سجل العدوان الشرس والدموي على جنين غيابًا ملحوظًا للمجتمع الدولي. البلاد الأوروبية الداعمة (لإسرائيل) وأميركا غابت عن الفضاء الإعلامي والسياسي في أثناء الاقتحام الإسرائيلي لجنين على مدى يومين كاملين، قبل الاندحار بعدما خلف تدميرًا هائلًا في جنين، إضافة لاستشهاد (١٢) مواطنًا، وجرح (١٤٠)، واعتقال (١٢٠).
دولة واحدة هي النرويج انتقدت الهجوم الإسرائيلي على جنين عبر تغريدة لوزيرة الخارجية، وبقية دول أوروبا لاذت بالصمت، ولكنها أرسلت لاحقًا وبعد أيام وفدًا يتفقد الدمار في جنين، الوفد تضمن (٣٠) مندوبًا أوروبيا زاروا المخيم المدمر تحت علم وكالة الغوث (أونروا).
ننقل أخبار الموقف الأوروبي والأميركي لنقول لمن يعولون على إنصاف المجتمع الدولي ورعايته، وبالذات الأميركي والأوروبي: يجدر بكم أن تراجعوا أفكاركم ومواقفكم عن الدور الدولي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث أثبتت وقائع كثيرة، وجنين أخيرًا، أنه لا دور جيد للمجتمع الدولي، وبالذات الغربي. أوروبا تدعم (إسرائيل) حتى عندما ترتكب (إسرائيل) مذابح تستحق الاستنكار.
جنين تفضح المواقف الأوروبية، والسياسة الأميركية، وتنتقد السياسات الفلسطينية التي تعلي من قيمة المجتمع الدولي في الصراع وتحقيق العدالة، ما يعني أن الرعاية الأميركية ليست ذات قيمة إيجابية للحقوق الفلسطينية، وكذا الدور الأوروبي ليس ذا قيمة في تحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
دولة النرويج هي الدولة الوحيدة التي انتقدت هجمات الاحتلال العنيفة على جنين، وبقية الدول لم تُبدِ رأيًا. ومن لا ينتقد القتل والتدمير في جنين لا يمكنه أن ينتقد الاحتلال، ولن يقول إن الاحتلال هو أساس المشكلة، ويجب على المحتل أن يرحل.
الوفد الزائر لجنين وفد ينظر في حجم التدمير فقط، ولا ينظر في مسؤولية الاحتلال عنه، وقصارى ما يخرج عن الوفد هو تقرير يصف مشاهد التدمير، التي قد تسفر عن مساعدات إنسانية للمواطنين عبر أونروا. جنين في حاجة للمساعدات الإنسانية بعد هذا الدمار الشامل، ولكن جنين لم تقاوم من أجل المساعدات، بل قاومت من أجل الحرية، من أجل طرد الاحتلال، ومن ثمة ستبقى قضية المقاومة مشتعلة لحين زوال الاحتلال.