السياسة مصالح، والمبادئ تبعًا للمصالح، ولا تحلّ محلها في عصرنا الحديث، هذا ما قالته وتقوله زيارة أردوغان الرئيس التركي للمملكة العربية السعودية.
التقى أردوغان بمحمد بن سلمان ولي العهد، وعقد معه مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية، إذ ستزود تركيا سلاح الجو السعودي بأسراب من مسيرات بيرقدار التركية التي حازت شهرة عالمية، وستقوم السعودية باستثمار مالي كبير في الأراضي التركية، وهو استثمار من شأنه تعزيز الثقة بالليرة التركية.
ثمَّ بيئة سياسية وغير سياسية في ٢٠٢٣م جعلت هذه الاتفاقيات ممكنة بعد أن كانت غير ممكنة في ٢٠١٦م مع تداعيات الانقلاب في تركيا، ولكن لمَّا فشل الانقلاب، وعزز أردوغان منصبه بالفوز في الانتخابات الأخيرة، صار ذلك ممكنًا تركيًا، وممكنًا سعوديًا، ولا سيما مع تفجر الحرب في أوكرانيا، والصراع غير المباشر بين روسيا وأميركا وأوروبا، ورغبة السعودية في تنويع مصادر السلاح والاقتصاد، كل ذلك جعل الممكن واقعًا مشهودًا.
لقد أثبتت الزعامة التركية، والزعامة السعودية، تفهمًا عاليًا للسياسات الدولية، وقدرة عالية على المناورة والإفادة من التقلّبات والتحولات لمصلحة بلديهما، ومن ثمَّ فإن من يثني على قدرات أردوغان، يجدر به أيضًا أن يمتدح قدرات ولي العهد السعودي، إذ أثبت الرجلان قدرتهما على تحقيق أفضل خدمة لبلديهما وسط هذا الخضم المتصارع دوليًا.
إننا في فلسطين ننظر للتقارب التركي السعودي والخليجي على أن له تأثيرات إيجابية على قضيتنا الفلسطينية، إذا ما اتفقت هذه الدول ذات التأثير المالي الكبير، والتأثير الاقتصادي الأكبر على جلب العدالة للفلسطينيين، والضغط على (إسرائيل) لإزالَة احتلالها.
إنَّ كل تقارب عربي عربي، وإسلامي إسلامي ، وعربي إسلامي، هو في نهاية المطاف يجعل ثمَّ أمل في عودة مفهوم (الأمة) في السياسة الدولية، وفي ذلك ما يخدم مصالح الدول والشعوب العربية والإسلامية، في ظل التكتلات الغربية والشرقية.