ارتكب العدو الصهيوني جريمة مروعة في مدينة نابلس أدت لارتقاء الشهداء الأبطال: حسن قطناني، ومعاذ المصري، وإبراهيم جبر، هؤلاء الشهداء من أبطال كتائب الشهيد عز الدين القسام أصحاب (الرد السريع)، وأبطال الانتصار للأقصى، وحرائره من ضفة العياش، فلم تمر ساعات على العدوان والتنكيل بالمعتكفين وسحل المرابطات، حتى جاءت الردود مدوية على يد هؤلاء الأبطال، لتسيء وجوه قادة العدو، وتعلمهم درساً لا يزالون حتى اللحظة يعجزون عن استيعابه أو التصرف إزاءه، فكانت منطقة الأغوار شاهدة على هذه العملية النوعية التي قُتلت فيها ثلاث مستوطِنات.
وقد جن جنون العدو الصهيوني بعد هذه العملية المباركة، نتيجة الخسائر البشرية، ونجاح الفدائيين الأبطال في الانسحاب من المكان، والتخفي في مناطق الضفة الغربية دون أن يستطيع معرفة هوياتهم أو المنطقة التي يوجدون فيها، الأمر الذي جعله في حالة استنزاف متواصلة، ودفعه لاقتحام عدد من المدن والقرى دون أن يحقق أي نتيجة، وما زاد من خوف وارتباك العدو خشيته من أن تنفذ هذه الخلية هجومًا مشابهًا في منطقة أخرى، أو أن يشكل فعلهم الفدائي إلهامًا لشبان آخرين لمحاكاة مثل هذه العملية.
لكن وإن استطاع العدو الوصول إليهم "واغتيالهم" بعد أسابيع من البحث، فإنه لن يكون بمقدوره وضع حد لهذه العمليات؛ لأن الشعب الفلسطيني دخل في مرحلة مختلفة من المواجهة مع العدو، وأصبح المئات بل الآلاف من الشباب الفلسطيني يؤمنون بضرورة المواجهة المسلحة، ويستعدون لتدفيع العدو ثمن عدوانه وجرائمه بحق شعبنا، وأي اغتيال أو جريمة أيًّا كانت سيتبعها رد أشد قسوة من ذي قبل، وهذا بدوره يجعل العدو أمام (تحديات متعاظمة) لا يمكن التخلص منها أو تقويضها، سواء كان ذلك بالاغتيالات، أو الاعتقالات، أوالإغلاق، أوتشديد الحصار، أو غير ذلك من أشكال العدوان.
وعلى العدو أن يدرك جيدًا أن عملية الاغتيال الأخيرة في نابلس لن تحد من ضربات المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام، ولن توقف من مدها الثوري المتصاعد، والمقاومة ستمضي بكل عزيمة وإصرار للرد على جريمة الاغتيال والثأر لدماء الشهداء، وهذا ما أكدته كتائب القسام في بيان النعي للشهداء الأبطال، مؤكدة أن الجريمة تضاف لسجل الاحتلال الأسود وحكومته الفاشية التي "ستدفع ثمن جرائمها"، وعليه فإن رد المقاومة قادم لا محالة، وجريمة العدو ستشكل حافزا لأبطال وفدائيين جدد لاستهداف الجنود والمستوطنين بصورة أكثر فتكا وقوة، حتى يعلم أن دماء الشهداء لا تذهب هدرا، وأنه لن يكون بمقدوره القضاء على شعلة المقاومة بأي صورة.
إن ما فعله أبطال نابلس بعد أن ثأروا للمرابطات والحرائر وللأقصى المبارك بعملية بطولية يثبت أن وحدة الساحات متجسدة على أرض الواقع، التي ترسخت بتضحيات عظيمة وجهود كبيرة من شعبنا ومقاومته الباسلة، التي ردت مؤخرا بقصف مستوطنات العدو بعشرات الصواريخ من قلب غزة من خلال غرفة العمليات المشتركة في إثر استشهاد القيادي خضر عدنان في سجون الاحتلال بعد إضرابه المفتوح عن الطعام احتجاجا على اعتقاله الإداري من الاحتلال، ونستحضر اليوم التحول الأبرز حين انطلقت معركة (سيف القدس) عام 2021 بصواريخ من غزة ثم تحولت المعركة لمواجهة شاملة في الأراضي الفلسطينية مع العدو بعد اعتدائه على القدس والأقصى.
وهذا يؤكد أن ساحات الوطن هي "ساحة واحدة" لا يمكن الفصل بينها، وأن أي اعتداء على أي جزء من الأرض الفلسطينية هو اعتداء على كل الفلسطينيين يستوجب الرد من كل ساحات الوطن.
ومن هنا فإنني أدعو جماهير شعبنا الفلسطيني وكل التشكيلات العسكرية لاستدامة وتصعيد الاشتباك مع الاحتلال، ورفع كلفة المواجهة معه وتدفيعه ثمن عدوانه؛ لأن هذا العدو لن يرتدع، ولن يوقف عدوانه، ولن ينهي احتلاله للأراضي الفلسطينية إلا بمواصلة المقاومة وتصاعدها في وجهه في كل مكان.