لم تكن المرة الأولى التي تُحرَق نسخة من القرآن الكريم في السويد، إلا أن انتشار الخبر وتزامنه مع أهم المناسبات الإسلامية، الوقوف بعرفات وعيد الأضحى المبارك، سبّبا إيذاءً لمشاعر مئات الملايين من المسلمين، ما حدا دولاً عربية وإسلامية ومنظمات كبرى إلى إطلاق دعوات لمقاطعة شاملة للسلع والمنتجات السويدية، رداً على جريمة حرق المصحف الشريف، التي جرت بموافقة الشرطة السويدية.
وفي مصر طالبت مؤسسة الأزهر الشريف دور الفتوى وهيئات الإفتاء في العالم كله، بـ"إصدار فتوى حاسمة بوجوب مقاطعة المنتجات السويدية ومنع التعامل معها، أياً كان نوعها؛ إظهاراً لاعتزاز المسلمين بكتابهم ومقدّساتهم، وهو أقل ما يجب على السادة شيوخ الإفتاء في العالم العربي والإسلامي تجاه المصحف الشريف".
ورغم الهدوء المعروف عن المواطن السويدي، والمنعكس على سمعة البلد البعيد عن الأراضي العربية، تظهر السويد في العديد من المنتجات المتداولة على الأراضي العربية والإسلامية، ما يعبّر عن الدور الذي يلعبه الاقتصاد السويدي بشركاته في ساحة الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية.
وتحتل السويد حالياً المرتبة الـ22 من الاقتصادات الرئيسية. ولو جرى حساب المتوسط لكل فرد، مع الأخذ بالاعتبار تكافؤ القوة الشرائية، فستأتي ضمن قائمة أغنى دول العالم. وكان التضخم في السويد عام 2022 بحدود 8.37%.
ومع الكشف عن رعاية الشرطة السويدية لجريمة حرق نسخة القرآن الكريم، اتسعت دائرة دعوات المقاطعة لأشهر العلامات التجارية السويدية التي يعرفها بالاسم أغلب المسلمين والعرب، دون أن يدرك أغلبهم حقيقة بلد المنشأ.
إيكيا (IKEA):
إذا سألت أي شخص في أي مكان في العالم عن أشهر علامة تجارية للأثاث، فعلى الأرجح ستكون الإجابة هي عملاق الصناعة السويدي، حتى في البلدان التي لا توجد بها متاجر للشركة.
وإيكيا سلسلة تجارية للأثاث والمنتجات المنزلية، تأسست في السويد عام 1943، وهي اليوم واحدة من أكبر الشركات في هذا القطاع على مستوى العالم. وتشتهر إيكيا بتصميماتها العملية والبسيطة وأثاثها بأسعار معقولة. وقد أسهمت الشركة في تغيير صناعة الأثاث وأساليب التسوق العالمية، وتحديداً في الكثير من الدول العربية.
وعلى مدار الأربعين عاماً الماضية، عملت إيكيا على توسيع وجودها في الشرق الأوسط، وزاد عدد زبائنها كثيراً.
ويشير موقع ويكيبيديا إلى وجود 39 متجراً للشركة في دول عربية وإسلامية، من أصل 460 متجراً للشركة حول العالم، وذلك في فبراير/ شباط 2023.
وفي 2022، باعت الشركة ما يقرب من 2% فقط من مبيعاتها لزبائنها في أسواق الشرق الأوسط، إلا أن نسبة لا يستهان بها من المبيعات في الدول الأخرى تذهب عادة إلى العملاء من المسلمين والعرب الموجودين في تلك الدول.
إريكسون (Ericsson):
تُعَدّ إريكسون واحدة من أبرز الشركات العالمية في مجال تكنولوجيا الاتصالات والشبكات. تأسست في السويد عام 1876، وهي معروفة بتوريدها لشبكات الجيل الرابع والجيل الخامس من تكنولوجيا الهواتف المحمولة. وتقدم إريكسون حلولاً شاملة للاتصالات والشبكات للشركات ومزودي الخدمة في جميع أنحاء العالم.
وعلى مدار السنوات الأخيرة، بذلت الشركة جهداً كبيراً لتكون شريكاً أساسياً للدول العربية والإسلامية في تطوير قطاع الاتصالات، وتحقيق التقدم التكنولوجي. وتساهم الشركة في تعزيز الاتصالات والتواصل وتوفير الخدمات الرقمية المتقدمة للمجتمعات والأعمال في تلك الدول.
وفي عام 2022، شكلت مبيعات إريكسون في الشرق الأوسط حوالى 3% من إجمالي مبيعات الشركة. وبلغ إجمالي مبيعات الشركة في عام 2022 ما قيمته 71.9 مليار دولار، وكانت مبيعاتها في الشرق الأوسط 2.1 مليار دولار.
فولفو (Volvo):
تأسست شركة فولفو عام 1927 في مدينة غوتنبرغ بالسويد، وهي إحدى أبرز الشركات المصنعة للمركبات في العالم. تشتهر فولفو بإنتاج السيارات والشاحنات والمعدات الثقيلة ذات الجودة العالية والتكنولوجيا المتقدمة. وتُعتبَر السلامة والابتكار أهم ركائز استراتيجية فولفو.
وتوجد وكالات ومراكز خدمة لفولفو في العديد من الدول العربية والإسلامية، ومنها السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، ومصر، والمغرب، وتونس، والأردن، وغيرها. وتعمل فولفو بنشاط على توسيع وجودها وتقديم خدماتها لعملائها في تلك الأسواق.
وتشير بعض المصادر إلى بيع 75 ألف سيارة من إنتاج الشركة في الدول العربية في 2021، بمتوسط سعر 50 ألف دولار. ونمت مبيعات الشركة في تلك البلدان في عام 2021 بنسبة 10%.
إتش أند إم (H&M):
تعد "إتش أند إم" واحدة من أكبر سلاسل الملابس في العالم، وتأسست في السويد عام 1947، وتقدم تشكيلة واسعة من الملابس والإكسسوارات بأسعار معقولة، وتتميز بالتصاميم العصرية والمستدامة. وتوجد فروع لهذه السلسلة في جميع أنحاء العالم. وقدرت مصادر دولية مبيعات الشركة في 2021 في الشرق الأوسط بما لا يقل عن 7.5 مليارات دولار، كان خمسها على الأقل في السعودية.
إلكترولوكس (Electrolux):
تعتبر إلكترولوكس واحدة من أكبر الشركات المصنعة للأجهزة المنزلية في العالم. تأسست في السويد عام 1919، وتشتهر بتصميم وتصنيع أجهزة المطابخ والغسالات والمجففات وأجهزة التكييف وأجهزة التنظيف. ويعتبر الابتكار والجودة جزءاً أساسياً من رؤية الشركة.
ووفقاً لأحدث البيانات، بلغت مبيعات الشركة في منطقة الشرق الأوسط في 2022 نحو 1.8 مليار دولار، بما يعادل 9% من إجمالي مبيعات الشركة في كل بلدان العالم، كان أكثر من ربعها في مصر.
سكانيا (Scania):
تعتبر سكانيا واحدة من أكبر الشركات المصنعة للشاحنات والحافلات في العالم. تأسست في السويد عام 1891، وتتميز بتصميماتها المبتكرة والمستدامة وتكنولوجيا المحركات القوية، وهي تتمتع بسمعة قوية في صناعة النقل، وتوفر حلولاً مخصصة لاحتياجات العملاء.
وباعت الشركة في 2021 ما يقرب من 5% من إجمالي مبيعاتها لدول الشرق الأوسط، بقيمة تقلّ قليلاً عن مليار دولار.
هذه مجرد نماذج قليلة من الشركات السويدية البارزة والمنتشرة في البلدان العربية والإسلامية، وهناك أيضاً المزيد من الشركات المهمة، مثل ستورمبرج "Stora Enso" في صناعة الورق، وإنرسيس "Enersys" في صناعة الطاقة، ونورديا "Nordia" في مجال التكنولوجيا المالية.
دعوات متزايدة للمقاطعة
وخلال الساعات القليلة الماضية اتسعت دعوات مقاطعة المنتجات السويدية، رداً على جريمة حرق نسخة من القرآن الكريم.
حيث دعا الأزهر الشريف في مصر كل الشعوب الإسلامية والعربية و"أصحاب الضمير الحيّ"، إلى تجديد مقاطعة المنتجات السويدية.
وقال الأزهر في بيان صدر الأربعاء إن دعوة مقاطعة البضائع السويدية تأتي "نصرة للمصحف الشريف كتاب الله المقدس، وذلك بعد تكرار الانتهاكات غير المقبولة والاستفزازات الدائمة لجموع المسلمين حول العالم تحت لافتة حرية الرأي والتعبير الزائفة".
ودعت المؤسسة الدينية الأبرز، حكومات الدول الإسلامية والعربية إلى اتخاذ مواقف جادة وموحدة تجاه تلك الانتهاكات التي لا يمكن قبولها بأي حال من الأحوال، والتي تحمل إجراماً وتطرفاً تجاه المقدسات الإسلامية.
وعقب دعوة الأزهر الشريف، أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية والإسلامية حملة لمقاطعة المنتجات السويدية، عقب سماح السلطات هناك بتنظيم احتجاج صغير أمام مسجد، شهد حرق المصحف الشريف.
ودعا البرلمان العربي الشعوب العربية والإسلامية إلى مقاطعة المنتجات السويدية وعدم السفر إلى السويد، مطالباً الدول العربية والإسلامية باتخاذ مواقف جادة في هذا الصدد لنصرة الدين الإسلامي والمصحف الشريف.
كذلك، دعا البرلمان برلمانات العالم إلى إصدار قرارات حاسمة بوجوب مقاطعة المنتجات السويدية ومنع التعامل معها، وتأكيدها ضرورة احترام الدين الإسلامي السمح الذي يدعو إلى السلام والتآخي ويرفض الدعوة للكراهية والحض على العنف.
وفي بلدان عربية عدة أطلق ناشطون على مواقع التواصل حملة واسعة لمقاطعة المنتجات والخدمات السويدية، رداً على سماح السلطات السويدية بتنظيم احتجاج شهد حرق المصحف الشريف وبحماية الشرطة.
وأعلنت جمعيات تعاونية في الكويت وعدة دول إسلامية مقاطعة المنتجات السويدية بعد حرق أحد المتطرفين نسخة من القرآن الكريم في العاصمة السويدية استوكهولم.
وقال النائب الكويتي حمد المطر، إن ما تعجز عنه الحكومات، تحققه الشعوب، مؤكداً أن قرآننا خط أحمر، ونحن بحاجة إلى حملة فردية وجماعية تقودها مؤسسات المجتمع المدني لمقاطعة السويد اقتصادياً، داعياً الجمعيات التعاونية للبدء بحملة مقاطعة المنتجات السويدية.