ما فتئت دولة الاحتلال تستغل ما لديها من ثروات الغاز الطبيعي المسروق من أراضينا الفلسطينية المحتلة، ما يزيد من أطماعها لكي تتحول لتصبح حالة فريدة من نوعها على الصعيد الاقتصادي والاستراتيجي لاستغلال مقدراتها في مجال الطاقة. صحيح أن دوائر صنع القرار الإسرائيلي منشغلة حتى أخمص قدميها في جملة من الاضطرابات السياسية والمعارك القانونية والاحتجاجات المختلفة والنقاش العام، لكن يبدو مثيرًا للاهتمام فحص الأرقام الخاصة بالطاقة، خاصة في هذا الوقت الحساس الذي يعيشه العالم بحثاً عن مزيد من مواردها الجديدة والبديلة، عقب حرب أوكرانيا.
تتحدث البيانات والتقارير الإسرائيلية أن ما وصفته "التوفير التراكمي" لاقتصادها خلال العقد الماضي بفضل استخدام الغاز الطبيعي يصل إلى 316 مليار شيكل، منها 126 مليار شيكل لتوفير تكاليف الطاقة، والبقية للحد من تلوث الهواء وانبعاث الغازات الدفيئة. في ذات الفترة، جلبت دولة الاحتلال بشكل مباشر 19 مليار شيكل من الضرائب والإتاوات، ويتوقع أن تجلب 70 مليارًا أخرى بحلول عام 2030، مع أن متوسط سعر الغاز في دولة الاحتلال في الحقبة الزمنية عينها أقل من نصفه في أوروبا، مع الأخذ بعين الاعتبار تغير هذه المعطيات خلال العام ونصف العام المنصرمين منذ اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية.
في الوقت ذاته، فقد زادت نسبة اكتشاف المزيد من احتياطيات الغاز في دولة الاحتلال بنسبة 40%، ورغم زيادة استخداماته في الاقتصاد المحلي وتصديره الكبير ابتداء من عام 2020، لكن احتياطياته في الاقتصاد زادت، مع أن 80% من مصادر إنتاج الكهرباء مستقلة، في حين أن العودة لعام 2010، ستكشف وضعاً معاكساً تماماً، مفاده أن الاحتلال استورد 80% من مصادر الطاقة.
لا تخفي الأوساط الإسرائيلية الحاجة الماسة لتزويد السوق المحلية بالغاز، وفي الوقت ذاته مطلوب التوازن على صعيد الصادرات، فلا يكون أحدهما على حساب الآخر، بحيث يمكن اللجوء لتقسيم الأمرين على نسبة 50-50، بحيث تذهب نصف الكمية للسوق المحلية، والنصف الآخر يمكن تصديره، خاصة في ضوء محاولات أوروبا تنويع مصادر الطاقة، ما يستدعي تطوير وإيجاد المزيد من احتياطيات الغاز، وزيادة المنافسة، وجذب المزيد من الاستثمارات، ما يساعد السوق المحلية في الاستقرار والإمدادات.
الخلاصة الإسرائيلية أنه في غضون عشر سنوات، ستصل دولة الاحتلال إلى حالة من الاستقلال بنسبة 100٪ في مجال الطاقة، كما أن زيادة الصادرات ستساعد بشكل كبير في تعزيز العلاقات الجيو-سياسية، ما يمنحها مزيدًا من النفوذ السياسي مع الدول العربية والأوروبية، ويزيد من تأثيرها الخطير والمدمّر في الأداء السياسي لهذه العواصم.