل في منشورات وخطابات سموتريتش وفي برنامج ’الصهيونية الدينية‘ ".
وذكر أن سموتريتش عبر في "مناسبات لا حصر لها عن أهدافه الطويلة المدى في السياق الفلسطيني، بما في ذلك تطبيق السيادة (تدريجياً) على كامل المنطقة الواقعة بين البحر والأردن، ومحو الخط الأخضر، من بين أمور أخرى، من خلال إلغاء الإدارة المدنية التي ترمز بحسب طريقته إلى الوضع الاستثنائي للمستوطنات الإسرائيلية في المناطق".
وذلك، إضافة إلى "تكثيف كبير للاستيطان الإسرائيلي، من أجل الوصول إلى مليون مستوطن في المنطقة، والقضاء على السلطة الفلسطينية، وكل هذا، مع ترك الغموض حول مكانة العرب".
ونبه ميلستين وهو باحث أول في "معهد السياسة والاستراتيجية" (IPS)، ومستشار سابق لـ"منسق عمليات الحكومة في المناطق"، أن الوزير المتطرف سموتريتش، "كثيرا ما هاجم بشدة الأفكار السياسية التي طرحها سابقا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بشأن حل طويل الأمد للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، على سبيل المثال.. منح الحكم الذاتي للفلسطينيين أو إقامة "دولة ناقصة"، حيث اعتبرها سموتريتش "مغسلة من الكلمات لا تختلف إطلاقاً عن وجهات نظر اليسار".
وأوضح أنه "في داخل الحكومة الحالية المليئة بالتوترات، توجد أجندة متنافسة ومتعارضة بشأن القضية الفلسطينية ، ما يؤثر سلبًا على صورتها في الداخل والخارج، وقد يؤدي أيضًا إلى إحداث شقوق داخلها تتسع في المستقبل".
ولفت الباحث، إلى أنه "في ظل هذا الارتباك المدمر، اشتدت التهديدات الأمنية ضد إسرائيل، ولحقت أضرار جسيمة بصورتها الدولية، وتجلى ذلك في إدانة الإدارة الأمريكية الحادة لتصريحات سموتريتش حول "محور حوارة"، منوها إلى أن "الأحداث المروعة هذا الأسبوع، أظهرت أن نتنياهو لم يعد بإمكانه الإمساك بالحبل الفلسطيني من كلا الطرفين، وهو نفسه متمسك بـ"مبدأ العقبة"، الذي يجسد التطلع إلى الحفاظ على الاستقرار الحالي في الساحة الفلسطينية، بما في ذلك تجديد التنسيق الأمني، وتقوية السلطة والحد من الاستيطان".
جدير بالذكر، أن هناك حالة من الغضب الأمريكي المتصاعد ضد الوزير الإسرائيلي، حيث أكدت القناة "12" العبرية، أن الإدارة الأمريكية "تدرس" من زيارة وزير المالية الإسرائيلي إلى واشنطن، أنه "أصبح شخصية غير مرغوب فيها لدى الإدارة الأمريكية".
والأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، إن تعليقات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، التي دعا فيها إلى "محو" قرية حوارة الفلسطينية "بغيضة وغير مسؤولة ومثيرة للاشمئزاز".
ودعا برايس، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وغيره من كبار المسؤولين، إلى استنكار تصريحات الوزير بشكل علني.
وتابع: "ندين، كما كنا دائما، التطرف والإرهاب بكل أشكاله ونحث على أن تكون هناك إجراءات متساوية ضد الأفعال المتطرفة بغض النظر عن خلفية المنفذ أو الضحية".
وبعد تصريحات برايس، تراجع الوزير المتطرف سموتريتش عن قوله، فيما قال نتنياهو، الأحد، إنه "من المهم أن وزير المالية سموتريتش أوضح أنه لا ينوي إيذاء الأبرياء أو العقاب الجماعي".
وأضاف في تغريدة عبر "تويتر": "أعرف مواقفه وانعكست في توضيحه. لا أحد منا لا يخطئ، بما في ذلك الدبلوماسيون الأجانب".
وفي وقت سابق من السبت، نقلت القناة "12" العبرية عن السفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال توم نيدس، قوله: (سموتريتش) "أنا حقا غاضب منه، هو أحمق. لديه رحلة إلى واشنطن، وإذا كنت قادرا، لألقيت به به من الطائرة".
وقالت القناة إن تصريح نيدس كان "نصف مزحة لكنه يشير إلى المزاج العام في الإدارة الأمريكية، مضيفة أنه "في البداية فضلت السفارة الأمريكية عدم التعليق، وفي وقت لاحق هذا المساء قالوا إن السفير نيدس يدعي أنه لم يقل أبدا الكلمات المنسوبة إليه".
وفي تعليق، قال سموتريتش في تغريدة له : "أنا لست غاضبا من السفير الأمريكي لدى إسرائيل. أنا مقتنع أنه لم يقصد التحريض على قتلي عندما قال إنه يجب إلقائي من الطائرة، تماما كما لم أقصد إيذاء الأبرياء عندما قلتُ إنه يجب محو حوارة. يستخدم الناس أحيانا تعبيرات قاسية لا يقصدونها لنقل رسالة حادة. (هذا أمر) يحدث للجميع".