تعتقد الولايات المتحدة أن الخلافات المتبقية فيما يتعلق بمقترح وقف إطلاق النار في غزة يمكن التغلب عليها، في وقت تُستأنف فيه المحادثات في القاهرة، اليوم الأربعاء. ويأتي هذا بعد أن بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليته في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، حيث لجأ أكثر من مليون فلسطيني هُجّروا بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ سبعة أشهر.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدرين مصريين قولهما إنّ جميع الوفود الخمسة المشاركة بمحادثات وقف إطلاق النار في غزة أمس الثلاثاء، وهي من حماس وإسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر، تجاوبت في القاهرة بشكل إيجابي مع استئناف المفاوضات، ومن المتوقع أن تستمر الاجتماعات صباح اليوم.
وذكر مصدر مطلع أنّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز سيسافر من القاهرة إلى إسرائيل في وقت لاحق من اليوم الأربعاء، للاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين.
ورفضت إسرائيل يوم الاثنين الاقتراح المكوّن من ثلاث مراحل الذي وافقت عليه حماس وقالت إنه غير مقبول لأنه يضم شروطاً مخففة. وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إنّ حماس قدّمت اقتراحاً معدّلاً وإن النص الجديد يشير إلى أن الفجوات المتبقية يمكن "سدّها تماماً". وفي تصريحاته أمس الثلاثاء، أحجم عن تقديم تفاصيل بشأن الشروط.
وقال البيت الأبيض إنه تم إبلاغه بأنّ معبر كرم أبو سالم سيعاد فتحه اليوم الأربعاء وأن شحنات الوقود عبر رفح ستستأنف في ذلك الوقت أيضاً. وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إسرائيل وحماس عدم ادخار أي جهد للاتفاق على هدنة.
ووصل وفد حركة حماس إلى العاصمة المصرية القاهرة، مساء الثلاثاء، لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وفي بيان عمّمته عبر "تليغرام"، قالت "حماس" إنّ الوفد يرأسه نائب رئيس مكتبها السياسي، خليل الحية، وقد وصل إلى القاهرة قادماً من الدوحة لـ"متابعة الجهود مع الإخوة الوسطاء في مصر وقطر، لإنجاز اتفاق وقف العدوان على شعبنا في قطاع غزة". ويضم الوفد، بالإضافة إلى الحية، كلاً من مسؤول ملف الأسرى في حماس زاهر جبارين، والقياديين غازي حمد ومحمد نصر. وحذر أسامة حمدان القيادي في حركة حماس، في حديثه للصحافيين من بيروت، أمس الثلاثاء، من أنه "لن يكون هناك وقف لإطلاق النار" إذا استمر العدوان الإسرائيلي في رفح.
وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، وصل الوفد الإسرائيلي المفاوض إلى العاصمة المصرية القاهرة، وسط تظاهرات أمام وزارة الأمن في تل أبيب تطالب بمنحه صلاحيات كبيرة من أجل التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وتتهم المعارضة في إسرائيل وذوو الأسرى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ"عرقلة" صفقة تبادل الأسرى مع حماس "لأغراض سياسية".
والثلاثاء، نقلت القناة "12" الإسرائيلية (خاصة) عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه قوله إنّ مهمة الوفد الإسرائيلي في القاهرة هي الاستماع وطرح أسئلة، دون أي صلاحيات لإجراء مفاوضات.
وحث الوزير بمجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، مساء الثلاثاء، الوفد الإسرائيلي للتفاوض في القاهرة على بذل قصارى جهده للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى مع حركة حماس. وقال غانتس، في تصريح للإعلام: "فريق التفاوض الذي ذهب إلى القاهرة ليس لديه تفويض للاستماع فحسب، بل عليه التزام ببذل قصارى جهده، والعمل للتوصل إلى الخطوط العريضة لصفقة"، وفق ما نقلته صحيفة هآرتس. وأردف غانتس، رئيس حزب "معسكر الدولة": "لن نيأس أبداً ولن نسمح أبداً بإدخال الاعتبارات السياسية في هذه القضية المقدسة".
وبخصوص رفح جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، قال غانتس إن العملية العسكرية التي بدأت في المدينة الاثنين "ستستمر وتتوسع حسب الضرورة". وجاءت تصريحات غانتس بعد وقت قصير من كلمة متلفزة لنتنياهو تحدث فيها عن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وقال نتنياهو: "وجهت تعليماتي للوفد الذي ذهب إلى القاهرة بالتمسك بالشروط اللازمة لإطلاق سراح مختطفينا والمتطلبات الأساسية لضمان أمن إسرائيل".
من جهته، اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، أمس الثلاثاء، أن إرسال وفد التفاوض إلى العاصمة المصرية القاهرة "خطأ"، داعياً إلى عدم الاستسلام للضغوط الدولية. وقال سموتريتش، زعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، في منشور له على منصة إكس، إنّ "سفر الوفد إلى القاهرة خطأ، وبمثابة وقوع في فخ التلاعب الذي نصبته حماس مع قطر ومصر"، على حد زعمه. وأضاف مشيراً إلى زعيم حماس في قطاع غزة: "هذا هو الوقت المناسب للضغط أكثر فأكثر على رقبة (يحيي) السنوار وحماس حتى يتم القضاء عليهما".
ورأى سموتريتش أن الحديث حالياً يجب أن يكون "بالنار فقط". وتابع موجهاً الحديث للمسؤولين الإسرائيليين: "يجب ألا تستسلموا للضغوط الدولية، ويجب ألا تتوقفوا حتى النصر واستسلام العدو، هذه هي حرب استقلالنا وعلينا أن ننتصر فيها". ولفت إلى أنه من أجل أن تنتصر إسرائيل في الحرب وحتى تتمكن من "قطع أنابيب الأكسجين عن حماس، عليها أن تتحرك اليوم وفق 3 نقاط تعيد الأمن إلى سكان الجنوب"، وهي "أولاً الاحتلال الكامل للمدينة ومنطقة رفح. ثانياً تدمير كافة شبكات الأنفاق في مدينة رفح والمنطقة المحيطة بها. وثالثاً الاستحواذ الكامل على محور فيلادلفيا ومعبر رفح". وأضاف: "بعد ذلك مباشرة سنواصل طريقنا إلى دير البلح والنصيرات ومعسكرات المنطقة الوسطى، واستكمال تفكيك كتائب حماس التي بقيت هناك".
وكانت حركة حماس قد أعلنت أن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أبلغ هاتفياً رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، مساء الاثنين، موافقة الحركة على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وتتجه الأنظار حالياً إلى الموقف الإسرائيلي على ضوء تصعيد الاحتلال حملته العسكرية على رفح.