تزداد العقبات أمام حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة مع احتمال انسحاب الأعضاء أمثال بيني غانتس وغادي آيزنكوت، ما سيضاعف الضغط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويضعه أمام خيارات صعبة.
الكاتب الإسرائيلي، بن كاسبيت، توقف مطولا عند الإنذار الأخير لغانتس، لأنه "أفسح المجال لمزيد من الحسابات السياسية، ومؤامرات الائتلاف والمعارضة، والنقاش الذي لا نهاية له حول ما إذا كان سينسحب من الحكومة أم لا، وإذا كان الأمر كذلك، فمتى، لأنه لم يتردد في اتهام رئيس الوزراء بأخذ اعتباراته الشخصية والحزبية في وقت الحرب بدلا من الاعتبارات الوطنية والأمنية، ما يعني أنه يوافق على تصريح يوآف غالانت".
وأضاف في مقال نشره موقع واللا، أن "حرب الوزراء الإسرائيليين تندلع فيما الواقع يتمثل في أن الدولة تعيش حربا طويلة وصعبة تهدد، في أي لحظة، بالانفجار، والتحول إلى حرب وجودية إقليمية، سبق أن حذرت منها الأوساط الأمنية والعسكرية بين تموز/ يوليو وتشرين الأول/ أكتوبر 2023، لكن نتنياهو الذي تلا عدداً لا يتوقف من هذه التحذيرات الاستراتيجية الدراماتيكية من رؤساء أجهزته الأمنية، لم يُصغ إليها، رغم أننا أمام تحذيرات خاصة غير منشورة سمعها من رؤساء الأركان والشاباك والموساد ومجلس الأمن القومي".
وأكد أنه "لم يتلق أي رئيس وزراء، في أي مرحلة من مراحل الدولة مثل هذا الكم الهائل من التحذيرات الخطيرة، التي تكاد تصل إلى حد الهستيريا، من الأشخاص المسؤولين عن أمنها، لكن المعروف أيضاً أن نتنياهو ظهر متعجرفًا، ومنتفخًا، ولم يأخذ الأمور على محمل الجدّ، وكل ما كان يهمه هو الاستمرار في إرضاء إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش، واتخاذ طرق ملتوية لدفع الانقلاب القضائي قدماً".
واستدرك بالقول إن "ذات التحذيرات التي يمكن سماعها هذه الأيام من رؤساء الأجهزة الأمنية، هي من نفس الأشخاص الذين حذروا قبل السابع من أكتوبر، ممن يعتقدون أن الخطر الأكبر والأكثر إلحاحاً الذي تواجهه الدولة في الوضع الحالي قد يتحول إلى كارثة حقيقية في أي لحظة، إذا اشتعلت الجبهة الشمالية، لأنه قد يحدث في وقت أقرب بكثير مما نعتقد، وحزام النار الذي أحاطوا به إسرائيل جاهز ومجهز، فيما هي ممزقة من الداخل، وتشبه الحوت الذي بدأ ينزف في الماء، ويجذب حشدا من أسماك القرش من كل مكان".
وأشار إلى أنه "يمكن أن نضيف لكل هذا الوضع القابل للاشتعال والخطير في الضفة الغربية، حيث يحاول شركاء نتنياهو باستمرار زيادة عدد المستوطنين ما يسفر عن مزيد من المخاطر والاحتكاك، ويحدث ذلك وسط غياب كامل للدولة التي تتجاهل هذه المخاوف، في حين أن رئيس وزرائها لديه مصلحة وحيدة هي الاستمرار في إرضاء شركائه على اليمين، من المتطرفين المهووسين بإشعال الحرائق، المؤمنين بـ’خطة الحسم’ أو الفوضى الكاملة، ومقتنعون أنه في كل مرة نتمكن فيها من الخلاص بفضل صلواتهم، وفي كل مرة تحدث كارثة هنا، يكون ذلك بسبب خطايانا".
وأضاف أن "غانتس قبل ساعات من إنذاره العلني فقد أعاد خلط الأوراق من جديد، فهو يطالب بإجابات وقرارات واضحة بشأن التجنيد، وصفقة المختطفين، و’اليوم التالي’ في غزة، ومن بين هذه القضايا الثلاث، تشكل قضية التجنيد أكبر خطر على عمر حكومة نتنياهو الكارثية، أما قضية ’اليوم التالي’ فهي العقبة الكبرى التي تقف الآن بين إسرائيل والإنجاز الاستراتيجي الدرامي الذي سيتضاءل، وتعتيم النتائج المروعة لأحداث السابع من أكتوبر، لكن علاقة نتنياهو الكارثية مع ابن غفير وسموتريتش تمنعه من التمتمة بكل ما يتعلق بالعملية السياسية، أو أي تدخل للسلطة الفلسطينية للحل في غزة".
وأوضح أن "دخول غانتس على الخط، ومحاولته إيقاظ نتنياهو، ستكون الخطوة الأخيرة قبل تخليه عنه، وحينها سيزداد الصدع، وستظهر عدم مسؤولية في زمن الحرب، فيما آلة السم قد حرقت كبد الدولة، رغم أنه سيكون ضيفاً على حفلة شواء يشارك فيها أعضاء الكنيست والوزراء اليمينيون الذين هاجموه مثل قطيع ضباع اجتمعوا على حمار وحشي جريح، رغم أنه انضم إلى نتنياهو مرتين لإنقاذ الدولة، لكنهم نسوا ذلك منذ زمن طويل، وفي هذه الحالة يظهر أن يائير لابيد زعيم المعارضة على حق حين لم ينضم إلى حكومات نتنياهو، وفضّل تشكيل معارضة من الخارج".
الخلاصة من هذا السرد الطويل للأزمة الإسرائيلية المستفحلة أن الاحتلال أمام رئيس وزراء يفعل بانتظام ما هو جيد له، ولكنه سيئ للدولة، ففي نهاية المطاف، يعرف أفضل من جميع الإسرائيليين حجم الضرر الذي يلحقه تحالفه الفاسد السام مع المتطرفين والمهووسين بإشعال الحرائق في الدولة وحولها، ويعلم أنه لا أحد يستطيع أن يدخل غزة في اليوم التالي إلا الفلسطينيون، ويعرف أن التحالف مع أمريكا أهم مليون مرة من التحالف مع المجانين حوله، يعرف ذلك، ما سيجعل من رحيل غانتس المتوقع كابوساً له، ولذلك فهو يرسل أتباعه المشاغبين لشتمه، ما يعني مزيدا من تسميم الأجواء بالفعل، لأنه مرعوب من احتمال أن يبقى قريبا هو وبن غفير وسموتريتش فقط.