مع تزايد التهديدات الإسرائيلية لإيران على خلفية البرنامج النووي، وتصاعد المخاوف من إبرام اتفاق تطبيع مع السعودية يشمل الموافقة على إقامتها برنامجا نوويا سلميا، بدأت أصوات إسرائيلية جديدة تحذر من سباق نووي في المنطقة قد يجعل مصر هي المحطة التالية في الدور، ولا تبدي تفاؤلها بالنتيجة المحتملة لاندلاع سباق نووي في المنطقة، ووفقًا لهذه الأصوات الإسرائيلية فإنها مسألة وقت فقط حتى تحاول دول المنطقة امتلاك مثل هذه القدرة المتمثلة بالقنبلة النووية، ما يجعل الاحتلال أمام منطقة حافّة خطيرة.
المزاعم الإسرائيلية تتحدث أن المفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران حول برنامجها النووي، تعني ظهور منزلق قد يغري العديد من الدول لمحاكاتها. فيما يبدو التفتيش الدولي متساهل للغاية، ومن هنا نشأ الوضع الخطير من وجهة نظر الاحتلال، بزعم أن إيران خلقت سابقة خطيرة للغاية لم تحققها العديد من الدول، حين حصلت على اتفاق يسمح لها بتخصيب اليورانيوم، وتترك للعالم تفسير ما إذا كان نووياً عسكرياً أو لا.
مع العلم أن الاتفاق النووي آنذاك خلق منطقة رمادية دفعت دول المنطقة للوصول إليها كجزء من الثقل الموازن ضد إيران، مرة أخرى وفق التقدير الإسرائيلي، وهو اليوم الهدف الرئيس للسعودية، في حين تقف مصر خلفها بالفعل، ومن الواضح لجميع لاعبي المنطقة أن كل ما يتقرر في الشأن السعودي سيؤثر في المنطقة بالكامل، حيث سيُسمح لأي دولة بتخصيب اليورانيوم، وهذا محدد صراحة في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والقيد الوحيد الذي تم تأكيده هو استخدام هذه القدرة للأغراض السلمية فقط.
تتابع السعودية طوال هذه السنوات سلوك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي تعلم أنها دولة ضخمة لا يستطيع العالم أن يراقب كل مساحة من أراضيها، ما يجعل من الصيغة المحتملة التي تعيش معها دولة الاحتلال والولايات المتحدة أمام قيام المملكة بتخصيب اليورانيوم على أراضيها، ليس شيئا جيدا لهما، بل إنها تعزز الرؤية المثيرة لقلقهما، ويطرح تساؤلات عديدة حول كيفية تصرف العالم عندما يحدث هذا مع قدرتها النووية المتقدمة في المستقبل.
لا يتردد الاحتلال في الاعتراف أنه أمام مخاطرة كبيرة يجب أن يأخذها بعين الاعتبار، ما يجعلهم ينظرون للطلب السعودي بشكل مقلق، لأن التقديرات السائدة لديه أن تركيا ومصر هما الدولتان النوويتان التاليتان، فقد أنشأت مصر معهدًا للأبحاث النووية منذ عقود، ودرّبت مئات العلماء، وإذا حصلت السعودية الآن على بعض الموافقة للتخصيب محلياً، فإنهما ستكونان بلا شك المحطة التالية، حتى العراق لم يقل كلمته الأخيرة في محاولته الحصول على القدرة النووية أيضاً، ولا ضمانات لدى الاحتلال بأنه لن ينضم للسباق النووي في مرحلة ما.