ما إن يمر أسبوع على ولادة الطفل.. إلا وتحرص الأسرة على الاحتفال بقدوم المولود الجديد واسترداد الأم لبعض من عافيتها بعد الولادة، وهذا الاحتفال يختلف في تفاصيله عن أي احتفال آخر... حيث إن أسبوع المولود احتفالية عائلية تحمل عبق التاريخ! ولشرح ما يحدث في أسبوع المولود؛ من توزيع للسبع حبات، وتخطي المولود بسبع خطوات، والسر وراء رش الملح 7 مرات -وكلها عادات مستمدة من الحضارة المصرية القديمة- كان اللقاء مع أستاذ التاريخ أحمد وهدان؛ للشرح والتوضيح.
"يوم السبوع".. هكذا يطلقون عليه
يبدو أن الكثير من الطقوس التي تقام في أسبوع المولود.. ما هي إلا عادات مصرية قديمة سجلتها جداريات المعابد منذ قرون طويلة.. وتوارثتها الأجيال من بعدهم.
والبداية كانت"طقس السبوع"، حيث كانت تستمر رعاية الأم لمدة 7 أيام، تتولى كل سيدة منهن الدور ليوم واحد.. وحتى نهاية الأيام السبعة.
ولارتباط المصري القديم بالزراعة.. كانت عادة وضع السبع حبات من البقول بجانب الرضيع "الفول- الأرز- القمح- الترمس- الذرة- الحلبة - العدس"، اعتقاداً بأنها ستجلب له الصحة وتمنع عنه الحسد.
ويبدأ يوم الاحتفال بوضع الطفل في المنخل أو الغربال، وهما أداة نقاء الحبوب من الشوائب، وبالتالي يعتقدون بتنقية الطفل منذ مولده من الفاسد الطالح إلى الصالح النافع.
وبعد الانتهاء، يتم توزيع «علب السبوع» على الكبار والصغار، والتي تعد من أهم مكوناتها الفشار، الحمص، الملبس، الفول السوداني.
ولقد تطورت أشكال «علب السبوع» مع مرور الزمن، فبعد أن كانت عبارة عن أكياس بلاستيكية تمتلئ بالفشار والسوداني والملبس.
أصبحت في علب فاخرة وتحتوي على لعبة، أو هدية، ويتوقف شكل «علب السبوع» على مستوى الأسرة.
الاحتفال في اليوم السابع
قم 7 في لغة قدماء المصريين يدل على أن المولود صاحب حظ في الحياة، وأنه طفل كامل الصحة والعافية ويستحق الاحتفال به.. كما أن رقم 7 في مفهوم حضارتهم تعني.. رقم الخير والسلام والصحة والحياة.
وارتبط الرقم أيضاً ببعض العادات؛ مثل: رش الملح سبع مرات، بظن منع الحسد عن المولود وأمه، وتخطي الأم على المولود 7 مرات لنفس الغرض.
وأيضاً سبع شمعات بسبعة أسماء، مع دق الهون "النحاس" 7 مرات.
كما سجلت حضارة قدماء المصريين.. أنه كان يتم اختيار اسم المولود في اليوم السابع، وكان المصري القديم يطلق 7 ألقاب على المولود.
عادات وطقوس ارتبطت بيوم "السبوع" للمولود
دعوة الأهل الأقارب والجيران والأحباب.. وشرب المغات.. وهو مشروب يعد من الأعشاب المطحونة، والسكر، والسمن البلدي.
تقديم كيس السبوع (كيس الحلوى) للأطفال والكبار، ومحتوى الكيس "شمعة - حلويات مسكرة – سوداني – فشار- شوكولاتة – ورقة باسم المولود".
وفي هذا اليوم يتم ذبح شاة للطفل المولود، وعمل العقيقة؛ وهي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.. ويلتزم بها القادرون والذين يقومون بتوزيع جزء منها للفقراء والمحتاجين.
دق الهون النحاس: كما ارتبط دق الهون بترديد بعض الكلمات بجوار أذن المولود تحمل بعض الطرافة ومفردات ناصحة للمولود.
وتلك الكلمات بمثابة غرس أخلاقيات حميدة على مسمع الطفل منذ مولده، كما أن دق الهون تعد أداة تنبيه... إذ يقال إن حاسة السمع تكتمل في اليوم السابع.
وهناك سبع خطوات
وهي عادة مصرية قديمة أيضاً، يتم استخدامها لإبعاد السحر والشعوذة، حيث تضع المرأة البخور، ثم تسير عليه أو تتخطاه ذهاباً وإياباً.
أو تخطي المرأة المحسودة على البخور، مرددة بعض كلمات تدعو بها لصحة وعافية المولود، وفق العادة المصرية القديمة.
تفاصيل «السبع حبات»
وضع السبع حبات بجانب الطفل.. يعتقدونها بركة المولود.. تجلب الحظ وتمنع الحسد.. «يا ملح دارنا.. عمّر ديارنا.. يا ملح دارنا.. كبّر عيالنا.. كثر عيالنا».
وجدة المولود هي من تقوم بإحضار طبق أو صينية بها ماء مالح، ثم تقوم بوضع ٧ أنواع من الحبوب بداخله، كما يوضع في الصينية إبريق من الفخار إذا كان المولود ذكراً، أما إذا كان المولود أنثى، فيتم وضع "قلة".
وأهم ما يميز احتفالية السبوع في مصر أن الجميع يستطيع الاحتفال بالمولود الجديد مهما كانت حالته المادية.
وعن سر "السبع حبات"، والتي يتم وضعها في صينية المولود، يعتقد المصريون بأنها تجلب الحظ الوفير للمولود، كما أنها تمنع الحسد.
كما ترمز "السبع حبات"، والتي يتم إلقاؤها على المدعوين إلى الخير والنماء، وأنه عندما تقوم الجدة أو العمة الكبيرة برش الأرز أو الفول على المتواجدين في السبوع، ويحصلون على هذه الحبوب التي تكون مصدراً للتفاؤل والسعادة والخير.
ثم ترش في أركان البيت "السبع حبات" التي يتم خلطها بالملح، وفى نهاية الاحتفالية تقوم الجدة بتفريغ طشت حمام السبوع، وترش ما فيه خارج عتبة الدار؛ وذلك لجلب الخير والسعادة ودرء الحسد لأهل المكان، وكل هذا وفق العادة المصرية القديمة.