20.01°القدس
19.77°رام الله
18.86°الخليل
24.95°غزة
20.01° القدس
رام الله19.77°
الخليل18.86°
غزة24.95°
الأحد 13 يوليو 2025
4.5جنيه إسترليني
4.7دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.33دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.5
دينار أردني4.7
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.33

خبر: "عزومة الفيسبوك".. وجه جديد لـ"عزومة المراكبية"!

تفضلوا يا جماعة.. سفرة من الطعام تحتوي على أكلات بحرية من سمك "الدنيس"، و"سلطان إبراهيم"، و"زبادي جمبري"، و"حباري السمك المحشوة"، وأطباق من "رز الصيادية" ومقبلات، هذه السفرة موجودة أمامك ولكن لا تستطيع أن تتناول أي منها سوى ما تلتقطه عيناك من مشاهد. لا تستعجب فهذه السفرة التي تحتوي على المأكولات البحرية ما هي إلا عبارة عن صورة لمائدة منشورة على حائط أحد الأصدقاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، فـ"عزومة الفيسبوك" تعكس في صورتها حالة التطور التي شهدتها "عزومة المراكبية" ومثيلاتها باختلاف مسمياتها في الوطن العربي. فـ"عزومة المراكبية" هي الدعوة التي لا يمكن تلبيتها لأسباب عملية، وتسمى بـ"المراكبية" نسبة إلى أصحاب المراكب الذين كانوا يتناولون الأطعمة داخل مركبهم في وسط النهر أو قريبا من الشاطئ، ويقومون بتوجيه الدعوة للماشي على الشاطئ لمشاركتهم في الطعام. وكان "المراكبية" يوجهون الدعوة للمارة لأنهم في مأمن من تلبية الدعوة لأن المدعو لن يستطيع الصعود إلى ظهر المركب وهي بعيدة عن اليابسة، ولذلك يقال لكل "عزومة" غير صادقة بأنها، "مراكبية". أما في عزومة "الفيسبوك" فهي تتصف بنفس صفات سابقتها المراكبية، لأنها أيضا غير صادقة، فهي دعوة صورية لا يمكن أن يلبيها صديق "الفيسبوك" الذي يبعد عن الداعي مسافات بل من الممكن أن يكون في دولة خارجية. وبدى "الفيسبوك" اليوم كلوحة إعلانات تخصص لدعوات "المراكبية"، فمثلا أصبحنا نشاهد جملا تحت صورا لموائد طعام، وصواني الحلويات، "من عمل ايدي تفضلوا!"، "الي عابالوا يتفضل"، "تفضلوا يا جماعة"، "شاركونا يا جماعة". وجاءت هذه "العزومة" نتاج تطورات طرأت على كلمات كانت مسميات "للكرم والجود"، لكنها سرعان ما تغير حالها، وأصبحت تخرج من ثغر الرجل إذا أراد التملص من شخص آخر، مثل "روح نقهويك.. تفضل معنا.. خلينا نكسبك" وبات متلقي الدعوة لا يستطيع التميز بين مغزى الدعوتين إلا من خلال أسلوب الشخص الداعي ولجهته في الدعوة بين إذا ما كان راغب في الدعوة أم نوع من المجاملة. وأصبح الاستخدام "المراكبي" لهذه الكلمات شائع لدرجة أن الكثير أصبح يستخدمها حتى في الوقت غير المناسب، وغدت تستخدم أيضا كوسيلة لإنهاء اللقاء بين شخصين التقيا في إحدى الأماكن العامة كقول "اتفضل معنا". ولهذه "العزومة" مسميات أخرى في فلسطين، إذ تسميها القبائل البدوية باسم "عزومة الملاحية" (أي الشخص المسئول عن توجيه المراكب)، كما يطلقون عليها "هدّة مقادسة" لأن الدعوة تكون مجرد "هدّة كاذبة وخفيفة"، لا يُرجى من ورائها عمل شيء بل إسقاط واجب. إذن "عزومة الفيسبوك" هي مجرد "تسالي" تفضى إلى ما في خاطر كاتبها ليس أكثر، وذلك لإشراك أصدقائه وتسليتهم من خلال حائطه، هكذا يصف الصحفي المصري محمد أبو عيطة حال هذه الدعوة. بينما يرى الكاتب طارق شمالي وهو أحد نشطاء "الفيسبوك" أن هذه الدعوات أمور "عادية" تعبر عن ثقافة من ينشرها وفكره، وأن هذه الصفحات أتاحت لكل شخص التعبير عن ما يخطر بباله على حائطه بدون أية عوائق. وإذا كان أجدادنا قد أطلقوا على الدعوات غير الصادقة "عزمة المراكبية" و"هدة المقادسة"، فقد يأتي يوما وتحل محلها أو تنشأ تسمية "عزومة فيسبوك" خاصة مع الانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم.