23.62°القدس
23.13°رام الله
22.75°الخليل
26.13°غزة
23.62° القدس
رام الله23.13°
الخليل22.75°
غزة26.13°
الأربعاء 24 ابريل 2024
4.67جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.03يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.67
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.03
دولار أمريكي3.78
د. أيمن أبو ناهية

د. أيمن أبو ناهية

الانتصار في معركة "ثأر الأحرار"

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مساء السبت الماضي عند الساعة العاشرة، انتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استمر لخمسة أيام متواصلة من الغارات والقصف العنيف جوًا وبرًا وبحرًا، ضمن عملية عسكرية أطلق عليها اسم “السهم الواقي” بدأها فجر الثلاثاء 9 مايو/أيار، ضد أهداف قال إنها تتبع لحركة الجهاد الإسلامي، وقد خلفت خسائر في الأرواح والممتلكات والمنازل والأراضي الزراعية والمنشآت المدنية في القطاع، إذ أقدم الاحتلال على اقتراف جرائم إنسانية تضاف إلى قائمة الجرائم الصهيونية بقتل 33 فلسطينيًا بينهم 6 أطفال و3 سيدات، بجانب قادة "سرايا القدس" الستة، إذ قُصفوا جوًّا في بيوتهم بدم بارد فضلًا عن إصابة 147 آخرين بجراح مختلفة، بحسب مصادر طبية فلسطينية.

ومهما كانت حجم الخسائر في صفوف المدنيين والمنازل والأراضي الزراعية والممتلكات التي قصفها الاحتلال، فقد لقنت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الاحتلال درسًا قاسيًا في العسكرية وقد أبلت بلاءً حسنًا، وازدادت قوة وصلابة وثبات في هذه المعركة "ثأر الأحرار" بالتصدي لهذا العدوان الصهيوني الغاشم لما تملكه من إمكانات ومقومات عسكرية عملت على تثبيت قواعد الاشتباك بما عرف بـ“القصف بالقصف”، المستمدة من معركة “سيف القدس”، وقد زادت المقاومة الغلة الصاروخية بإيلام الاحتلال بسبب قوتها وضراوتها وحجم تأثيرها لما خلفته من خسائر مادية واقتصادية فادحة في الجانب الاسرائيلي، إذ أمطرته بصواريخ قصيرة وطويلة المدى التي وصل مداها إلى أبعد من مستوطنات غلاف قطاع غزة، فمن النقب الغربي إلى جنوب )تل أبيب( وصولًا إلى شمال القدس.

اللافت أن المقاومة الفلسطينية تطورت في إدارة هذه المعركة على مستوى الأداء والتكتيك والتنسيق والتعاطي مع الأحداث والمتغيرات بما تقتضيه الحاجة، وربما كان ذلك عبر إستراتيجية جديدة وضعتها الغرفة المشتركة، تمثلت في تنوع ردة الفعل والطريقة الأنسب عندها في التعامل مع مجريات الأحداث، وقد ظهر هذا بامتصاصها للضربة الأولى، وتريثها لـ 36 ساعة في الرد على العدوان الإسرائيلي، وهو أسلوب نفسي جديد للمقاومة أربك حسابات الاحتلال، وكشف همجيته دوليًا.

وعلى صعيد العمل المشترك للمقاومة، ففي مقالي السابق كنت قد أشرت أن الاحتلال فشل في مساعيه باتباع سياسة “فرق تسد”، لإحداث التفرقة بين فصائل المقاومة وإنهاء الغرفة المشتركة، لكن انقلب السحر على الساحر، فكان التنسيق بين فصائل المقاومة سيد الموقف حتى أن الاحتلال شعر بعجزه للاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي، وفشلت سياسة اغتيالاته في ثني الحركة والمقاومة عن المواجهة، بل زادتها وحدة وتماسكًا، بعد اتباعها تكتيكًا هندسيًا أذهل الاحتلال وأفشل مخططاته، بدليل مطالبته الوسطاء بالتدخل، في ظل النقد والاتهام الموجه لنتنياهو بعدم قدرته على تحقيق “الردع”، كما هو الحال مع كل عملية عسكرية في غزة، خاصة أن الاستمرار وتوسيع العملية كان سيزيد كثيرًا من احتمال دخول حركة حماس إلى العملية علنيًا، وهي خطوة تحاول (إسرائيل) منعها منذ اللحظة الأولى، خوفًا من تكرار سيناريو المعارك السابقة، ناهيك باحتمالية تفعيل العمليات الفدائية داخل الخط الأخضر، لذا حاول نتنياهو من هذا العدوان تحقيق أي إنجازٍ أمنيٍّ سريع، بتسجيل نقاط لصالحه على حساب الدم الفلسطيني، ليستطيع به مواجهة المعارضة الساخطة عليه ويحاول تبييض صفحة قضايا الفساد التي تلاحقه، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، استعادة اليمين الإسرائيلي المتطرف، فأراد تسويق الاغتيالات وقتل المدنيين الفلسطينيين على أنها انتصار إرضاءً لشركائه في الائتلاف الحكومي، بعد تراجع الثقة بائتلافه الحكومي في استطلاعات الرأي الأخيرة، بحسب هآرتس.

يحاول الاحتلال أن يظهر أمام جمهوره بأنه أحرز إنجازات أمنية، لكن المعادلة في الواقع كانت مغايرة تمامًا، لعدم قدرته على ترميم قوة “الردع”، إذ انعكس الحال وأصبح بيد المقاومة، فكل الدلائل تشير إلى انتصار المقاومة والشعب الفلسطيني الملتف حولها بصفة عامة، وقد شاهدناه مساء السبت كيف احتفل بهذا النصر المؤزر.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن