"بلغت المحادثات بين الوسطاء الثلاثة المعنيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزّة (الولايات المتحدة وقطر ومصر) مع الوفد الإسرائيلي مرحلة متقدّمة لم يسبق أن بلغتها من قبل، لكن لا اتفاق بعد"؛ بهذه العبارة يختصر مصدر مطلع أجواء المفاوضات التي استضافتها الدوحة اليوم الجمعة وأمس الخميس.
وكشف المصدر لـ"العربي الجديد" أنّه جرى حلّ اثنين من المواضيع الأساسية الثلاثة العالقة، بشكل أوّلي، أما النقطة الأكثر تعقيداً، وهي إصرار الاحتلال الإسرائيلي على البقاء في محور نتساريم لتفتيش الفلسطينيين العائدين إلى شمال غزّة، فقد تعهّد الوفد الأميركي المفاوض برئاسة مدير الاستخبارات المركزية، ويليام بيرنز، بأن يحلّها الرئيس الأميركي جو بايدن مباشرة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ الوفد الإسرائيلي المفاوض أبدى رفضاً قاطعاً للانسحاب من نتساريم.
وأوضح المصدر أن الأميركيين بدوا في جولتي أمس واليوم أكثر نشاطاً وضغطاً على الطرف الإسرائيلي، وذلك لقناعتهم بأن اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يحول دون حصول ردّ إيراني عسكري ضدّ إسرائيلي، وهو ما تفيد معلومات بأنّ طهران موافقة عليه أيضاً.
وفي هذا السياق، فإن الوسطاء اتفقوا على إيصال التوافقات الأولية إلى حركة حماس لمعرفة ردّها، ثم مواصلة التفاوض قبل نهاية الأسبوع المقبل في القاهرة. كما يرجح أن يحصل يوم الأحد اجتماع طابعه عسكري (بين الجيشين الإسرائيلي والمصري بشكل أساسي) في القاهرة خاص بآليات وأماكن انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا باتجاه الشرق. وفي هذا الإطار، يكشف المصدر نفسه عن وجود اقتراح مصري بإجراء حوار فلسطيني - فلسطيني بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس في القاهرة خلال الأيام القريبة المقبلة، لا يناقش الوفاق الوطني ولا حكومة وحدة فلسطينية، بل حصراً للاتفاق على طرف فلسطيني يدير معبر رفح من الجهة الفلسطينية، ذلك أنّ المفاوضين المصريين أصرّوا على أن يعود المراقبون الأوروبيون إلى المعبر، وأن تستلمه السلطة الفلسطينية، وهو ما رفضه المفاوضون الإسرائيليون بشكل حاسم، وفق المصدر نفسه.
وتضيف المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد" أنّ الاتفاق على طرف يدير معبر رفح من الجهة الفلسطينية، في حال حصوله، سيكون مؤشراً مهماً إلى الجهة التي ستدير قطاع غزة في ما يسمى "اليوم التالي"، أي بعد انتهاء الحرب، لذلك فإنّ الاجتماع والاتفاق إن حصلا فسيكونان شديدي الأهمية.
وفي إطار التوافقات الأولية في يومي مفاوضات الدوحة، فقد تم الاتفاق على إدخال 600 طن مساعدات يومياً إلى غزة، وعلى إنشاء ثلاثة مكاتب ارتباط لتنفيذ بروتوكول المساعدات المدنية في عواصم البلدان الوسيطة في المفاوضات (الدوحة والقاهرة وواشنطن).
أما بخصوص الفيتو الإسرائيلي على الأسرى الفلسطينيين الذين قد يشملهم إطلاق السراح، فقد كشف المصدر نفسه أن إسرائيل خفّضت عدد الذين ترفض الإفراج عنهم من 120 إلى 65 أسيراً في غضون يومين من المفاوضات في الدوحة.
وفي ما يتعلق بمدى تأثير اتفاق محتمل حول غزّة على الردّ الإيراني العسكري ضدّ إسرائيل، فإنّ الأميركيين مقتنعون بأن إيران لن تردّ في حال تم التوصل إلى اتفاق.
وفي هذا الإطار، رجّحت معلومات لـ"العربي الجديد" أن يزور رئيس الوزراء، وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إيران، في الأيام المقبلة، لوضعها في أجواء المفاوضات الجارية حول غزّة، بما أنها قد تؤثر بشكل فعال على الوضع الإقليمي في حال امتنعت طهران عن الردّ عسكرياً إذا حصل اتفاق غزّة.