نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا، أشارت فيه إلى التبعات الناجمة عن موافقة رئيس وزراء دولة الاحتلال على تشكيل "الحرس الوطني" الذي يطمح به الوزير المتطرف إيتمار بن غفير.
ولطالما ضغط بن غفير، من أجل تشكيل "الحرس الوطني". والذي يتألف من كل من القوات المسلحة النظامية والمتطوعين الذين قد يتم نشرهم في وقت قصير خلال أوقات الاضطرابات، مثل "هبة الكرامة" بالداخل المحتل في أيار/ مايو 2021 خلال عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والقدس.
وتشير الصحيفة إلى أن منتقدي تشكيل "الحرس الوطني" يذكرون أن القوة ستوجه ضد فلسطينيي الداخل، وسط مخاوف من استخدامها ضد أعداء بن غفير السياسيين.
بن غفير هو واحد من أكثر الأصوات تطرفا في حكومة نتنياهو، وأكثرها يمينية على الإطلاق. عندما كان مراهقا، مُنع من الخدمة في الجيش الإسرائيلي لأنه كان يعتبر متطرفا جدا. وأدين بالتحريض العنصري ودعم جماعة إرهابية، وحتى عام 2020، علق في منزله صورة لمسلح إسرائيلي قتل 29 فلسطينيا في مسجد بالضفة الغربية عام 1994.
لقد اتخذ نهجا أكثر حذرا في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، من خلال إبعاد نفسه إلى حد ما عن تعاليم الحاخام الذي اغتيل في نيويورك عام 1990، مئير كاهانا، الذي أراد تجريد فلسطينيي الداخل من جنسيتهم وفصل الأماكن العامة الإسرائيلية. لكن منتقدين يقولون إن اقتراح الحرس الوطني سيظل يشكل خطرا على الأقلية الفلسطينية في دولة الاحتلال، التي تشكل نحو 20% من السكان البالغ عددهم 9 ملايين.
عادة ما تستهدف عمليات هدم المنازل العرب الذين يبنون منازل بدون تصريح حكومي في شرق القدس وفي التجمعات البدوية في صحراء النقب. وكثيرا ما لفت اليمين الإسرائيلي الانتباه إلى بيانات الشرطة التي تظهر عددا كبيرا من الاعتقالات للعرب بتهمة سرقة المزارع.
وقالت غدير نقولا، رئيسة القسم العربي في جمعية الحقوق المدنية في "إسرائيل"، وهي منظمة حقوقية مستقلة: "إذا مر هذا الأمر، فسيكون خطرا وشيكا على حقوق المواطنين العرب في هذا البلد".
قالت نقولا: "سيؤدي هذا إلى إنشاء نظامين منفصلين لتطبيق القانون: الشرطة النظامية التي ستتعامل مع المواطنين اليهود، ومليشيا عسكرية للتعامل مع المواطنين العرب فقط".
بالنسبة للعديد من الفلسطينيين في المناطق الإسرائيلية التي هزتها اضطرابات عام 2021، فإن الحرس الوطني الذي اقترحه بن غفير يبدو وكأنه نسخة رسمية من الجماعات اليمينية المتطرفة المسلحة، وبعضها من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، التي ذهبت إلى الأحياء العربية أثناء أعمال الشغب. وهم يرون أن نشطاء المستوطنين المتشددين هم أكثر المدنيين احتمالا كمتطوعين في القوة.
وقالت مها الخطيب، المحامية والناشطة من مدينة اللد المختلطة التي تضررت بشدة عام 2021: "الخطر كبير. سيعمل المستوطنون الآن رسميا تحت قيادة بن غفير، مسلحين".
حتى إن بعض المنتقدين أشاروا إلى أن بن غفير قد يسعى لاستخدام حرس وطني جديد كمليشيا شخصية خاصة به، موجهة ضد الفلسطينيين واليهود المعارضين، ما يؤجج المزيد من الاضطرابات.
ورفض بن غفير هذه المخاوف ووصفها بأنها مبالغ فيها.
كتب بن غفير على "تليغرام" الأسبوع الماضي: "دعونا نجعل الأمور واضحة. لا جيش خاصا ولا مليشيات". وأضاف: "هذا مشروع صهيوني من الدرجة الأولى، وخطوة أخرى لتعزيز الأمن والحكم في البلاد".
بن غفير ليس أول من اقترح حرسا وطنيا. تمت الموافقة على خطة مماثلة لإنشاء مثل هذه الهيئة داخل قوة الشرطة، على الرغم من عدم إنشائها، في ظل حكومة نفتالي بينيت السابقة.
ومع ذلك، فإن فكرة بن غفير سيكون فيها الحرس خارج نفوذ الشرطة، ما يجعلها مؤسسة مستقلة.
وقدم نائب مفوض الشرطة السابق، أوري بارليف، نسخة أولية مفصلة من الفكرة إلى بن غفير قبل تولي الوزير منصبه في كانون الأول/ ديسمبر. ووفقا لخطة بارليف، فإن بن غفير لن يكون له سيطرة يومية على الحرس، تماما كما هو ممنوع حاليا من السيطرة على عمليات الشرطة اليومية.
في مقابلة، زعم بارليف أن منطلق خطته كان استهداف الجريمة المنظمة في المجتمعات العربية، ولكن فقط لعلاج الإهمال الطويل من قبل الشرطة الإسرائيلية.
وقال بارليف: "لن تنجح سوى فرقة عمل مخصصة، بميزانيات ومعدات وتدريب وإشراف من مقر وطني".
حاول نتنياهو تحقيق توازن مشحون منذ كانون الأول/ ديسمبر، عندما شكل التحالف الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل مع تحالف من الأحزاب الدينية القومية المتطرفة والمتشددة المحافظة. وأصر مرارا وتكرارا على أنه سيحافظ على الاستقرار، وسط مخاوف من أن نهج حلفائه الاستفزازي للفلسطينيين والعالم العلماني سيختبر تحالفات إسرائيل الخارجية ويخلق مخاطر أمنية أكبر في الداخل.
لكن استعداد نتنياهو للنظر في فكرة وجود الحرس الوطني بقيادة وزير متشدد زاد من الشكوك حول ما إذا كان بإمكانه الاستمرار في التعامل مع وضع متقلب بشكل متزايد والاحتفاظ بالسيطرة.
وكان مفهوم الحرس الوطني مجرد واحدة من العديد من الأفكار المثيرة للجدل التي وقع عليها حزب نتنياهو، الليكود، في كانون الأول/ ديسمبر في اتفاقه الائتلافي مع حزب بن غفير، عوتسما يهوديت (القوة اليهودية)، والذي لم يسبق له أن شارك في حكومة.
ونصت الاتفاقية رسميا على منح بن غفير السيطرة على عدد من وحدات مغاوير الشرطة التي تعمل حاليا تحت قيادة عسكرية في الضفة الغربية المحتلة.