ما فتئت قواعد جيش الاحتلال تواجه سلسلة من العمليات المتواصلة للاستيلاء على كميات كبيرة من الرصاص والذخيرة، وآخرها في قاعدة تسآليم الجنوبية، ما يكشف عن حالة من التراخي لدى الجيش، وغياب القدرة على ضبط إجراءاتها الأمنية، والخشية المتفاقمة في أوساطه من أن هذه الذخيرة تجد طريقها الى "الأيدي الخطأ"، والمقصود فيها المقاومة الفلسطينية.
كثيرة هي الانتقادات التي وجهها الإسرائيليون للجيش، واتهامه بعدم وجود تشريعات حازمة، وغياب إجراءات فتح النار، وعدم إدماج باقي الأجهزة الأمنية لمكافحة الظاهرة، وقبل ذلك وبعده عدم وجود عقوبات رادعة مزعومة تحول دون تكرار هذه العمليات، التي شهدت آخرها قاعدة تسآليم في النقب، وتمثلت بالسطو على 26 ألف رصاصة من مستودع الذخيرة.
لا يخفي جيش الاحتلال جهوده بوضع حدّ لإجراءات مكافحة الظاهرة المقلقة له، بدءًا بالخدمات اللوجستية إلى الدورات التدريبية التي تستغرق أسابيع وأشهر، واستثمار مئات ساعات العمل وملايين الشواقل في المعدات، وتوظيف أفراد الاحتياط والخدمات اللوجستية، دون العثور على حلّ سحري لهذا المسلسل المتواصل، والنتيجة هي العودة لذات الروتين الذي عانى منه الجيش مرات أخرى، وفي وقت قصير مع تسلل آخر وعملية سطو جديدة.
هذا هو الواقع في قواعد الجيش في النقب على مر السنين، آلاف حالات سرقة أسلحة وذخيرة ومعدات لوجستية ومركبات وأكثر من ذلك بكثير، بما يثبت أن من يقف أو يقفون وراء هذه الحالات جهات منظمة، ولو أنها تتغير بين قاعدة وأخرى، تعرف كيفية دخول كل واحدة منها، بالمعدات المناسبة، وتحميل العشرات من صناديق الذخيرة الثقيلة، ما يكشف عن واقع من الفوضى وانعدام الحكم وغياب السيطرة، خاصة وأن جيش الاحتلال بات يعد المورد الرئيسي للمعدات التي تستخدمها عصابات المافيا بين فلسطينيي 48، وأحيانًا تجد هذه الأسلحة طريقها إلى المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.
صحيح أنه يلقى القبض على المشتبه بتنفيذهم عمليات السرقة في وقت قصير، والذخيرة في أيديهم، لكن في حالات أخرى كثيرة تتدحرج الرصاصات المسروقة خلال ساعات أو أيام من مخازن الجيش للجهات المعادية، ما يكشف أن هذه الأسلحة والذخيرة يمكنها، في لحظة واحدة، أن تتحول إلى برميل بارود ينفجر نحو الاحتلال ذاته.
لا تفلح إجراءات الجيش ضد الأفراد والمجموعات التي تنفذ عمليات السطو على قواعده العسكرية بوقفها، مع افتقاره لأدوات التعامل مع الظاهرة، وفي أحسن الأحوال، فإن استحداث أي إجراءات جديدة، إن حدثت، ستوفّر حلاً جزئيًا فقط، فالأمر يتجاوز فردًا هنا أو هناك، وصولًا لبيئة معادية للاحتلال ذاته بين فلسطينيي 48، ممن يوظفون دوافع الجريمة عند الإسرائيليين أنفسهم لتحقيق مآربهم.