باتت الحلبة الحزبية الإسرائيلية تقترب أكثر فأكثر مما يمكن وصفها لحظة الحقيقة التي يحتاج فيها كل طرف لإعلان مواقفه، وبدون مجاملات، أو نفاق، لأنه طيلة أشهر الحرب الثمانية، والحديث الإسرائيلي يدور عن "الكل" الاسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين، ورغم ذلك فقد أصبح من الواضح للجميع أننا أمام جهات متعارضة.
وتتضح هذه الخلافات المتنامية بين التيارات الحزبية في الاحتلال، وداخل أعضاء مجلس الوزراء، ولم يعد من الممكن اعتبارها سرا من أسرار الدولة، ما يستدعي أن نرى قريبا تصاعد تلك الخلافات، وانفراط عقد التحالفات المتوهمة.
أفيف بوشنسكي مراسل الشؤون الحزبية في القناة 12، ذكر أن "أساس الخلاف بين الحليفين الخصمين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس تعود في أساسها إلى رؤيتهما المتباينة حول تحقيق ما يدعيه الأول من "النصر المطلق"، وإعادة المختطفين، معاً وفي آن واحد، في حين يرى الأخير، ومعه عموم الجمهور الإسرائيليين، أن هذه فرضية بحاجة الى فك طلاسمها، لأنه منذ اليوم الأول للحرب عرف الجميع أن النصر فيها من جهة، وعودة المختطفين من جهة أخرى، خطان ينتهي بهما الأمر للاصطدام ببعضهما البعض".
وأضاف في مقال أنه "رغم كل ذلك، فقد استمر معظم السياسيين في ترديد هذا الشعار الفارغ، لكن السياسي الوحيد، حتى الآن، الذي قال صراحة إن إعادة المختطفين أولوية حتى بثمن إنهاء الحرب، هو رئيس المعارضة يائير لابيد، صحيح أن كلماته لم يكن لها صدى، لكنه الوحيد الذي هزّ الشجرة، حتى جاء رئيس الولايات المتحدة جو بايدن في خطابه، وقال كلمات واضحات مفادها "انسوا النصر المطلق"، أي بمعنى آخر: "عودة المختطفين مقابل إنهاء الحرب".
وأشار إلى أنه "بعد سيل التصريحات من كل الأطراف، داخل دولة الاحتلال وخارجها، داخل الائتلاف والمعارضة، فربما حان الوقت لتمزيق الأقنعة عن وجوه السياسيين، لأن الحقيقة تقول إن اصطدامهم ببعضهم البعض أمر لا مفر منه، بدليل أنه في يناير عارض 50 بالمئة من الجمهور وقف إطلاق النار مقابل عودة المختطفين، اليوم لو طرحنا عليهم ذات السؤال، فإن الأرقام ستقفز من 50 إلى 70 بالمائة وأكثر، والرسم البياني يتغير الآن، و40 بالمئة من الجمهور مستعدون بالفعل لإنهاء الحرب، بدون أي مقابل".
وأوضح أنه "إذا كان هذا هو اتجاه صناديق الاقتراع، فماذا سيقرر الزعماء الآن؟ أفترض أن نتنياهو، عندما يأتي لمخاطبة مجلسي الكونغرس، سيحاول مقارنة نفسه بالزعيم البريطاني ونستون تشيرتشل، ويقول شيئا على غرار "الدم والعرق والدموع"، ونحن نقاتل حتى النهاية، في حين أنه في غضون أيام قليلة، من المفترض أن ينفذ غانتس، السياسي الأكثر شعبية بين الإسرائيليين إنذاره هذا الأسبوع، ويستقيل من حكومة الحرب، خاصة بعدما تصادمت الخطوط بينه وبين شريكه نتنياهو، وألمح أصدقاؤه مثل شاؤول موفاز وغادي آيزنكوت بأنه يكفي، لا بد من الاستقالة".