مع إقرار حلفاء أوكرانيا بتعثر هجومها المضاد على روسيا، إلا أن بعضهم يطيل أمله في تحقيق النجاح بحلول الشتاء، بينما يتوقع محللون أن تسير الحرب على وتيرة هادئة نسبيا، ودون حسم لسنوات، على غرار سيناريو حرب الكوريتين.
وتسبّب "إخفاق" الهجوم في وقوع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في "مأزق" بين القيادات السياسية والعسكرية لبلاده، وفق ما كشفته وسائل إعلام أميركية.
يعرض خبير عسكري وباحث في الشؤون العسكرية لموقع "سكاي نيوز عربية"، التكتيكات الروسية التي أعاقت تحقيق كييف لأهدافها، وكذلك التكتيكات الأوكرانية المعاكسة، والتي اضطرت في بعضها لاتباع أساليب من الحرب العالمية الأولى.
الهجوم المضاد أطلقته أوكرانيا 4 يونيو، بهدف استعادة المناطق التي سيطرت عليها روسيا (شبه جزيرة القرم، دونيستيك، لوغانستيك، زابوريجيا، خيرسون)، لكن لم ينجح حتى الآن سوى في استعادة قرى وبلدات صغيرة.
خلافات الجيش
كشفت مجلة "نيوزويك" وشبكة "سي. إن.إن" الأميركيتين، أن إخفاق الهجوم الأوكراني، والادعاءات غير الصحيحة بإلحاق خسائر فادحة بالدفاعات الروسية، أشعلا خلافات حادة بين المسؤولين في القيادة الأوكرانية، وصلت إلى حد تبادل الاتهامات بشأن المسؤول.
وجاء في تقريري وسيلتي الإعلام:
دفاعات موسكو لم تتأثر بأي شكل واضح نتيجة الهجوم الأوكراني.
الرئيس الأوكراني في مأزق، وعليه الاختيار بين مواصلة الهجوم والوقوع في فشل يكلفه كثيرا، أو أن يقبل هزيمة مدمرة سياسيا.
قيادات أوكرانية تريد الاستمرار في الهجوم الحالي والحفاظ على المكاسب المحدودة التي حققها، بينما يريد آخرون، ومنهم القائد العام للقوات المسلحة، فاليري زالوجني، الاستعداد لهجوم روسي محتمل في الشتاء.
بعض المسؤولين الأوكرانيين المدنيين يظنون أن قيادات في الجيش ضللتهم، وقدمت لهم صورة وردية عما يجري على الأرض.
نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن خبراء استراتيجيين توقعاتهم بأن تزيد قدرة أوكرانيا على القتال خلال الشتاء.
وارتكزوا في توقعاتهم على أنه خلال أشهر، ستكون القوات الأوكرانية اكتسبت المهارات والتدريب اللازمين لاستخدام الدبابات التي أرسلها لها الحلفاء، كما أنه سبق وأثبتت قدرتها على تفادي تحدّي الأمطار والثلوج باستخدام وحدات صغيرة ومعدات أخف في العمليات.
يربط ديميتري جورنبيرغ، الباحث في مركز التحليلات البحرية التابع لـ"البنتاغون"، بين مجريات حرب أوكرانيا وحرب الكوريتين عام 1950، قائلا إن المواجهة تسارعت خلال الأشهر الأولى، ثم حل الهدوء النسبي، لكن قد يستغرق الأمر سنوات حتى يدرك الطرفان ذلك.
تكتيكات أحبطت الهجوم الأوكراني
يشرح الخبير العسكري ميك ريان، جانبا من التكتيكات الروسية التي قيدت القوات الأوكرانية عن تحقيق التقدم المطلوب، خاصة ما يتعلق بالمخطط الدفاعي الذي طورته موسكو خلال أكثر من نصف عام:
الدفاعات الروسية خلقت موانع أرضية معتمدة على الجغرافيا لاستدراج القوات الأوكرانية إلى "فخ منطقة القتال".
الروس نجحوا في تفكيك الوحدات القتالية المشتركة؛ بقصد عزلها وتقليل عددها لتسهيل القضاء عليها.
الخطوط الدفاعية الروسية تُغطى بالمراقبة ووسائل الاستطلاع، بجانب التغطية النيرانية عبر منظومات الصواريخ والمدفعية بنوعيها الاعتيادي والصاروخي، وأيضا سلاح الجو من القاذفات والهليكوبتر الهجومية.
أساليب عتيقة
أما الباحث في الشؤون العسكرية، مينا عادل، فيعرض جانبا من خطط وتكتيكات الجيش الأوكراني لاختراق هذه الدفاعات، وكيف أعاقته موسكو:
استخدم الأوكرانيون حلولا ميدانية لإحداث عملية اختراق، مثل الكشف الحراري للكشف عن الألغام.
لم تكن نتيجة الهجوم مرضية؛ مما جعل القوات الأوكرانية تغير التكتيكات على هيئة تشكيلات أصغر ومتفرقة.
مع إخفاق الدعم الجوي الأوكراني بسبب الشبكة الدفاعية الجوية لموسكو، اتخذت أوكرانيا خططا أخرى عبر المدفعية أو المسيرات لدعم القوات المتقدّمة.
القوات الروسية أجبرت نظيرتها الأوكرانية على اعتماد طرق قديمة منذ الحرب العالمية الأولى، مثل حروب الخنادق للاستيلاء على الخندق تلو الآخر؛ ما يطيل الوقت المطلوب للاستيلاء على مساحة كبيرة من الأرض، ويستنزف القوات.