كشفت مصادر خاصة لوكالة "فلسطين الآن" الإخبارية، كواليس زيارة وفد حركة "فتح"، إلى مخيم جنين بعد إنتهاء العدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن ارتقاء 12 شهيدًا وإلحاق أضرار كبيرة بمنازل المواطنين وبالبنية التحتية في المدينة.
وأكدت المصادر، أن وفد فتح حاول جاهدًا إخفاء خبر الزيارة عن الصحافة، حيث أن أكثر من 30 صحفيًا فلسطينيًا يعملون مع وكالات محلية وعالمية، قاموا بتغطية زيارة وفد الاتحاد الأوروبي ووفد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لمخيم جنين يوم أمس السبت، ولم يكون لديهم أية معلومات تتعلق بتواجد وفدًا آخر –وفد اللجنة المركزية لحركة فتح برئاسة نائب رئيس الحركة محمود العالول- في المكان ذاته.
وأوضحت أن اللجنة المركزية أخفت ذلك حتى عن الصحفيين ووسائل الإعلام المحسوبة عليها، حيث لوحظ غياب فريق تلفزيون فلسطين، رغم أن الوفد ضم المشرف العام على الإعلام الحكومي أحمد عساف، والطاقم الإعلامي الوحيد الذي تواجد هو تلفزيون عودة، الذي تملكه وتديره حركة فتح أيضاً.
واحتاطت حركة فتح بشكل سري حول الجمهور الذي سيكون على إطلاع وتواجد في مكان زيارة الوفد –زيارة رد الاعتبار- بعد طرد وفد لفتح من المخيم قبل عدة أيام، حيث كان في استقبالهم على مدخل المخيم، المعروف لدى أهل المخيم بـ"منطقة القوسة" محافظ جنين أكرم رجوب وأمين سر فتح في جنين عطا أبو ارميلة، وعضو المجلس الثوري جمال حويل، الذي ظهر وهو يحمل بندقية من نوع M16.
مصدر خاص ومطلع على خبايا الزيارة، أكد لـ"فلسطين الآن" أن حادثة طرد وفد فتح برئاسة العالول خلال مواراة شهداء اجتياح المخيم ظهر الأربعاء الماضي أصابت فتح في مقتل وتسببت بصدمة على أعلى المستويات، وتراشق داخلي للاتهامات بشأن ما جرى والمسؤول عنه.
لذلك، فقد تم الترتيب لعودة فتح إلى المخيم، لكن بطريقة غير معلنة، والالتقاء بأشخاص مسلحين على أنهم من "كتيبة جنين"، في محاولة لإظهار أن المقاومة في جنين تلقى دعماً من فتح، وأنها ترفض الموقف الشعبي الذي طرد الوفد.
يقول "كل شيء كان مدروساً، استغلال الإنشغال الإعلامي وأهالي المخيم بالوفد الأوروبي، والاتفاق مع مسلحين محسوبين على حركة فتح للظهور والترحيب بالوفد وتحديداً العالول في المخيم، وحتى مونتاج اللقطات التي خرجت إلى الإعلام كانت محسوبة".
ويتساءل المصدر "هل سبق وظهر مقاومون من الكتيبة على العلن ودون تغطية وجوههم بهذا الشكل؟ هم مطاردون للاحتلال وقد يعمل على قصف مكان وجودهم بالطائرات دون تردد!! إذن من هؤلاء وكيف يدعون أنهم يمثلون المقاومة في المخيم!
وشدد على أن كتيبة جنين فعلاً لا علاقة لها بحادثة طرد وفد فتح، فمن طردهم هم أبناء المخيم الذين يدركون تماماً مدى التقصير والخذلان الذي قامت به فتح سياسياً والسلطة أمنياً وعدم الدفاع عن المخيم، وإبقاء الأجهزة الأمنية مختبئة في مقراتها التي لا تبعد عن المخيم عشرات الأمتار، بل وإطلاق الرصاص وقنابل الغاز على المواطنين الذي خرجوا احتجاجاً على موقف السلطة وفتح عقب انسحاب الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن أبو ارميلة وحويل حاولا فعلا الدفع تجاه وجود شخصيات حقيقية من كتيبة جنين في استقبال وفد فتح، لكنهما سمعا جواباً واحداً لا ثاني له، وهو اشتراطها إطلاق الأجهزة الأمنية الفلسطينية، سراح قائد كتيبة جبع - سرايا القدس مراد ملايشة ومرافقه محمد براهمة، بعد اعتقالهما على حاجز طيار للأمن الوطني قرب طوباس خلال طريقهما لإسناد المقاومين في جنين. لكن أبو ارميلة وحويل يعلمان أن العالول وكل مركزية فتح لا تستطيع فعل ذلك.
ويشير المصدر إلى أن حويل تحديدا عمل على مدار الساعة لإنجاح الزيارة بأي شكل كان، فقد اتهمته بعض قيادات فتح بالتهاون مع مفتعلي الحادثة، خاصة أنه ظهر في مقطع فيديو مع الشخص الذي بدأ بالهتاف ضد الوفد بعد الحادثة فورا.
لكن الأخطر وفق المصدر أن حويل المعروف بمواقفه المعارضة لنهج السلطة وفتح، ودعمه للمقاومة، متهم بالأساس داخل فتح بأنه محسوب على القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، وتربطه علاقات وطيدة مع الجهاد الإسلامي على وجه الخصوص، لذلك سارع لنفي ذلك من خلال تصدره لاستقبال وفد فتح واتفاقه مع "مقاومين مزيفين"، لإرضاء قيادة فتح.
أما عن خط سير الوفد، فهو قصة أخرى، فبعد ظهورهم الأول والترحيب بهم على مدخل مخيم جنين، انتقلوا فوراً وعبر المركبات ومن خلال طريق خارجية، إلى الموقع الذي دفن فيه شهداء الاجتياح، والذي شهد حادثة طردهم.
يقول "هي خطوة معنوية لهم، أننا عدنا إلى المكان الذي خرجنا منه"، ويضيف "المضحك أنهم لم يخطو خطوة حقيقية واحدة داخل المخيم. لم يصلوا إلى أي حارة من حارته، لأنهم غير مطمئنين من عدم تكرار حادثة الطرد، لأنه فعليا على أرض الواقع لم يتغير شيء، وما زال الغضب من موقف السلطة والأجهزة الأمنية سيد الموقف".
يُذكر، أن أهالي جنين طردوا وفدًا من قيادات السلطة وأعضاء من اللجنة المركزية في حركة فتح، من تشييع جنازة شهداء المخيم صباح الأربعاء الماضي ورفضوا وجودهم بشكل تام في جنازة الشهداء الذين ارتقوا في عملية الدفاع عن المخيم.
رفض الأهالي وجود مسؤولي السلطة، هو احتجاج منهم على موقف السلطة تجاه العدوان الإسرائيلي على جنين، الذي وصفوه بـ"المُخزي".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد باشر، فجر الاثنين الماضي، أوسع عملية له منذ سنوات عدة في الضفة الغربية المحتلة، مستخدمًا مئات الجنود وجرافات عسكرية وموجهًا ضربات بمسيّرات، مما أسفر عن استشهاد 12 فلسطينيًّا وإصابة أكثر من 140 بينهم 30 بحالة حرجة.