سادت حالة من الجدل بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن حكم صلاة الجمعة غدا، حيث ستصادف أول أيام عيد الفطر المبارك، وهل يجوز تركها لمن صلى العيد وحضر خطبته أم لا؟
حكم صلاة الجمعة يوم العيد
وفي هذا السياق أصدر “مركز الأزهر للفتوى” في مصر، بيانا للرد على الأسئلة في هذا الشأن وحسم الجدل، حيث ذكر أن “العيد والجُمُعة من الشعائر التي تجب إقامتها على مجموع الأمة الإسلامية، ولا يسع الأمة جميعها ترك واحدة منها وإن اجتمعتا في يوم واحد.
وتابعت الفتوى: “أما على مستوى الأفراد، فقد اختلف الفقهاء في إجزاء صلاة العيد لمن صلاها في جماعة عن أداء صلاة الجمعة جماعة في المسجد إذا اجتمعتا في يوم واحد.”
“فذهب الحنفية والمالكية إلى أن كلا الصلاتين مستقلتين عن بعضهما لا تغني واحدةٌ عن الأخرى.”
بينما ذهب الشافعية إلى أن صلاة الجمعة لا تسقط عمن صلى العيد جماعة؛ باستثناء إذا ما كان في الذهاب لصلاة الجمعة مشقة عليه.
ورأى الحنابلة أن صلاة الجمعة تَسقُط عمّن صلى العيد في جماعة، مع وجوب صلاة الظهر عليه أربع ركعات؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ».
وأوضح بيان مركز الأزهر للفتوى: “وعليه؛ فمن وجد مشقة في الخروج لأداء صلاة الجمعة بعد صلاة العيد جماعة؛ بسبب سفر أو مرض، أو بُعد مكان، أو فوات مصلحة مُعتبرة، فله أن يُقلِّد من أجاز ترك الجمعة لمن صلى العيد في جماعة، مع صلاتها ظهرًا أربع ركعات.”
الأولى أداء الصلاتين طالما تيسر الأمر
ومن لم يكن في أدائه الصلاتين مشقة عليه، ولا تفوته بأدائهما مصلحة معتبرة؛ فالأولى أن يؤديهما؛ إذ إن هدي سيدنا رسول الله ﷺ هو الجمع بين أدائهما.
من جانبها أيضا أجابت دار الإفتاء المصرية على ذات السؤال، بشأن صلاة الجمعة إذا جاءت يوم عيد.
حيث قالت: ” إذا جاء العيد يوم الجمعة فالأصل أن تقام الجمعة في المساجد، ومن كان يَصعب عليه حضورها أو أراد الأخذ بالرخصة في تركها إذا صلى العيد فله ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك: “قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمِّعون” رواه أبو داود وغيره؟
بشرط أن يصلي الظهر بدلًا عنها. وأما القول بسقوط الجمعة والظهر معًا بصلاة العيد فلا يُعَوَّل عليه ولا يجوز الأخذ به.”
فتوى ابن باز في صلاة الجمعة والعيد
أما فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز، في فتاوى الجامع الكبير، في شأن صلاة الجمعة إذا جاءت يوم عيد، فقال: “الأفضل أن يصلي صلاة الجمعة؛ لأن الرسول كان يصليها -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي الجمعة، والعيد جميعًا، ولكن رخص للناس من حضر صلاة العيد، من شاء صلى الجمعة، ومن شاء صلى ظهرًا، النبي صلى الله عليه وسلم، كان يجمع.”
وأوضح: “فإذا صلى الجمعة مع الناس؛ كان أفضل حتى يحصل له فضل الجمعة، وسماع الخطبة، وإن صلى الظهر، ولم يصل الجمعة يوم العيد؛ لأنه قد صلى العيد؛ جاز ذلك على الصحيح، كما جاءت به السنة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه رخص لمن حضر العيد بترك الجمعة.”
وتابع بن باز فتواه قائلًا: “لكن إذا حضر الجمعة، وصلاها؛ كان أفضل لما فيه من الخير العظيم، والنبي، صلى الله عليه وسلم، كان يصلي الجمعة، ويصلي العيد جميعًا، كما قال النعمان فيما رواه مسلم في الصحيح قال: “كان يقرأ في الجمعة بسبح، والغاشية، وهكذا في العيد، وربما اجتمعا في يوم فقرأ بهما جميعًا في الصلاتين، صلاة العيد، وصلاة الجمعة” رواه مسلم في الصحيح.”
فتوى ابن عثيمين إذا اجتمعت صلاة الجمعة مع العيد
خالفه الشيخ ابن عثيمين حيث قال: “إذا صادف العيد يوم الجمعة فلابد ان تُقام صلاة العيد وصلاة الجمعة كما فعل النبي ﷺ، ثم إن من حضر صلاة العيد فإنه يُعفي عنه حضور صلاة الجمعة، ولكن لابد أن يُصلي الظهر فرض الوقت”.
أما اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فذكرت في فتواها بشأن صلاة الجمعة إذا جاءت يوم عيد: “من حضر صلاة العيد فيُرخص له في عدم حضور صلاة الجمعة، ويُصليها ظهرًا في وقت الظهر، وإن أخذ بالعزيمة فصلّى مع الناس الجمعة فهو أفضل”.
أما جمهور العلماء فيقولون “إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فوجب صلاة الجمعة، وعدم سقوطها لأن صلاة العيد سنة والجمعة فريضة، ولعل الأقرب أنه يسقط حضور الجمعة عن أهل القرى النائية الذي يشق عليهم تكرار الحضور لبعد مساكنهم ولا تسقط عن القريب الذي يسمع النداء وليس عليه مشقة.” حسبما ذكر الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين في فتاوى في صلاة العيدين.
ومذهب الحنفية والمالكية فيؤكد أنه إذا اجتمع يوم العيد ويوم الجمعة فإن إحدى الصلاتين لا تجزئ عن الأخرى. وهذا هو مذهب الشافعي غير أنه يرخص لأهل القرى الذين بلغهم النداء وشهدوا صلاة العيد ألا يشهدوا صلاة الجمعة.
وجاء في المغني لابن قدامه: “مذهب الإمام أحمد: أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة إلا الإمام لا تسقط عنه إلا ألا يجتمع معه من يصلي به الجمعة، وقيل في وجوبها على الإمام روايتان، وروي عنه أيضًا أنه إذا صليت الجمعة في وقت العيد أجزأت صلاة الجمعة عن صلاة العيد وذلك مبني على رأيه في جواز تقديم الجمعة قبل الزوال.”