فيما تواجه دولة الاحتلال تحدياً جديدا يتمثل في تراجع سرديتها الإعلامية في العديد من دول العالم أمام تقدم الرواية الفلسطينية على مجريات الصراع في الاراضي المحتلة، فقد شرعت وزارة خارجية الاحتلال بإجراء العديد من الأنشطة الميدانية التي تشمل مسيرات وبنوك معلومات ومظاهرات، تشرف عليها الوفود الإسرائيلية في المؤسسات الأكاديمية في أمريكا الشمالية، في ضوء زيادة حالات التضامن مع الفلسطينيين.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، زعم أن "الحملة الاسرائيلية تأتي بهدف العودة للسيطرة على السردية الإعلامية، حيث شهدت الأشهر الأخيرة زيادة بأنشطتها المتكررة في الولايات المتحدة من أجل إظهار وجود اسرائيلي هائل في حرم الجامعات المرموقة، ويتم تنفيذ هذه الإجراءات بتوجيه من وزير الخارجية إيلي كوهين بعد الإعلان في يناير عن ارتفاع معاداة السامية في مقار الحرم الجامعي الأمريكي بنسبة 50٪".
وأضاف أنه "منذ بداية العام الجاري نظمت السفارة الإسرائيلية في واشنطن العاصمة، والقنصليات الإسرائيلية المنتشرة في الولايات المتحدة، خاصة في نيويورك وبوسطن وميامي وأتلانتا وشيكاغو وهيوستن وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، أنشطة مختلفة لتقوية الرسائل الدعائية الإسرائيلية، وتمت الأنشطة بحضور آلاف الأمريكيين، وبشكل رئيسي أمام الطلاب في المؤسسات التعليمية الرئيسية في أمريكا الشمالية، ممن يعتبرون جيل المستقبل للقيادة الأمريكية".
وأوضح أنه "في جامعة إلينوي، التي تعتبر واحدة من معاقل حركة BDS في الولايات المتحدة، روجت القنصلية الإسرائيلية في شيكاغو لمظاهرة دعم لإسرائيل بالتعاون مع منظمة (الاحتياطيات على الجبهة)، وفي سان فرانسيسكو، روجت القنصلية لمظاهرة مؤيدة لإسرائيل هذه المرة في حرم جامعة بيركلي بقيادة منظمة (تيكفا)، ردًا على معارضة التصويت في مجلس الشيوخ لتبني تعريف معاداة السامية حسب التحالف الدولي للحفاظ على إحياء ذكرى المحرقة (IHRA)".
وأشار إلى أنه "خلال مناسبة إحياء ذكرى النكبة في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك في أيار/ مايو، حدث نشاط آخر هذه المرة بمبادرة من القنصلية الإسرائيلية وبالتعاون مع منظمة End Jew Hatred، كما نُظمت أحداث دعم إضافية في حرم جامعة كاليفورنيا في سان دييغو كجزء من (أسبوع إسرائيل)، وشملت هذه الأحداث مظاهرات داعمة وأكشاك إعلامية ومحاضرات ومعرضًا لعرض الرواية الإسرائيلية، وفي جامعة تكساس، واحدة من أكبر المؤسسات في الولايات المتحدة، شهدت نشاطا داعما لإسرائيل بالتعاون مع منظمة (هيليل) ومنظمة الجالية الإسرائيلية الأمريكية IAC، بمشاركة 500 طالب".
وزير الخارجية كوهين زعم أن "إسرائيل تعود للسيطرة على السردية، ومن المهم أن يعرف الكثير من الشباب الأمريكي حقيقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة في الجامعات المهمة في أمريكا الشمالية التي تنمي جيل المستقبل من القيادة، حيث بدأت سفاراتنا في جميع ولاياتها عملية دراماتيكية من النشاط المتزايد أمام هذا الجمهور المهم للتغلب على الرواية الفلسطينية، وسنكون هناك حيثما دعت الحاجة، بزعم أن دولة الاحتلال ليبرالية تشترك في قيم متطابقة مع الولايات المتحدة، حليفنا الأكبر والأهم، ويجب على الجميع معرفة ذلك".
آساف سيغيف مدير إدارة القنصليات الأمريكية بوزارة الخارجية، قال إن "الجامعات في الولايات المتحدة ساحة تحدٍ لدولة الاحتلال وللطلاب الإسرائيليين واليهود الذين يتعاملون مع زيادة حالات معاداة السامية ونزع الشرعية عنهم، وتعمل الوزارة في الأشهر الأخيرة من خلال ممثلياتها في جميع أنحاء الولايات المتحدة وبالتعاون مع السلطات المحلية من أجل إنشاء رسائلنا، وتوسيع دائرة الدعم لإسرائيل، كجزء من خطة العمل السنوية".
تأتي هذه الفعاليات الإسرائيلية في ضوء اعترافها بقدرة الفلسطينيين على تسويق روايتهم الإعلامية على مستوى الرأي العام العالمي، في الوقت الذي ظهر فيه ضعف سردية الاحتلال، وفشله بترويجها، رغم امتلاكه قدرات وإمكانات دعائية كبيرة، واكتفائه بتوجيه اتهامات قاسية لوسائل الإعلام العالمية بزعم أنها خضعت لرواية الفلسطينيين، ما جعل أوساط الاحتلال السياسية والإعلامية تنشغل بالحديث عن شكل جديد من المواجهة الدائرة مع الفلسطينيين، تتمثل بجبهة لم تكن مدرجة ضمن أجندة الجيش والأجهزة الأمنية في سنوات سابقة بذات الكثافة والدسامة الحاصلة حاليا، وهي جبهة الحرب على الرواية، أو ما يسميها الاحتلال معركة الوعي.